«الجبيلي».. عزبة صغيرة يبلغ عدد سكانها المئات من الأفراد. تقع علي مقربة من مركز إطسا محافظة الفيوم.. تفتقر إلي العديد من الخدمات والبنية التحتية.. مبانيها عبارة عن عشش متجاورة يعيش فيها أهالي تلك القرية.. أسرة متهالكة وأون بالية واسقف خشبية وحوائط قابلة للسقوط في أي وقت هي مقومات الحياة لدي السكان هناك.. أمنيتهم الوحيدة أن يزورهم اي مسئول للوقوف علي حقيقة الأوضاع المتردية التي يعيشون فيها.. معظم أطفال القرية خرجوا من المدارس لعدم قدرة أهاليهم علي علي دفع مصروفات الدراسة النساء تخرج في الصباح الباكر للعمل باليومية في الأراضي الزراعية.. والأزواج يعملون فواعلية.. المنازل مبنية من الطوب الني الذي يحوي بداخله زواحف وحشرات متوحشة. يؤكد وحيد عبدالغني أحد الأهالي أن جاره توفي بعد لدغة حية خرجت من الزراعات وعاشت معه في مسكنه عدة أيام مستطردا: «نحن نعيش أمواتا علي قيد الحياة, كل أمانينا هو الحصول علي لقمة العيش لأولادنا, وبعض الحوائط التي تحمينا من برد الشتاء القارس, نحيا علي مساعدات أهل الخير, ورمضان هو الموسم المفضل لدينا، حيث تكثر تلك المساعدات, ونتظر بفارغ الصبر عيد الأضحي من عام لآخر، حيث استقبال لحوم الأضاحي من أهل الخير والجمعيات الخيرية, ونحصل علي معاش التضامن الاجتماعي، ولكنه لا يكفي العيش الحاف, وأتمني مسكنا آدميا لي ولأولادي». تركنا وحيد وحيدا مع معاناته, وانتقلنا إلي أم بسمة، التي تقطن داخل غرفة بسيطة بمفردها, غرفة مساحتها مترين في مترين, الصرف الصحي أكل جدرانها والحشرات تملؤها ورائحتها تزكم الأنوف, تتمني أم بسمة الحصول علي شقة صغيرة تكمل بها حياتها قبل أن تموت داخل القبر الذي تعيش به الآن! سؤال ظل مطروح في اذهاننا بعد انتهاء اللقاء مع أم بسمة, هل يعرف السادة المسئولون طبيعة حياة أم بسمة وأخواتها؟.. هل يعلم المسئولون أن قاطني هذه القرية بلا ماء أو كهرباء أو صرف صحي؟.. سؤال انفرط من عدة أسئلة أخري ظلت تطاردنا ونحن نري الفقر يخيم علي سكان هذه القرية، مما يجعلنا نجزم بأن الجريمة هي خط تماس مع الفقر, فكلما انتشر الفقر زاد معدل الجريمة, وإذا أراد المسئولون الحد من انتشار الجريمة فعليهم أولا بوأدها من المنبع وهو محاربة الفقر.