أثار توقيت صدور حكم الإعدام الصادر ضد أحمد العلواني القيادي السني والنائب البرلماني السابق، غضب العشائر السنية في العراق الذين يحاول حيدر العبادي رئيس الحكومة الحالية استمالتهم إلي جانبه في الحرب ضد "داعش"، اذ إن الوضع في العراق لا يحتمل المزيد من الاستفزاز خاصة أن عشيرة البوعلوان - التي ينتمي إليها العلواني - هددت بالانسحاب من القتال ضد داعش في حال تنفيذ الحكم. وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالإعدام ضد العلواني بعد إدانته بجريمة "القتل العمد"، بعد أن اشتبك هو وحراسه مع قوة مشتركة من الجيش وقوات الطوارئ "سوات" (التابعة لوزارة الداخلية) العام الماضي، بعد فض اعتصام بالقوة شارك فيه العلواني بمدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار أواخر العام الماضي. وقتل شقيقه خلال هذه الاشتباكات وجرح ابن عمه إضافة إلي 15 آخرين من حرسه وأفراد أسرته وتم اعتقاله واقتياده إلي بغداد رغم أنه كان حينها نائبا في البرلمان العراقي. ويمثل العلواني رمزا عشائريا سنيا معارضا لحكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المتهم بممارسة التمييز الطائفي أثناء فترتي حكمه. ويري مراقبون أن تنظيم "داعش" استغل الاستياء الواسع لدي السنة وقام بتوسيع نفوذه حتي شن هجوما واسعا سيطر خلاله علي مساحات شاسعة في محافظات ذات أكثرية سنية في شمال وغرب البلاد. ويعد العلواني من القيادات السنية التي تصدرت مشهد الاحتجاجات التي استمرت لأشهر منذ أواخر 2012 حتي نهاية 2013، ضد سياسات حكومة المالكي، والتي كانوا يتهمونها بالطائفية وملاحقة أبناء السنة دون وجه حق عبر قوانين مكافحة الإرهاب. وجاء قرار اعدام العلواني وفقاً للمادة 406 من قانون العقوبات، ويشار إلي أن القرار قابل للطعن خلال مدة أقصاها 30 يوما، وسيرسل الحكم بعد فترة الطعن إلي رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري لتنفيذه، وكانت الهيئة الأولي في المحكمة الجنائية المركزية قد وجهت في 19 يناير الماضي، الاتهام "رسميا" إلي العلواني بالضلوع في العديد من العمليات "إلارهابية". وقد أعرب حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي عن انزعاجه من الحكم الصادر ضد العلواني قائلا: "إنه يبدو موجها ضد حكومته في وقت تشتد فيه الحاجة إلي لملمة كل الأطراف بما فيها عشائر محافظاتالغربية التي تقاتل ضد داعش الآن". وكان العبادي قد لمّح في جلسة جمعته مع نواب محافظة الأنبار الشهر الماضي بأنه سيسعي إلي إغلاق قضية العلواني والإفراج عنه، كما طالب القضاء بتأجيل الحكم أو حتي اللّجوء إلي حلول عشائرية لحل المشكلة. وقد حذر الشيخ عمر العلواني - أحد كبار شيوخ العشيرة - من أن نصف مقاتلي البوعلوان سوف ينسحبون إذا تم بالفعل إعدام العلواني في هذه الظروف، كما عبر العديد من وجهاء وشيوخ المدينة عن وجهة نظرهم في بيان اعلنوا فيه انه "في الوقت الذي يواجه أبناؤنا معركة مصيرية في محافظة الأنبار أمام تنظيم داعش الإرهابي وينزفون الدماء دفاعا عن الوطن بوجه المتطرفين والإرهابيين، تلقت عشائر الأنبار طعنة خنجر في الظهر هذا اليوم بإصدار الحكم المجحف ضد ولدها"، وأضافوا أن "هذا القرار ستكون له تداعيات كبيرة علي الوضع الأمني في المحافظة وسيؤدي إلي إثارة النقمة ضد حكومة بغداد، لأنها تذكرهم بسياسات الحكومة السابقة التي استبشروا خيرا برحيلها". كما دعت عشائر الأنبار رئيس الجمهورية بما منحه الدستور من صلاحيات للتدخل لإلغاء الحكم بأسرع وقت، كما دعت رئيسي الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري للتدخل كذلك "لمحاصرة الأزمة وإلغاء هذه الأحكام الجائرة حفاظا علي العراق من خطر داعش والإرهاب وحفاظا علي معنويات عشائرنا في معركة المصير ضد الإرهاب". يذكر أن عددا من المؤشرات كانت تشير إلي أن النية مبيتة لإعدام العلواني من بينها منع محاميه من مناقشة شهود الإثبات وجميعهم من ضباط قوات "سوات" التي داهمت منزل العلواني وقتلت شقيقه واعتقلته، وايضا رفض المحكمة استدعاء شهود عيان كانوا في مكان الحادث وقت وقوعه بحجة أنهم من أقارب العلواني. ولد أحمد سليمان العلواني في 27 أبريل 1969، وهو من سكان مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، حصل علي الدكتوراه في علم الجيولوجيا من كلية العلوم بجامعة بغداد، وكان عضوا بالبرلمان العراقي لدورتين من عام 2005 حتي 2014، وهو من الوجوه البارزة بعشيرة البوعلوان. عرف العلواني بموقفه المعارض وبشدة، لإيران والسياسيين العراقيين المنبطحين تحت أقدامها، ففي كل لقاءاته التلفزيونية ومؤتمراته الصحفية كان ينتقدهم وبشكل لاذع لدرجة أن بعض السياسيين طالبوا برفع الحصانة عنه، وقدموا ضده دعوي قضائية أبطلتها المحكمة. وكانت قضية أهل السنّة والجماعة، والإقليم السنّي شغله الشاغل طيلة السنوات الماضية، إلا أنه ركز في الفترة الأخيرة علي ما يتعرّض له المكون السنّي من حملة كبيرة تشنها الحكومة العراقية ضده، حيث أوغلت في قتل أبنائه وتهجير عوائله، والزج بشبابه إلي السجون منذ احتلال العراق، وكان يعتقد أن الإقليم هو الخيار الوحيد لأهل السنة في العراق. الكرة الان في ملعب الرئيس العراقي ورئيس حكومته، فهل يعدم العلواني وتزداد نقمة اهل السنة ويتراجعون بالتالي عن دعم الحرب علي داعش، أم يؤثر النظام السلامة ويعفو عن العلواني؟