إن تداعيات التبرئة تثير الغضب وتشعل الفتن وتزيد المسافة اتساعاً بين الشعب والدولة في وقت نحن في أمس الحاجة للالتفاف لبناء الوطن الحكم علي من سرقوا الوطن وأهانوا الشعب 30 سنة «براءة»، لا تعقيب علي حكم القضاء، لأنه يحكم بالأدلة والأوراق التي أمامه، وهناك فرق بين الحكم بالقانون في ساحة القضاء والحكم الذي يصدره شعب علي رئيسه، الحكم المدني يختلف عن الحكم الثوري، لم نكن نريد محاكمات مدنية لمبارك ورموز نظامه، لم تكن هذه مطالبنا، مطالب شعب عاني وكابد لأكثر من ثلاثين عاما، عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو طالبنا بمحاكمات ثورية تتناسب والمرحلة الثورية، من إذن الذي طالب بالمحاكمات المدنية؟ إنها النخبة وجماعة الإخوان الذين رفضوا المحاكم الثورية وأصروا علي المحاكمات المدنية ثم يتباكون الآن علي حقوق الشهداء ويصنعون الفتن بين فئات الشعب، هذه الحقوق التي لم تؤخذ رغم مرور أربع سنوات، من قتل ثوار 25 يناير، من قتل عماد عفت واحمد الجندي، من قتل ضباط الشرطة وجنود جيشنا، من فتح وحرق السجون وقتل ومثل بجثث الضباط، لا أحد يعلم، حتي الحكومة وأجهزة الدولة لاتعلم! وهذا من مبكيات هذا الزمن أن لا أحد يعلم ولم يُقدم القاتل للمحاكمة، وإذا قُدم تختفي الأدلة والبراهين، وكأن اللهو الخفي أو الطرف الثالث لم يظهر بعد. مبارك ليس بريئاً حتي ولو أكد ذلك حكم القضاء، مبارك مسئول مسئولية مباشرة عما يحدث لشعبه ووطنه، وكل مسئول يجب أن يحاسب حتي ولو لم يقتل بيديه، حتي ولو لم يكن يعلم لأن عدم علمه مصيبة أكبر يجب أن يحاسب عليها حساباً عسيراً، لهذا كانت المحاكمات الثورية هي الأفضل لأنه لا يوجد قانون يحاكم علي الجرائم السياسية، أين نحن من قول أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه «لو تعثرت دابة في العراق لخشيت ان يُسأل عنها عمر: لمَ لم يمهد لها الطريق؟»، أما أن يبرأ مبارك من قتل المتظاهرين لأن الأدلة طُمست وسُرقت ويفلت هو ووزير داخليته ورجال نظامه فهذا من المبكيات المضحكات، فهل لنا من فاروق آخر يأتي بحقوقنا الضائعة؟!. قبل أن ينطق القاضي بالحكم علي مبارك بالبراءة قام بإدانته، هو يعلم علم اليقين أنه مدان، ولكن ليس في الأوراق التي أمامه ما يثبت إدانته. إن مبارك ونجليه ورجال نظامه ارتكبوا من الجرائم السياسية ما يفوق حد الجرائم الجنائية، وحتي الآن لم يحاسبوا لأن محاكماتهم مدنية وليست سياسية، فلا يوجد نص قانوني يحاكم علي الجرائم السياسية وهو ما يجب أن نطالب ونصر عليه بعد إجراء الانتخابات البرلمانية حتي لا يفلت الجاني في حق الوطن من العقاب، نريد قوانين لتشكيل المحاكم السياسية للحكام والمسئولين لا محاكم جنائية. فلا يعقل أن تقوم ثورتان علي المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والقضاء علي الفساد ويُقتل في سبيل ذلك المئات ثم نبرئ المسئول عن ذلك، وكأن ثورة لم تقم، إن تداعيات التبرئة تثير الغضب وتشعل الفتن وتزيد المسافة اتساعاً بين الشعب والدولة في وقت نحن في أمس الحاجة للالتفاف لبناء الوطن والقضاء علي جماعات إرهابية دولية تريد الفتك بنا، فمن فعل ويفعل بنا ذلك..؟ ومن سيبادر لتصحيح المسار بإعادة المحاكمات لكل من مبارك ومرسي اللذين أهانا الوطن، أفسدا ونهبا خيراته، وقتلا ثواره، إنها جرائم لا تسقط بالتقادم ولا يمحوها التاريخ. حين يتهلل زميلنا الصحفي والإعلامي أحمد موسي فرحاً علي قناة صدي البلد عقب الإعلان بحكم البراءة ويجري اتصالاً علي الهواء بمبارك مؤكداً أنه سبق إعلامي، متحدياً مشاعر غالبية الشعب المصري وأسر الشهداء المكلومين، نقول له: «عيب».