عم صابر : كل ما أتمناه هو أن ترخص الدولة هذه المهنة تراه ينحني ليحمل فوق ظهره همومه المتراكمة بعدد سنوات عمره... يجز علي أسنانه، وتكاد قدماه تنفلت وتسقط علي الأرض من ثقل الحمولة التي يحملها فوق عربته الحديدية ذات العجلتين المستديرتين، وتسمع صوته يتغني بكلمات رنانة لإحدي الأغنيات الشعبية القديمة، قائلاً: «شيال الهموم من يومي... والدنيا عامت علي عومي »، وكأنه يرثي حاله، ويصبر نفسه علي تلك الظروف الصعبة التي اضطرته إلي العمل بمثل هذه المهنة الشاقة وهو في هذا العمر المتقدم، وينظر بكامل تركيزه إلي طريقه الذي يكاد يكون قد حفظ جميع خطواته. «انكتب عليا الشقي من يوم ما شفت الدنيا».. بهذه الكلمات بدأ صابر محمد أو كما يلقبونه ب «عم صابر»، والبالغ من العمر 60 عاماً، حديثه إلينا ليروي لنا قصة كفاحه مع الحياة، ويقول: «أعمل شيالا بمنطقة الموسكي منذ 30 سنة، حيث أقوم بتحميل البضائع التي يشتريها أحد الزبائن أو تجار الجملة فوق عربتي الحديدية وأسير بها بين الأزقة والحارات والشوارع المختلفة حتي أحملها علي السيارة الخاصة بالتاجر أو الزبون». ويستطرد «عم صابر» قائلاً: «أسير علي قدمي وأنا أحمل فوق ظهري أحيانا البضائع لمسافة قد تصل نحو 4 محطات مترو، كما أنني أسير يومياً من شارع المعز حتي أصل إلي شارع أحمد ماهر، وثقل حمولة البضائع تترواح بين 150 كيلو جراما و500 كيلو جرام أي ما يعادل نصف طن وسعر «النقلة» يترواح من 7 جنيهات إلي 20 جنيهاً حسب وزنها». وعن معاناة المهنة يقول: «المشكلة الكبيرة التي أواجهها هي مطاردات البلدية وحملات الإزالة، فعلي الرغم من كبر سني إلا أنني أعاني معاناة شديدة وأتحمل ما لا يستطيع أن يتحمله أي شاب، فالدولة مازالت تنظر لي وكأنني خارج عن القانون والشرطة حين تأخذ مني هذه العربة لا أجد قوت يومي، والبعض من رجال الشرطة يتعاملون معي وكأني مجرم، ولكني مستعد أن أعيش لآخر يوم في عمري أتعب وأشقي من أجل «لقمة» حلال، لكن كل ما أتمناه هو أن ترخص الدولة هذه المهنة وتقننها أو تراعي كبار السن بشكل عام وتتعامل معهم بشكل آدمي يحترم كبر سنهم».