كانت هناك فرص مواتية لحكومات ما قبل 25 يناير بالتركيز علي العناصر الكبيرة المؤثرة في خريطة الايرادات العامة طالعتنا وسائل الاعلام في العام الماضي عن برنامج تعهد العطاء أعلن فيه 40 مليارديرا بالتبرع بنصف ثرواتهم من خلال حملة بدأها كل من بيل جيتس ووارين بافيت وكان من أبرز المتعهدين في برنامج تعهد العطاء عمدة نيويورك مايكل بلومبرج الذي تعهد بدفع تسعة مليارات دولار أمريكي وتيد تيرنر عملاق الاعلام ومؤسس شبكة CNN الامريكية الذي أعلن تبرعه ب 900 مليون دولار كذلك المخرج جورج لوكاس الذي أعلن تبرعه بمليار ونصف مليار دولار وكان من بين المتعهدين أيضا لاري اريسون أحد مؤسسي شركة أوراكل، كما تبرع مؤسس الفيس بوك الملياردير مارك ذاكربرج بمبلغ 100 مليون دولار لصالح مدارس مدينة نيو آراك بولاية نيوجيرسي الامريكية وكشف مارك عن نيته إنشاء هيئة تعليمية تهتم بشئون التعليم. و اذا كانت الامة الامريكية في مقدمة الدول السبع الغنية في العالم ولديها هذه النوعية من رجال الاعمال ذوي الثقافة والمسئولية الاجتماعية العالية فان دولة نامية مثل مصر تحتاج الي مبادرة من هذا النوع حيث يقوم رجال الاعمال والمستثمرون المصريون بالتنازل عن نصف ثرواتهم لتمويل برامج المشروعات القومية العملاقة التي ستعود عليهم أيضا بالفائدة عندما تدور عجلة الانتاج وتتوافر فرص العمل لملايين المصريين وتزداد الدخول ويزداد معدل انفاقهم الاستهلاكي علي السلع التي تنتجها مصانع رجال الاعمال المصريين تطبيقا لمبدأ الاولوية لشراء ما صنع في مصر و لذلك لم يكن مستغربا أن يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مبادرته لانشاء صندوق تحيا مصر لتجميع تبرعات المصريين في الداخل والخارج وفي مقدمتهم رجال الاعمال الذين استفادوا كثيرا من مقدرات الاقتصاد المصري لجمع 100 مليار جنيه مصري للتمويل الذاتي للمشروعات القومية التي تخلق فرص عمل جديدة وتضخ الدماء في شرايين الاقتصاد المصري حيث تخبرنا ادبيات التنمية الاقتصادية أن التمويل الذاتي والاعتماد علي الذات هو الاساس في نهضة وتقدم الامم.وأمامنا الصين كمثال حي عندما بدأت برامجها الاقتصادية الطموحة في عام 1979 وشعر المواطن الصيني في الداخل والخارج بصدق التوجه الحكومي، تدفقت أموال المواطنين الصينيين لتنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبري في ظل بيئة قانونية مواتية ،و عندما لمست دول العالم النتائج الايجابية وتحسن المؤاشرات الاقتصادية في الصين بدأ الاستثمار الاجنبي يتدفق الي الصين واصبحت في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمار الاجنبي ومحصلة القول ان ضربة البداية تكون من المواطن المصري في الداخل والخارج. لقد كانت هناك فرص مواتية لحكومات ما قبل 25 يناير بالتركيز علي العناصر الكبيرة المؤثرة في خريطة الايرادات العامة بدلا من التركيز علي عناصر تؤدي للحصول علي بضعة مليارات لا تسمن ولا تغني من جوع بل وتؤثر علي الطبقة الفقيرة لصالح الاغنياء الذين كانوا يستفيدون بأكثر من 80 % من حجم الدعم بينما لا يؤدون واجباتهم نحو الدولة فقد كانت الفرصة مواتية ومازالت لمراجعة عقود الاسكان الفاخر في التجمعات الفاخرة مثل مدن الرحاب والسيلمانية ومدينة السادس من أكتوبر و القاهرة الجديدة والساحل الشمالي وخليج السويس فكلها – علي حد تعبير احدي طالبات الدراسات العليا في مناقشة عن ازمة الاسكان- هي اسكان فاخر وفيلات وشقق مليونية للطبقات الغنية يستحوذ الفرد والاسرة علي عدة فلل وشقق مليونية في المجمعات السكنية الفاخرة وبالتالي فانه استثمار غير موجه لحل أزمة الاسكان في مصر وعلي نفس المنوال كانت حكومات ما قبل ثورة 25 يناير تزود المجمعات السكنية الفاخرة والاحياء الراقية بكل الخدمات من غاز طبيعي ومواصلات علي حساب المناطق والاحياء الفقيرة. و كان أمامها فرصة عظيمة لمقاسمة هذه الكيانات الفاخرة في الدخل لتحصيل حق الدولة لتنمية المناطق الفقيرة وبناء مجتمعات عمرانية للطبقات الشعبية وسد عجز الموازنة العامة للدولة وسداد جزء لا يستهان به من الدين المحلي . وللحديث بقية.