اسمه كارلوس سليم حلو, مكسيكي من أصل لبناني, أصبح الآن أغني أغنياء العالم للعام الثالث علي التوالي بثروة تقدر بتسعة وستين مليار دولار هو الحياة الموزونة الثابتة والصامدة الصالحة العتيدة العنيدة والمتحدية. ءوها هو بيل جيتس, أحد أكبر أقطاب صناعة البرمجيات يحتل المركز الثاني بعدما أصبح يربح أكثر من تسعة آلاف وخمسمائة دولار في الدقيقة لتصل قيمة ثروته إلي واحد وستين مليار دولار. أما وارن بافيت الذي يوصف بأنه أعظم مستثمر في الأسهم في التاريخ وهو مالك مجموعة بيركشاير هاثاواي الاستثمارية فقد احتل المركز الثالث بثروة قدرها أربعة وأربعون مليار دولار. واحتفظ الفرنسي برنار أرنو أغني شخص في أوروبا بالمركز الرابع وكانت أصغر امرأة عصامية هي الأربعينية سارة بلاكلي صاحبة مؤسسة'' سبانكس'' لملابس النساء الداخلية وتبلغ قيمة ثروتها مليار دولار. وقد جري تمثيل58 دولة في قائمة المليار ديرات التي تصدرها مجلة'' فوربس''والتي ضمت1226 شخصا يبلغ متوسط ثروة الواحد منهم7 ر3 مليار دولار. وضمت قائمة فوربس حوالي128 مليارديرا جديدا منهم الثلاثيني الكولومبي اليخاندرو سانتو دومينجو أغني ملياردير جديد في العالم بثروة بلغت5 ر9 مليار دولار وهو صاحب مجموعة سانتو دو مينجو بعد وفاة والده العام الماضي. وفضلا عن الأثرياء المعتادين الكبار في السن والورثة جاء مؤسس موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومديره التنفيذي مارك زوكر بيرج27 عاما في المرتبة35 بثروة قدرها5 ر17 مليار دولار. وقد أعلنت أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم عن خطط الشهر الماضي لطرح عام أولي سيجعل قيمة فيسبوك100 مليار دولار وقفز زوكربيرج17 مركزا, وزادت ثروته4 مليارات دولار في حين بلغ إجمالي ثروة أصحاب فيسبوك السبعة7 ر28 مليار دولار بما في ذلك5 ر3 مليار دولار لدستين موسكو فيتش 27 عاما زميل زوكر بيرج في جامعة هارفارد في السباق والذي أدرج في القائمة باعتباره أصغر رجل عصامي. وأبرز من هبطوا من قائمة هذا العام الروائية البريطانية جيه كيه رولينج مؤلفة سلسلة هاري بوتر بعدما تراجعت ثروتها لأقل من مليار دولار ويرجع ذلك جزئيا إلي معدلات ضريبية عالية في بريطانيا وتبرعها بحوالي150 مليون دولار للأعمال الخيرية. وهبط من القائمة ايضا جيم بالسيلي الرئيس التنفيذي المشارك والرئيس المشارك لمجوعة ريسيرش ان موشن المنتجة لهواتف بلاكبيري وتصدرت الولاياتالمتحدة مجددا القائمة برصيد425 مليارديرا, وذلك دون أن تتأثر علي مايبدو من حركة'' احتلوا وول ستريت'' التي سعت إلي تسليط الضوء علي عدم المساواة في الدخل. وتجاوزت روسيا الصين لتحتل المركز الثاني ولديها96 مليارديرا مقابل95 مليارديرا للصين, ودخلت المغرب القائمة للمرة الأولي بثلاثة مليارديرات, وتصدرت موسكو جميع مدن العالم حيث يوجد بها78 مليارديرا, تليها نيويورك وبها58 مليارديرا, ثم لندن وبها39 مليارديرا. جبال الثروات باختصار فإن كل ما يقال عن زلزال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لم ينل كثيرا من ثروات أغني أغنياء العالم, وإن كان هذا لا يمنع أن أثري عشرين مليارديرا خسروا أكثر من احد عشر مليار دولار من أموالهم الساخنة في البورصات يوم الثلاثاء الماضي فقط جراء هبوط أسعار الأسهم بتأثير تفاقم الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو. ولكن إجمالا زادت القيمة الإجمالية لثروات أصحاب المليارات في قائمة مجلة فوربس إلي مستوي قياسي بلغ أربعة تريليونات وستمائة مليار دولار. كما ارتفع عدد المليارديرات أيضا إلي مستوي قياسي بلغ ألفا ومائتين وستة وعشرين مليارديرا. هؤلاء المليارديرات صاروا يستحوذون علي ما يعادل أكثر من سبعة في المائة من الدخل العالمي رغم أنهم لا يشكلون سوي أقل بكثير جدا من واحد من مائة ألف من إجمالي سكان العالم. تضخم ثروات أغني أغنياء الدنيا يأتي فيما تطالب الأغلبية الكاسحة من شعوب العالم بشد الأحزمة علي البطون عبر خطط تقشف رفعت عدد العاطلين عن العمل إلي نحو مائتي مليون شخص, وعدد الجوعي إلي ما يقارب المليار شخص. في الصين وهل يمكن أن نتخيل أن الصين التي تتغني بعقيدتها الشيوعية صارت ثاني أكبر مستهلك للسلع الفاخرة علي وجه الأرض... الصين التي من المفترض أنها دولة الطبقة العاملة التي لا تملك سوي قوت يومها, سيقفز عدد المليونيرات فيها إلي أكثر من مليون مليونير بثروات يبلغ مجموعها حوالي تسعة تريليونات دولار خلال ثلاث سنوات. وعلي النقيض من هذا الثراء الفاحش الدخيل علي دولة ماو تسي تونغ يرزح في الريف الصيني حوالي تسعمائة مليون شخص تحت خط الفقر أو علي مقربة منه. أما في المدن فقد كسرت معدلات البطالة مستوي ستة في المائة وسط استمرار طرد الملايين من وظائفهم جراء تهاوي الطلب علي المنتجات الصينية في الخارج, وذلك جراء تواصل توابع زلزال الأزمة المالية والا قتصادية العالمية. هذه الاحتجاجات الشعبية ضد الفقر والبطالة والفساد والتي أصبحت تعد بالآلاف الآن في الصين... هذه الاحتجاجات أضحت نتيجة تبدو حتمية لما يعتبره كثيرون في الشارع الصيني خللا في توزيع ثمار التجربة الاقتصادية لثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقد بدأ القادة الصينيون علي ما يبدو يدركون العواقب المحتملة لما يوصف بالغليان الاقتصادي الاجتماعي الذي تعيشه الساحة الصينية الآن, وهو الغليان الذي قد ينذر بغليان سياسي قد يتخذ من الحراك الأممي العالمي الراهن خاصة الربيع الثوري العربي نموذجا له. ومن هنا جاء إعلان الرئيس الصيني وين جياباو خلال الاجتماع السنوي لأعلي سلطة تشريعية في البلاد مؤخرا تغيير الإستراتيجية الاقتصادية للدولة الصينية عبر التركيز علي بناء طبقة متوسطة متماسكة, وتقليص الفوارق بين الطبقات, والحد من غلاء المعيشة, وإتاحة الملايين من فرص العمل أمام المواطنين الذين يشعرون بأنهم لم يجنوا من الاشتراكية سوي العرق ومن رأسمالية الدولة سوي دموع الحرمان. الفقراء والأغنياء نعم.. عصفت بالعالم واحدة من أشرس الأزمات المالية والاقتصادية في التاريخ وكادت دول بأكملها ان تشهر إفلاسها في شرق الدنيا وغربها.. بل اكتوي السواد الأعظم من شعوب الأرض بخطط تقشفية حرمت الملايين من حقهم في الرعاية الاجتماعية, ورغم هذا كله فان أغنياء العالم يزدادون غني وفقراءه يزدادون فقرا. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلي أن قائمة أغني أغنياء العالم لم تأخذ في اعتبارها ثروات السياسيين الفاسدين وعائلاتهم وهي الثروات التي جري تكديسها بل واستثمارها في أحضان المنظومة الرأسمالية الجائزة الحالية. وتشكل الانتفاضات الشعبية العربية التي تتسارع وتيرتها الآن حسب مراقبين امتدادا لأحد المظاهر السياسية لهذا الخلل البنيوي في عملية توزيع الثروة ومن ثم السلطة في البنية الاقتصادية/ السياسية العالمية وذلك بعد تفشي ظاهرة التفاوت الطبقي الحاد الذي تحميه دكتاتوريات في الدول النامية. فقد كان هذا التفاوت بين النخبة الديكتاتورية الحاكمة وحلفائها من الرأسماليين الجدد الذين ساهمت في صنعهم سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين في البلدان الثائرة... كان هذا التفاوت من بين أبرز العوامل التي صنعت وفق كثيرين الشرارة الكبري لواحدة من كبري الحركات الثورية الأممية المتزامنة في التاريخ الحديث.