أصبح مشهد اقتحام المسجد الأقصي وتدنيسه من المشاهد التي تتكرر منذ سنوات دون رادع حقيقي لما تقوم به اسرائيل من انتهاكات متعمدة ولكن شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا غير مسبوق من الجانب الإسرائيلي وصل إلي حد تكسير وتحطيم حوائط داخل المسجد الاقصي مع إستمرار دخول المتطرفين لباحاته والاعتداء علي المرابطين المقدسيين الذين يواصلون الليل بالنهار للذود عن أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وسط صمت عربي وإسلامي لم يعد مقبولا مع تكرار زيارات نواب الكنيست للأقصي وتواصل عمليات تهويد القدس واستمرار الحفريات أسفل المسجد الأقصي التي تهدد سلامته. لمعرفة حقيقة ما يحدث داخل المسجد الأقصي كان حديثي مع أحمد قريع مسئول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس المجلس الإستشاري لحركة فتح، حيث قال: أولا ما يجري يتم من خلال مخطط معتمد من جانب الإحتلال الإسرائيلي ويهدف إلي أمرين إما ان يهدم المسجد الأقصي ويبني مكانه الهيكل المزعوم أو تقسيم المسجد الأقصي زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود كما فعلوا مع الحرم الإبراهيمي.والفلسطينين لم يدخروا جهدا للتصدي لهذه الحملة برجالهم ونسائهم وأطفالهم وشيوخهم والجميع يدرك خطورة ما يتعرض له الاقصي. ونحن بحاجة لموقف عربي واسلامي يعلي الصوت فلم تعد القضية خافية علي الإطلاق وليس هناك مجال للاجتهاد أو المناورة او المساومة. إنه عدوان مخطط واتحمل مسئولية ما أقول والقدس مستهدفة بالكامل والاقصي كذلك. وممارساتهم التي بدأها شارون باقتحامه للاقصي اصبحت انتهاكات وتدنيسا يوميا لباحاته من قبل مسئولين اسرائيليين. قمة عربية عاجلة وفيما يتعلق بتأثير حالة انعدام الاستقرار في الوطن العربي علي قضية الأقصي يؤكد قريع تفهمه للاوضاع العربية الحالية لكنه يشير في الوقت ذاته الي أن مفتاح حل القضايا العربية موجود في القدس لذا فهو يري ضرورة ان تحدث وقفة عربية واسلامية جادة لحماية القدس والمقدسات الإسلامية لان ذلك سينعكس علي الوضع العربي كله. والأقصي يحتاج قمة عربية عاجلة تبحث وتقرر وترسم سياسة وخطة عمل علي الصعيد العربي والدولي وتحرك في اتجاه جميع المنظمات الدولية لأن عدم حل القضية الفلسطينية حتي جعلها مادة للتطرف. وعندها اصابتني الدهشة تساءلت هل لازلنا نبحث عن بيانات الشجب والادانة دون تحرك علي الارض لوقف الاعتداءات الاسرائيلية..فكان رده أنه نعم اسرائيل لا تهتم ببيانات الشجب والادانة لكن إثارة القضية في المنظمات الدولية سيكون له تأثير عندما نقول ان الاقصي خط أحمر. تهويد القدس وكي تكون الصورة أوضح بلغة الأرقام تحدثت مع دكتور حسن خاطر الامين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس ورئيس مركز القدس الدولي عن الوضع الحالي في المدينة في فقال: لا نبالغ ان قلنا ان القدس اليوم تغرق في دوامة التهويد، وتوشك أن تلفظ أنفاسها العربية والاسلامية بسبب هذا الطوفان التهويدي الذي يجتاح كل ما هو عربي واسلامي، فقد تمت مصادرة معظم الأراضي حيث خصص للاستيطان حوالي 42% وحوالي 30% لمساحات خضراء و17% لاغراض صهيونية رسمية وامنية و11% فقط هي كل ما تبقي في أيدي المقدسيين بما فيها كل المساحات المبنية والمستعملة من قبل العرب ورغم ذلك حتي هذه النسبة الضئيلة لم تسلم من المصادرة حيث يوجد ثماني بؤر استيطانية يعيش فيها 2000 مستوطن بين البيوت والمساكن العربية، اضافة الي أربعة الآف مستوطن وحوالي 100 بؤرة استيطانية تنتشر في قلب البلدة القديمة في القدس وتحاصر المسجد الأقصي وتحول حياة 33 ألف فلسطيني يعيشون في أقل من كيلو متر مربع الي جحيم لا يطاق، وحياة المقدسيين تستمر داخل أحزمة استيطانية تطوق المدينة وضواحيها من كل جانب وتضم حوالي 300 ألف مستوطن في الجزء الشرقي وحده من المدينة وهذا العدد أصبح يفوق عدد المقدسين بحوالي 50 ألف مستوطن علي الأقل.وهناك أيضا جدار العزل العنصري الذي يطبق علي المدينة كالطوق المحكم وهو بطول 142كم ،وقد حول القدس الي سجن حقيقي اذ لم يعد بامكان المقدسيين الدخول او الخروج اليها الا من خلال 12 حاجزا عسكريا يتم التحكم فيها بشكل كامل،وقد ترتب علي بناء هذا الجدار اخراج حوالي 100 ألف مقدسي خارج السور وبات هؤلاء جميعا مهددين بسحب هوياتهم المقدسية.وقد أدي الاغلاق المستمر للقدس ومنع المصلين من الوصول اليها وكثرة الضرائب المفروضة علي أهلها الي تخريب أسواقها التجارية العريقة والي تدهور وضعها الاقتصادي مما أدي الي زيادة نسبة الفقر لتتجاوز 71% . الآثار الإسلامية والمسيحية وحول ما أصاب الآثار الإسلامية والمسيحية من أضرار أضاف دكتور حسن بأن آثار مدينة القدس كانت هدفا مباشرا للاحتلال علي مدار عقود من الزمن، حيث أدت اعمال الحفر المستمر تحت البلدة القديمة وتحت اساسات المسجد الأقصي وما عرف في الاعلام بشبكة الانفاق ،حيث أدي ذلك كله الي ظهور تصدعات في اساسات وجدران عدد كبير من الابنية في القدس القديمة اضافة الي تصدع وتشقق اساسات وجدران المسجد الأقصي، وقد سبق لي أن طالبت منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية بخطابات رسمية بضرورة الاسراع في تشكيل لجنة من خبراء دوليين لتقييم وضع المباني والمقدسات وحجم الضرر ومستوي الخطر الذي لحقها وخصوصا المسجد الأقصي وقد تلقيت خطابات من أمين عام الجامعة وأمين عام المنظمة بأهمية هذا الموضوع ،ولكن الي اليوم لم يتم القيام بأي اجراء فعلي علي الأرض بهذا الخصوص، وبالتالي فأنا أجدد هذا النداء من خلالكم الي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي للقيام بدورهما ازاء هذا الموضوع الخطير والعمل علي بلورة خطة عملية وتحرك سريع لانقاذ القدس والمقدسات قبل فوات الأوان، وأنا اؤكد من خلالكم أيضا أن اعمال الحفر ما زالت مستمرة تحت الأقصي وفي محيطه وفي عدة اماكن في البلدة القديمة وكذلك في منطقة سلوان ووادي حلوة . وعن قرار مصادقة الاحتلال علي بناء 2600 وحدة استيطانية جنوب غرب القدس يشير د. حسن أن هذا واحد من مشاريع استيطانية تمت المصادقة عليها أخيرا من قبل بلدية الاحتلال، وسيؤدي تنفيذه الي احكام عزل القدس عن محيطها العربي من الجهة الجنوبية المتجهة الي منطقة بيت لحم، كما أن المشروع يهدف أيضا الي تحقيق اطماع دولة الاحتلال برفع عدد اليهود في القدس الي مليون مستوطن بدلا من العدد الحالي (حوالي800 ألف مستوطن) ويؤكد أن كل هذه المشاريع وكل هذه المستوطنات التي بنيت أو التي يتم بناؤها تعتبر باطلة وغير شرعية بموجب القرارات والقوانين الدولية ،كما ان استمرار بنائها ووجودها يعد استهتارا بالمجتمع الدولي وقوانينه. كما ان هذه المستوطنات ستكون عقبة حقيقية امام قيام أي دولة فلسطينية وستجعل من امكانية ان تكون القدس عاصمتها أمرا شبه مستحيل. اقتحامات نواب الكنيست الشرارة الأولي للأحداث الأخيرة تشبه إلي حد كبير زيارة شارون في السابق التي أشعلت الإنتفاضة الفلسطينية الثانية حيث اقتحم نائب رئيس الكنيست موشيه فيجلين المسجد الاقصي ثم أطلق دعوته المسمومة للمستوطنين والمتطرفين لاقتحام الأقصي في الأعياد اليهودية وعن هذه الاقتحامات المتكررة للمتطرفين اليهود يقول طلب أبو عرار النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أنها تهدف للضغط علي الحكومة الإسرائيلية من أجل تغيير الوضع القائم في المسجد الاقصي لإحكام السيطرة عليه وتهيئة الرأي العام العالمي لفكرة تقسيمه كما حدث من قبل مع الحرم الإبراهيمي. والزيارات التي يقوم بها أعضاء الكنيست تتم دون ترتيب مسبق او معلن داخل الكنيست ودائما ما يرافق النواب عدد من المستوطنين ومؤيدوهم ويكونون في حماية الشرطة وذلك لإغضاب المسلمين وإثارة مشاعرهم خاصة وهم يمارسون طقوسهم وصلواتهم التلمودية داخل باحات الاقصي وهم بذلك يضربون عرض الحائط بكل الإتفاقيات الموقعة مع الأردن التي تحمل الوصاية علي المسجد الأقصي. وأضاف بان ما يحدث يوميا من اعتقالات واقتحامات وتحديد سن من يصلي في الأقصي كلها إجراءات لا تحتمل السكوت عنها وتتطلب تدخلا عاجلا من الملك عبد الله ومن الحكام العرب. وحول حقيقة الحديث عن اعتزام إسرائيل فتح باب جديد من أبواب المسجد الأقصي لدخول المستوطنين يقول: إنه إقتراح قدمه وزير السياحة الإسرائيلي المتطرف عوزي لاندوا الذي اراد فتح باب جديد غير باب المغاربة وهو ليس إقتراحا جديدا فقد دأب علي المطالبة بذلك مرارا. حماة الأقصي وقبل أن انهي الحديث عن واقع القدس والمسجد الأقصي كان من المهم أن أحاور أحد المرابطين يوميا في الأقصي وهو محمود أبو العطا المتحدث بإسم مؤسسة الأقصي للوقف والتراث وهو شاهد عيان علي الانتهاكات الإسرائيلية والاشتباكات اليومية مع المرابطين حماة الأقصي والذي وصف وضع المسجد الاقصي بأنه خطير وغير مسبوق منذ حرب الاحتلال عام 1967.فهناك إعتداءات وحصار يومي للمصلين والمعتكفين واخراجهم عنوة من المسجد في نفس الوقت الذي يدخل فيه المتطرفون اليهود، والهدف من ذلك تغيير الوضع القائم في الاقصي الي وضع جديد تحت عنوان «تقسيم الاقصي». وحول الدفاع عن المسجد يقول: من يدافع عن الاقصي هم أهل القدس وعرب 48 عبر نشاطات شد الرحال للمسجد واطلاق مسيرة اسمها البيارق يتم من خلالها التواجد الدائم والمبكر يوميا في الأقصي كذلك أنشطة مصاطب العلم. والجميع يدافعون عن المسجد عبر دوريات علي مدار ال 24 ساعة ويتعرضون لهجمة شرسة من قبل قوات الاحتلال من ضرب واعتقال والتنكيل والغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي الذي يسقط يوميا عشرات الجرحي.وهناك المئات من المعتقلين من المرابطين في الاقصي وكثير منهم يحكم عليهم لسنوات أو يسجنون لمدة 6 اشهر. وقد كنت متواجدا أول أمس عندما أعتدي الاحتلال الاسرائيلي علي مؤذن المسجد الأقصي وموظفي الأوقاف.وأشير هنا أن أهل قطاع غزة حرموا من زيارة القدس منذ عام 2000 واهل الضفة الغربية يسمح لهم الزيارة في اوقات محددة طوال العام وهذه السنة تحديدا منعوا من زيارة القدس كليا. مما يعني أن المقدسيين وعرب 48 هم حماة المسجد الأقصي علي الأرض.