شموئيل جونين «جوروديش» مع كل ذكري لحرب السادس من أكتوبر 73، تتزايد حدة الحساب وربما جلد الذات، التي تفرضها إسرائيل علي نفسها، تعبيراً عن مرارة الهزيمة غير المسبوقة، وفي ظل هذا الواقع ما زالت تحقيقات لجنة القاضي الإسرائيلي أجرانات المنوطة بالتحقيق في «المحدال» أوالقصور، تفرض نفسها بقوة علي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ومع كل إطلالة لذكري حرب يوم الغفران، تتكشف أسرار جديدة، تؤكد محاولات جنرالات الدولة العبرية تبادل الاتهامات حول المسئول عن هزيمة اسرائيل أمام المصريين في يوم الغفران. اليوم وبعد مرور اكثر من اربعة عقود لاتزال عقدة « المفاجأة» و» خطة الخداع» المصرية التي أشرف عليها الرئيس الراحل أنور السادات تتسلط علي تحليلات المراقبين الإسرائيليين. لم يكن مستغرباً أن تطول تحقيقات لجنة أجرانات الجنرال شموئيل جونين «جوروديش» قائد جبهة الجنوب الإسرائيلية، الذي عُزل من منصبه العسكري قبل أن تضع معارك أكتوبر أوزارها، لكنه وخلال مثوله في حينه أمام اللجنة، فجر قنابل مدوية، وكشف عن قصور فادح اعتري المؤسسة العسكرية والاستخباراتية في تل أبيب، إذ تكشف بروتوكولات أجرانات أنه طلب تعزيزات عسكرية للتعامل مع المصريين، إلا أنه طلبه قوبل بالرفض، واقترح خلال الحرب قصف منابع البترول في سيناء، لكن مباغتة المصريين وعبورهم القناة حال دون حصوله علي الرد من القيادة، وأضاف بحسب البروتوكولات: «لم يكن ذلك فقط، وإنما طلبت عشية الحرب إلغاء كافة الإجازات، لكن قائد غرفة العمليات في قيادة الأركان رفض الطلب، ولم يتم الموافقة عليه إلا بعد تهديدي من خلال ضابط الاستخبارات في قيادة الأركان، أنني سأتوجه بطلبي إلي قائد الأركان. وقال جوروديش في شهادته أيضاً: «في نفس اليوم طلبنا تعزيز وتسليح كافة الدبابات في سيناء، وجاء الرد علي الطلب «يمكن تسليح الدبابات ولكن لا يمكن تعزيزها بدبابات إضافية»، طلبنا وضع فرقة عسكرية إضافية في منطقة «رفيديم» العسكرية، ورغم الموافقة علي هذا الطلب، إلا أن قيادة الأركان رفضت طلبنا التزود بكتيبة مدفعية، كما رفضت غرفة عمليات قيادة الأركان مطالبنا، الرامية إلي تدعيم منظومة الانذارات في مستوطنة «ناحل يام»، والتزود بفصيلتين من سلاح المشاة، وتزويدنا بست دبابات جرافة، وسيارة تحمل جهاز رادار صغير، كما لم تستجب غرفة العمليات في قيادة الأركان لتزويدنا ب 11 طاقم دبابات في منطقة «شلومو»، ولم توافق إلا علي 5 طواقم فقط». ووفقاً لبروتوكولات لجنة أجرانات، عقد الجنرال الإسرائيلي جوروديش جلسة في مقر قيادة الأركان العامة قبل نشوب حرب أكتوبر بأقل من اربع وعشرين ساعة، وخلال الجلسة استعرض كيفية توخي وتعزيز اليقظة في المواقع العسكرية علي طول الجبهة الجنوبية المقابلة للمصريين، وكيفية صد أي هجوم مصري مرتقب علي إسرائيل. في ظهيرة يوم الجمعة، وقبل الهجوم المصري المباغت يوم السبت، لم يكن قائد الجبهة الجنوبية الإسرائيلية علي قناعة بالتقديرات، التي أشارت إلي أن الحرب ستنشُب غداً، وعن ذلك يقول: «حتي ذلك الوقت لم أعلم ولم أعتقد أن الحرب ستنشب غداً، ففي حين لم أحدد توقيتاً لذلك، كنت علي يقين بأن خيار الحرب لم يعد قابلاً للتأويل أوالشك». وفيما يتعلق باقتراحه إضرام النار في منابع النفط بسيناء لإحباط محاولة المصريين عبور قناة السويس، يقول جوروديش في إفادته: «قلت في حينه أن الإقدام علي تلك الخطوة قبل نشوب الحرب سيردع المصريين، وتحدثت حول هذا الاقتراح بعد ظهر الخامس من اكتوبر، وأمرت القيادة بتنفيذ الاقتراح ليلة السابع من أكتوبر، لكن المصريين حالوا دون تنفيذ الاقتراح بعبورهم القناة».