خريطة توضح مدينة عزة وميناء العريش منذ نشأة الكيان الصهيوني علي أرض دولة فلسطينالمحتلة وهو يعتمد افراغ هذه الارض من سكانها الاصليين عبر سياسة التوطين بمعني إيجاد أوطان بديلة للفلسطينيين في الدول المجاورة كي يتخلص ممن بقي منهم علي قيد الحياة بعد عمليات الأبادة الجماعية للفلسطينيين لاقامة دولة يهودية خالصة. وعلي مدي السنوات الماضية قدمت أمريكا الراعي الرسمي لدولة الإرهاب الإسرائيلية اقتراحاتها بتوطين اللاجئين الفلسطينين في الدول العربية المجاورة وكان آخرها اقتراح جون كيري في يناير الماضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن أوكندا كي لا يطالبوا مجددا بحق العودة لفلسطين. أما الفلسطينيون في الداخل وفي غزة تحديدا كان التخطيط لهم أكثر دهاءا. فليست الدعوة المسمومة الأخيرة التي أطلقها وزير البيئة الإسرائيلي للخلاص من أهل غزة عبر صفقة تتضمن تنازل مصر عن مساحات من الأراضي في سيناء حتي مدينة العريش، ومنحها للفلسطينيين كي يستوطنوها بالشئ الجديد. فإسرائيل وضعت خطة تهجير الفلسطينيينلسيناء تعرف بحقل الأشواك منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولي عام 1991 وهنا الحديث عن إعادة المخطط وليس بداية التفكير فيه لأن كما ذكرنا، فان إسرائيل إعتمدت سياسة التوطين منذ نشأتها. وكان الكاتب الإسرائيلي عمير ارين قد ذكر في مقال نشر في هاارتس عام 2001 أن خطة تنفيذ حقل الأشواك وضعت في عام 1996 برعاية أمريكية. ونشرها الامريكي أنتوني كورديسمان الخبير في قضايا الشرق الأوسط في دراسة عام 2000 في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجبة الأمريكي وثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية. وتهدف الخطة إلي التخلص نهائيا من غزة كجزء من المناطق الفلسطينية وإجبار أكبر عدد ممكن من سكانها علي الرحيل باتجاه مصر. وتعتمد بداية المشروع علي التخطيط لإحداث شق بين حركتي حماس وفتح والإبقاء علي الضفة الغربية مجزأة تمزقها المستوطنات الإسرائيلية، وحصار الفلسطينيين في غزة والضغط عليهم لدفعهم نحو الاستيطان في شبه جزيرة سيناء، خاصة بعد أحداث الفوضي والاضطراب السياسي والاقتصادي التي تشهدها مصر.ووفقا لخطوات كورديسمان التنفيذية أعدت أمريكا وإسرائيل مدي زمني للخطة يستغرق 5 سنوات، يتم خلاله السماح للفلسطينيين بالهجرة إلي سيناء، بعد نشر الفوضي بها، وتشجيع العناصر الجهادية المسلحة علي استهداف عناصر الجيش المصري وتنفيذ عمليات انتحارية ضده، بحيث تتحول سيناء لبقعة غير قابلة للسيطرة عليها، وتنشط في ذلك التوقيت عمليات التهجير، لمختلف الفصائل الفلسطينية، مستغلين حالة الضعف والتدهور الأمني، مع إنتشار سيناريو الفوضي. وهو ما جاء علي لسان عدد من الصحفيين الاسرائيليين مثل ايلام شيراجا وعمير ارين في تقارير نشرت في هاارتس ويدعوت احرونوت منذ عام 2001 وعلي لسان المسئولين الإسرائيليين في تصريحات رسمية مثل رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال جيورا ايلاندعام 2004 وحديثه عن استحالة إقامة دولتين واقتراحه بتوسيع قطاع غزة تحت سيطرة حماس بأرض من صحراء سيناء المصرية.كل هذا يؤكد أن القصف الاسرائيلي والتضييق الاقتصادي علي غزة كان هدفه الاساسي تقطيع قطاع غزة والضفة الغربية من خلال عزل هذه المناطق عن بعضها البعض وشل السلطة الفلسطينية حتي تصبح عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها ازاء الشعب مثل المرافق والمعيشة. وهي المرحلة التي بدأ تنفيذها رئيس الوزراء الاسرائيلي اريل شارون. أما الآن فالخطة تمضي في مراحلها الأخيرة بعد تنفيذ أكثر من عدوان علي غزة وحصارها ينتظر الإسرائيليون أن تتنازل مصر عن أرضها بصفقة مصرية سعودية لتوطين الفلسطينيين كما أقترح وزير البيئة الإسرائيلي علي حكومته. وتناسي الإسرائيليون أن مصر ضحت بدماء خيرة شبابها كي تعيد أرض سيناء من براثن إحتلالهم علي مدار تاريخها وأنها ستظل تدافع عن كل ذرة رمل علي أرضها مهما أختلف الرؤساء ومهما تغيرت الحكومات ومهما كانت الظروف. وأن أهل غزة استوعبوا دروس الماضي ويموتون كل ساعة في بيوتهم ولا يهربون ومن تكتب له النجاة يعيش فوق أنقاض منزله ولكنه لا يترك ما بقي من أرضه لأنه الوطن.