وجوه عابسة، نفوس مكسورة ، تجار طفح بهم الكيل ، عمال تركوا اشغالهم وجلسوا في إنتظار الفرج ، أطعمة فاسدة تلقي يوميا في صناديق القمامة، ادوية تفقد صلاحيتها، سيدات تصرخ من تلف الأجهزة والأطعمة..هذه المشاهد تتكرر في كل مكان يتم قطع الكهرباء عنه، خاصة بعد تكرار عمليات الانقطاع لتصل في بعض المناطق الشعبية 3-4 مرات يوميا وبمدة لا تقل عن ساعة وقد تصل إلي ساعتين في كل مرة بينما يختلف الوضع في مناطق اخري يسكنها كبار المسئولين ومن بينهم وزير الكهرباء نفسه الذي يسكن حي الدقي. الأخبار» قامت بجولة ميدانية في بعض المناطق العشوائية لرصد معاناة سكانها مع الإنقطاع شبه الدائم للتيار.. وعلي الجانب الاخر رصدت عدم الانقطاع النهائي للكهرباء في المنطقة التي يقيم بها بعض كبار المسئولين خاصة وزير الكهرباء في الدقي. الأهالي : الأجهزة «باظت» والحال واقف و بيوتنا اتخربت البداية كانت من منطقة «بولاق ابو العلا» احد الاشخاص يجلس علي مقعده الخشبي داخل محله الصغير في انتظار قدوم الكهرباء.. قال حمدي الشيخ- «مكوجي «- مهنتي تعتمد بشكل كلي علي الكهرباء فهي مابين المغسلة والمكواة وليس لدي اي مصدر لعيشي سوي هذا المحل الذي وضعت فيه كل مااملك ليكون مصدر رزقي الحلال الذي يطعمني لآخر عمري وبعد ان اصبحت الكهرباء منقطعة طوال اليوم تقريبا اوشكت علي الجنون فأنا أكلم الشركة متوسلا إليهم أن يبقي ولو لبضع ساعات احصل فيهما مايكفي لقوت اليوم فكل دقيقة تمر والكهرباء منقطعة هي لقمة تسرق من رغيف طفلي كما ان الزبائن اصابهم الملل من كثرة سؤالها علي إمكانية استجابتي لمتطلباتهم وغالبا ماتكون الإجابة « معلش النور قاطع « وتكون النتيجة الحتمية انهم يستردون ملابسهم بعد عدم تمكني من غسلها. أدوية فاسدة احدي الصيدليات بالمنطقة جلس صاحبها مغلوبا علي أمره يضع يده علي قلبه متخوفا من ان تطيل الكهرباء غيابها فأدوية الثلاجة لا تتحمل إرتفاع درجات الحرارة يقول الدكتور محمد يونس « لم تسلم الصيدليات من عواقب إنقطاع التيار الكهربي وخاصة الصيدليات ذات الإمكانيات الضعيفة فبعض الأدوية لا تتحمل البقاء خارج الثلاجة. وفي منطقة فيصل بلغ غضب المواطنين ذروته فالكهرباء منقطعة طوال اليوم والجو شديد الحرارة فلم تتوقف خسائر إنقطاع الكهرباء علي العمال واصحاب المهن فقط بل ان ربات البيوت ايضا يصرخن مستغيثات من تلف الأجهزة الكهربائية بمختلف انواعها في المنزل بالإضافة إلي تلف الأطعمة الموجودة في الثلاجات من مجمدات وخضراوات وفواكه وغير ذلك بيتي اتخرب تروي سهير محمود ربة منزل مأساتها مع انقطاع التيار الكهربي قائلة « انا بيتي اتخرب بسبب قطع الكهرباء.. التلاجة باظت من كتر قطع التيار كل شوية وكل الأكل اللي فيها باظ وخزين الشهر اللي جايبينه كله راح في الزبالة هنجيب منين نصلح الأجهزة اللي باظت في البيت ولا نعوض الأكل اللي كل يوم بيترمي والغسالة اللي جبتها بالقسط برضه باظت..غير ان جوزي كمان دخله متأثر بقطع الكهربا يعني هنلاقيها منين ولا منين « ومن جانبها قالت عزة محمد - موظفة علي المعاش- :اعاني مع إبنتي واطفالها معاناة شديدة من قطع الكهرباء الدائم فالأطفال كادوا ان يصابوا بالصرع من الظلام الذي يخيم عليهم طوال اليوم وكلما سألونا عن السبب لا نجد مانبرر به لعقولهم تقبل فكرة الظلام المفروض عليهم ويزيد من صعوبة الوضع إنقطاع المياه الذي يصاحب إنقطاع الكهرباء. امبابة تعاني امامنطقة إمبابة فقد عشنا مع سكانها لحظات إنقطاع الكهرباء ومع حرارة الصيف الحارقة لم يتحمل التجار المكوث داخل محلاتهم فقد جلسوا بالخارج يسيطر الإحباط والغضب علي ملامحهم جميعا خالد وصل- تاجر مجمدات- جلس أمام محله يضع يده علي خده وهو ينظر بحسرة لثلاجاته التي تتلف بما فيها يوما يوما بعد يوم يقول خالد « علي مدي خمسين عاما مضت لم ار مارأيته هذه الفترة بسبب إنقطاع الكهرباء فأنا امر بأسوأ فترات حياتي. لم اعد احصل علي نصف دخلي واتحمل خسائر كبيرة بانقطاع الكهرباء.فاللحوم لا تتحمل درجة الحرارة العالية والكهرباء تظل منقطعة أكثر من ساعتين بمعدل ثلاث مرات يوميا علي الأقل مما يجعلني القي يوميا في صناديق القمامة مالا يقل عن ثلاثة أكياس من المجمدات بإختلاف انواعها. وقف حال وعلي بعد أمتار وقف أيمن عبد الخالق « ميكانيكي « يسابق الزمن لإصلاح أكبر عدد ممكن من السيارات قبل غروب الشمس لأنه لا يستطيع العمل في الظلام والكهرباء دائمة الإنقطاع ليلا يقول ايمن « تصليح السيارات هو مصدر رزقي الوحيد وبعد مأساة إنقطاع الكهرباء اصبحت اعود لبيتي بعد غروب الشمس وكأننا عدنا لأيام الجاهلية من جديد فمهنتي تحتاج لإنارة جيدة لرؤية دواخل السيارة ومن ثم تحديد سبب عطلها لذا اسعي جاهدا لانجاز عملي قبل الظلام. واثناء مرورنا بمستشفي إمبابه العام قال احد موظفيها « المستشفي لديه مولدات كهربية تقيها من إنقطاع الكهرباء ولذلك فنحن لا نشعر به داخل المستشفي وإن كانت اللحظات قليلة لا تتعدي الدقائق مابين إنقطاع الكهرباء وتشغيل المولد وبعد تحذير احد زملائه له من الحديث للصحف عاد الموظف وأكد عدم إنقطاع الكهرباء داخل المستشفي ابدا. وعلي بعد امتار قليلة يجلس طارق مصطفي موظف بحي شمال إمبابه في كشكه الصغير والذي اخبرنا بأن الكهرباء تنقطع يوميا اكثر من مرتين وتظل في كل مرة اكثر من ساعة مضيفا ان المستشفي يعمل بالمولدات الكهربية أثناء إنقطاع التيار الكهربي عنه. ومن جانبه يقول اشرف إبراهيم احد سكان المنطقة « ما يحدث لنا هو معاملة غير ادمية مؤكدا ان الكهرباء تنقطع بالساعات عن هذه المنطقة والغريب انها علي نفس خط المستشفي والمفترض ان خط المستشفي لا ينقطع عنه التيار معبرا عن مأساته اليومية للحصول علي رغيف الخبز من الفرن الموجود علي بعد امتار قليلة من مستشفي إمبابة فالكهرباء تظل منقطعة عن الفرن بالساعات اي من يريد الحصول علي الخبز عليه ان يأخذ اجازة من عمله للتفرغ إلي الجلوس امام الفرن منتظرا وصول الكهرباء الكبير كبير «باب النجار مش مخلع « هكذا الحال في الشارع الذي يقيم به وزير الكهرباء بالدقي ففي المنطقة المجاورة لمستشفي مصر الدولي كانت الحياة مختلفة تماما فالوجوه مبتسمة والسكان غير مكترثين بقضية إنقطاع الكهرباء والسبب بسيط ان الكهرباء لا تنقطع نهائيا عن هذا الشارع وبالتالي فلا توجد مشكلة بالنسبة لهم. محمد امين « سايس « بالمنطقة يبلغ من العمر ستين عاما يقول « الكهرباء لا تنقطع عن هذا الشارع نهائيا ولا حتي لدقائق معدودة ولذلك فالسكان هنا لا يشعرون بأي ازمة ناتجة عن إنقطاع الكهرباء موضحا بمجرد خروجي من هذه المنطقة وإنتقالي لأي من الأماكن الأخري اشعر بأنني سافرت لبلد غير البلد فمعاناة إنقطاع الكهرباء اصابت الشعب بالجنون واضاف امين ربما لا تقطع الكهرباء عن هذا الشارع لأن به العديد من القيادات والهيئات الرسمية. واضاف سالم امين حارس منزل السفير الكويتي بالمنطقة انه لا يشعر بأزمة إنقطاع الكهرباء في هذا المكان فالكهرباء لا تنقطع نهائيا عن الشارع ويرجع سالم السبب لكون المنطقة من ارقي مناطق القاهرة وبالتالي فالكهرباء لا تنقطع بها موضحا ان الكهرباء كانت تنقطع من قبل في هذه المنطقة شأنها شأن بقية المناطق . الدقي محظوظة ومن جانبه اكد عيد حسن احد بوابي العمارات تواجد التيار الكهربي دائما وعدم إنقطاعه عن هذا الشارع مضيفا ان خط شارع إسماعيل ابو الفتوح هو الذي لا تنقطع عنه الكهرباء نهائيا اما الخط المقابل وهو خط شارع المليحي فالكهرباء تنقطع فيه ولكن بالتنظيم ليس كما يحدث في المناطق الشعبية مضيفا « سمعت ان وزير الكهرباء يسكن في هذا الشارع علي نفس الخط ولكني لا اعلم مكانه تحديدا فربما يكون هذا هو السبب في عدم إنقطاع الكهرباء عن المنطقة. وفي جلسة سمر امام إحدي الحضانات بالمنطقة جمعت بين علاء انور وخالد محمد حراس الحضانة اكدوا عدم إنقطاع الكهرباء عن المنطقة بالرغم انها كانت تنقطع الفترة الماضية ويقول احدهم ربما يكون السبب في عدم إنقطاع الكهرباء عن هذه المنطقة هو وجود مستشفي كبير بحجم مستشفي مصر الدولي. الوزير والكهرباء يذكر ان وزير الكهرباء كان قد ارجع في احد التصريحات عدم انقطاع التيار بمنطقته الي وجود احد المستشفيات الكبري وبالتالي فالكهرباء لا تنقطع عن الخط التابع للمستشفي ككل في حين اكد محمود محمد احد موظفي المستشفي ان عدم انقطاع الكهرباء عن المستشفي أمر جديد وجيد موضحا ان الكهرباء كانت تنقطع عن المنطقة ككل مما كان يضطر المستشفي لتشغيل مولداتها الخاصة. .