شباب الجزائر رقصوا على كل شكل ولون دون أي ترتيب وبالصدفة البحتة كان قدري أن أقضي بضع ساعات في الجزائر عائدا من زيارة جرت في ظل ظروف صعبة يعيشها شعب الصحراء في الجمهورية العربية الصحراويةانتظارا للتوجه للمطار لكي نستقل الطائرة المتجهة إلي القاهرة صباح أول أمس الجمعة.. وعلي عجل قمت مع زملائي من الأهرام والأهرام المسائي وروز اليوسف بجولة سريعة جدا في شوارع الجزائر لكي تلتقط العيون وعدسات الكاميرات مشاهد خاطفة للشوارع والميادين والمباني التي مررنا بها. شاشات عملاقة في أكثر من ميدان بدأت الجماهير تتجمع أمامها وحولها منذ العصر.. وكما يحدث في مصر عند المباريات الهامة كان يوم مباراة الجزائر في مواجهة المنتخب الروسي فرصة لتجمع باعة الأعلام و» التيشرتات الخضراء « لتسويق كل ما يرمز لمنتخب « الخضر « للجماهير المتحمسة التي كانت في أشد الترقب والقلق وهي تضع يدها علي قلبها انتظارا لكي تدق الساعة التاسعة مساء بتوقيت الجزائر. .. ورغم القلق شعرنا بأن الجزائريين لديهم الثقة أن منتخبهم قادر علي عبور المنتخب الروسي ليصبح ليس فقط من كبار العالم ال16 في دولة كرة القدم بل ليكتب تاريخا جديدا مشرفا للمنتخب الجزائري باعتباره أول منتخب عربي يعبر إلي دور ال16 بعد أن ضاعت الفرصة عام 1982 عندما تآمر منتخبا ألمانيا والنمسا علي منتخب الجزائر ولعبا علي التعادل دون أن يلعب أحدهما للفوز علي الآخر حتي يخرج الجزائريون من الدور الأول وذلك انتقاما من للألمان الذين لقنهم الجزائريون درسا وهزموهم في تلك البطولة بهدفين لهدف وهي النتيجة التي قالت لي المواطنة الجزائرية هدي التي تعمل بالسوق الحرة في مطار وهران أنها تتمني أن يكررها «الخضر» في البرازيل كما فعلوها عام 82 في أسبانيا. مرافقنا في الجولة السريعة بشوارع الجزائراسمه «برادعي«.. وقد ظل اسمه مسار مداعبات بيننا وبينه طوال ساعات الجولة بمبادرة منه وبروحه الخفيفة قال أنه ينوي ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر حتي لا يعطي الفرصة للدكتور محمد «البرادعي« للمشاركة في الانتخابات.. ونظرا لضيق الوقت وحرصا من«برادعي» علي أن نعود بسرعة إلي دار الضيافة التي تقرر أن نقضي بها ليلتنا ظل يكرر بالعربية الفصحي جملة «الوقت يداهمنا» عندما يجدنا نتوقف للفرجة علي أي شئ يلفت نظرنا وذلك حرصا منه علي ألا يفوته أو يفوتنا موعد إطلاق صفارة الحكم إيذانا ببدء مباراة تقرير المصير المنتظرة. في التاسعة تماما كنت أنا والزميل العزيز محمد أمين المصري نائب رئيس تحرير « الأهرام « أمام شاشة التليفزيون في غرفة الإقامة بدار الضيافة نتابع المباراة ونتابع آهات الجماهير مع كل هجمة أو فرصة ضائعة.. وبمجرد أن أطلق الحكم صافرة النهاية معلنا عبور المنتخب الجزائري إلي دور ال16 مع الكبار إلا وانطلقت من كل اتجاه أصوات الألعاب النارية التي أضاءت السماوات في كل اتجاه. وما هي إلا لحظات إلا وكان أعضاء الوفد الإعلامي المصري كلهم في الشوارع لمشاركة الجماهير الجزائرية فرحتها، ومن ناحية أخري تسجيل الحدث بالكاميرات سواء بالصور الفوتوغرافية أو بالفيديو، وهو ما تستطيع أن تطلع عليه وتستمتع به وتعيشه عزيزي قارئ « الأخبار» المحترم وكأنك كنت معنا في الجزائر وذلك من خلال خدمة ال التي تعتبر نقلة وإضافة حقيقية قدمها زميلنا وأخونا وابن أخينا ياسر رزق رئيس مجلس ادارة صحف وإصدارات دارنا الحبيبة « أخبار اليوم» ورئيس تحرير «الأخبار». السيارات انطلقت في الشوارع حتي كادت حركة السير أن تتوقف تماما.. شباب ورجال كبار وبنات وسيدات وأطفال في عمر الزهور يلتحفون بعلم الجزائر تعلو أصواتهم بالهتاف الشهير « 1 2 3.. فيفا لالجيري «.. وبالمناسبة قال لي أحد الجزائريين أن الهتاف الشهير بثلاث لغات.. الأرقام بالانجليزية و» فيفا « باللغة الإسبانية واسم الجزائر «لالجيري« باللغة الفرنسية التي هي اللغة السائدة في كل مكان تتحرك فيه حتي أنك قد تعجز أحيانا إذا لم تكن تعرف الفرنسية عن التواصل مع بعض الجزائريين الذين لا يتحدثون إلا باللغة الفرنسية وكأنهم فرنسيون تماما. وعلي ناصية أحد الشوارع وقف مجموعة من الشباب بسياراتهم وفتحوا كاسيت السيارة علي موسيقي صاخبة وظلوا يتبادلون الرقص الفردي والجماعي، وكلما مرت بهم سيارة تنادي « فيفا لالجيري« أي تحيا الجزائر.. وعندما كنا نهنئ الشباب الجزائري بالفوز وبلوغ دور ال16 كانوا يقولون « وشكم حلو علينا.. الرئيس السيسي زارنا.. وأنتم الآن بيننا تحتفلون معنا.. شكرا لكم ولكل المصريين. تذكرت مقولة مرافقنا «برادعي» الوقت يداهمنا «عندما نظرت إلي ساعتي ورأيت أن وقت الفجر قد اقترب، وقلت لزملائي من الأهرام والمصري اليوم واليوم السابع والشروق.. حان وقت العودة إلي دار الضيافة لأن الوقت كان بالفعل قد داهمنا لأنه علينا أن نستيقظ في السادسة صباحا من أجل الذهاب إلي مطار هواري بومدين للحاق بطائرة الخطوط الجزائرية التي كان مقررا أن تعود بنا إلي القاهرة في التاسعة والنصف من صباح أول أمس الجمعة.