«عشماوي» يستقبل وفد الهيئة الليبية لضمان جودة التعليم لبحث التعاون المشترك    جامعة كفرالشيخ ال 518 عالميًا في تصنيف «يو إس نيوز» الأمريكي لعام 2025    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مستلزمات الطاقة الشمسية ب 200 مليون دولار    جيش الاحتلال يبدأ تنفيذ موجة جديدة من الهجمات على طهران    انخفاض الحرارة وأمطار.. تفاصيل حالة الطقس في مصر حتى الأحد 22 يونيو    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    ضبط 14 مركزا لعلاج الإدمان بدون ترخيص    تنفيذ 9264 عملية عيون للمرضى غير القادرين بأسوان    ب«34 خلسة».. إطلاق حملة لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة بدمياط الجديدة (تفاصيل)    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    وزير الدفاع الإسرائيلى: سنقصف رموزا سيادية وحكومية إضافية فى إيران قريبا    «جوتيريش» يطالب بالتحقيق في «قتلى الجوع» بغزة.. ويشدد على ضرورة إدخال المساعدات    قنصل مصر في نيويورك يدعم بعثة الأهلي    جامعة قناة السويس تطلق الدورة العاشرة في الاستراتيجية والأمن القومي    التعليم تكشف آلية توزيع الكتب المدرسية للمدارس الخاصة .. مستند    محافظ قنا يبحث مع البنك الزراعي المصري دعم المشروعات الزراعية وتعزيز الشراكة المجتمعية    تحرير 576 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 906 رخص خلال 24 ساعة    نتيجة الشهادة الإعدادية فى 7 محافظات بالاسم ورقم الجلوس    «الداخلية» تلاحق تجار الموت.. مصرع عنصرين وضبط مخدرات ب50 مليون جنيه    الموت يفجع الفنانة هايدي موسى    ارتفع أسعار النفط وسط مخاوف التوترات بشأن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران    بتكلفة تجاوزت 87 مليار جنيه.. «الصحة»: 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    "فات الميعاد" يتصدر المشاهدات وأسماء أبو اليزيد تشارك أول لحظات التصوير    بحضور رئيس جامعة حلوان.. رسالة علمية عن "منير كنعان" بمجمع الفنون والثقافة    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    تداول 11 الف طن بضائع و632 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    محافظ الدقهلية: تركيب رادارات ولوحات ارشادية لتقنين السرعات على دائري المنصورة    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    الهلال ضد الريال وظهور مرموش الأول.. مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية 2025    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    غادة عبدالرازق راقصة كباريه في فيلم «أحمد وأحمد» بطولة السقا وفهمي (فيديو)    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    كوريا الجنوبية تمنع توتنهام من بيع سون لهذا السبب!    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    سي بي إس: لا يوجد توافق بين مستشاري ترامب بشأن إيران    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    المنيا خلال يومين.. حقيقة زيادة أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية «التالجو» الفاخرة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي.. وأول حوار معه بعد انتخاب الرئيس:
تحدثت مع الرئيس السيسي عن أحلام المصريين في وطن لامكان فيه لجائع أو جاهل نحن علي أبواب فترة تاريخية جديدة.. تحتاج ترجمة أفكارنا إلي طاقة تغيير المثقف الحقيقي هو الذي يؤمن بالمستقبل
نشر في أخبار اليوم يوم 09 - 06 - 2014

شاعر كبير أمده الصعيد برجولة الموقف وصبر المزارع علي نباتاته التي يعرف أنه سوف يقطف سنابلها أخيرا.
إنه شاعر مختلف وانسان مختلف وله رؤيته الخاصة باعتبارها نتاج معرفته الثقافية والعملية يهتم بالكلي انطلاقا من الجزئي ولذلك تحس معه أن العالم بكل تعقيداته بسيط وقابل للفهم وأن المجتمع ايضا قابل للتغيير، وفي امكان كل انسان أن يلعب دورا مجيدا ببساطة وانسانية. حين يتكلم عن البشرتراهم بداخله جماعات وأفرادا ويصبح كل شيء سهلا قابلا للفهم وأن التعقيدات التي يصفها اصحاب المصالح قابلة لجعلها بسيطة.. واضحة للمثقف وللانسان البسيط. يتحدث عن الشعر كما يحدثك عن الصداقة وعن السياسة في وضوح رؤية وببساطة غير متكررة. انه عبدالرحمن الابنودي النموذج الحي للمواطن الذي يعرف دوره بالتحديد بين زحام الأهداف وتضارب المصالح والاغراض عفيف النفس ولايريد اكثر مما هو فيه وفخور بما اعطته مصر
فهو معتز بما أعطي، وسعيد بما حققته مصر في الزمن القصير الماضي، فخور بالسيسي وبعدلي منصور وبالمثقفين وبالمرأة المصرية وبوطنه وناسه.
وقبل وبعد كل ذلك هو انسان لم يفقد تفاؤله لحظة في أسوأ اللحظات، بل وعلي العكس قاوم لمدة عام كامل بمربعاته حتي زال حكم الارهاب الأسود.
كيف تري أسلوب إصلاح مصر، خاصة وأنت كثيرا ما بشرت بالأمل ثم وهل تجد أملا في أننا قد نصل إلي بر السلامة وكيف السبيل إلي ذلك؟
- نحن نعيش في ذلك البيت العتيق وهو ميراثنا من اجدادنا الذين كان منهم العظيم الذي نظر في شأن البيت وايضا البليد الذي لا يتلفت حوله وكل ما يهمه مصلحة نفسه وليس لديه وقت للنظر في حال البنيان أو سكانه، ولا أقول إن البيت آيل للسقوط ولكنه في مرحلة خطرة لاشك في ذلك، وحتي حياتنا داخل هذا البيت انعكس عليها نفس الأهمال وكف البصر عن النظر، فلم يعد الناس الذين اعتادواالحياة المهلهلة يحسون خطر الانهيار ويجزعون إلي ما وصل اليه حال البيت، والحل في نظري أن ننتبه اولا وقبل كل شيء إلي علمائنا الذين يشخصون حالة البنيان، وإلي هؤلاء الذين يتدارسون حالة السكان وأن يدور حوار صادق وعميق وحقيقي حول احوال هذا البيت وقدراته وحول سكانه وماذا في يدهم وكيف يبدأ إصلاح مجمل الحالة «البيت والسكان» وان تبدأ حركة «التقطيب» أو إصلاح الاجزاء المتهالكة بدءا من الأساس بزرع اعمدة قوية بينما يدور العمل في داخل البيت لاصلاح حال المكان والسكان، أي ان اعمالا استراتيجية سوف تتم لكي يصلب المبني طوله وهذا سيكون له علماؤه المتخصصون من أهل الخبرة والكفاءة والنزاهة، وبخلاف تلك الاجراءات السريعة والحاسمة التي تنقذ المقيمين وتضخ في عروقهم الرغبة في الحياة والعمل والبدء في تعلم حب هذا البيت العظيم من جديد. ولابد ان يتم العمل في المجالين: تجديد البناء ليحتمل سكانه بعد ان زادت اعدادهم بصورة رهيبة وتسلل الفقر والجهل والمرض إليهم وأدمنوا الاهمال والانصراف عن حياتهم.. المكان من جانب، والسكان من جانب آخر وان نعمل جميعا كل في تخصصه ومجال معرفته تحت مراقبة عين رحيمة واعية تحس الخطر وتبادر إلي المواجهة.
هذا ما أراه طريقنا لإصلاح مصر رغم اننا نقوم بذلك بموارد مالية شحيحة وبكسل يبس اطرافنا، لكننا لم نفقد الأمل، ومازال حلم الوقوف ونفض البلادة يشاغلنا، ونحتاج إلي «الريس» النشيط والمؤمن بهذا الدور إيمانا مطلقا، وساعتها من الممكن وبعد اعادة البنيان بل وإعادة ألوانه إليه أن يحتفل أهله باسترداد إنسانيتهم المهدرة وبيتهم الذي حلموا طويلا بإصلاحه واستغلهم المستغلون دون الالتفات لحياة البيت أو حياتهم.
صفات المثقف
وماذا عن دور الثقافة والمثقفين في الفترة القادمة؟
- لاشك أن المثقفين الحقيقيين والمبدعين الأصلاء هم الجزء الحي في البدن المجتمعي لأنهم الأعلم بحجم ما أصاب الأمة من عطب وأضرار، ولقد تحملنا ما تحملنا من الآلام حتي اعتدنا عليها، وستجد أن رعب المثقف الحقيقي الآن هو الخوف علي الأجيال المقبلة، والمثقفون الحقيقيون يتوالدون بعيدا عن إطُر الدولة بل وضدها في معظم الأحيان. انهم أول من يشير وأول من ينبه وأول من يقاتل وأول من ينير الطرق المظلمة أمام المناضلين.. هل نتذكر وقفة المثقفين التاريخية علي سلم وزارة الثقافة في وجوه الوزير الإخواني الذي لم يسمحوا له بدخول الوزارة حتي سقط بل أسقط معه الظاهرة الكابوسية بمجملها؟ هؤلاء هم أهل الثقافة حين يتحدون لذلك يخطئ النظام الذي يعتقد أنه يستطيع فرض شخص أو قيمة غير مرغوب فيها، ذلك لأن المثقف الحق هو الذي يؤمن بالمستقبل والقدرة علي صنعه ويحرض البشر علي مواجهة معوقات التقدم ويحثهم علي مواصلة الحياة وينير الدرب امام الأجيال المقبلة ويؤمن بها وكأنها معلقة برقبته.
إنه يحلم ويسعي إلي تحقيق حلمه وقد يدفع من أمنه وراحته الكثير دون أن يحس بذلك فأهدافه تتجاوز المعوقات والعراقيل التي توضع أمامه.
ومهما كانت درجة التقارب مع الأنظمة الحاكمة ومهما حسنت أهداف الحاكم تظل ثمة مسافة بين المبدع المثقف والحاكم، لأن الفنان والأديب يحلمان بلا حدود، أو إن شئت فقل إن حدود حلمهما بتجاوز قدرة الحاكم الذي يسير بين المتناقضات المجتمعية ويوازن ويتراجع ويتقدم حسب ظروف المجتمع الذي يحكمه.. بخلاف الأديب صاحب الحلم المطلق والذي لا يفكر في التوازنات وتناقضات فئات المجتمع، وحتي حين يحقق الحاكم حلم المثقف يكون هذا الأخير قد انطلق بحلمه إلي حلم أبعد ولا تحده حدود ولذلك لا يستطيع أحد أن يضع الموانع امام رؤي وأحلام المثقف الصادق.
من هنا فإن المثقف الملتزم هو حامل مفاتيح مغاليق أمته، ومن ثم تنعكس صورة أمته بكل آمالها وآلامها علي مرآة ضميره وهو المؤذن الأول لفجر عظمتها وهو الناعق الأول الذي ينبه أنها علي مشارف الهلاك!!
ما الذي يشغلك الآن ويفرض نفسه عليك بقوة؟!
- انها اشياء كثيرة ومتراكمة تثقل قلبي.. أولها تفرقنا، ولا أعني بذلك انفصال الشباب بعالمه الخاص الذي تحول إلي ما يشبه الأيديولوجيا القاتمة- من وجهة نظري -علي خواء.. أيديولوجية بلاأعمدة من فكر وتجربة وانما ينتقل إليها ما يشبه الوعي عبر التلقين ومن خلال وسائل اتصالات ترسخ حالة الانفصال عن الواقع الحقيقي والطيران في الأهداف الافتراضية والأفكار المتبادلة التي يرسل بها الخبثاء إلي السذج الانقياء ليختلف الشباب لحساب عقول أخري بأهداف أخري تحت وطأة اجهزة الاتصال الحديثة.
كما أنني لا أعني انفصال الشباب الذي اعتقد انه صنع الثورة، وأن «العسكر» استولوا عليها إلي آخر الأفكار والممارسات التي لا يستفيد منها سوي أعداء الأمة في الداخل وفي الخارج.
حقيقة الانفصال
إذن ماذا تعني بكلمة الانفصال هذه إن لم يكن الذي نراه موجودا علي أرض الواقع..؟
- أعني تلك الفرقة والابتعاد بين المثقفين من كتاب صحافة إلي مبدعين إلي باحثين، أري أن كلا منا يري الواقع من مكانه الفكري، وفي النهاية فأنت حين تقرأ جريدة الصباح، تكتشف أن الجميع - أو معظمنا- ندور حول افكار لاتبعد عن شواغلنا بل هل نفس الشواغل والهموم وكل منا كامن في جزء يضيء جوانبه ويدفع بنا للعمل وكلها افكار حقيقية ونحتاج اليها فعلا في مسيرتنا الجديدة بالذات. انها كشافات فكرية مبدعة تقودنا لمعرفة صادقة ولكن العيب الأكبر أننا متفرقون، حيث يقول كل منا قولته وينصرف إلي حاله ومن ثم لا يعلم اذا ما كان أحد في الساحة يقرأ ويفرز ويضع الفكرة إلي جوار الفكرة ويزج بها إلي آلة هاضمة تحول النظري إلي مناهج عمل عملية فالكاتب يكتب ليريح ضميره، ونحن نعتني بما كتب.. هذا فقط كل شيء.
وما أريد أن أقوله في ذات السياق إن هذا الإبداع اذا لم تستفد منه الأمة واذا لم يتحول إلي خطي «حقيقية» نحو مستقبل واضح المعالم فإن كل هذا الابداع سوف يضيع هباء في هباء.
الفائدة المرجوة
وكيف يمكن لنا الاستفادة من كل ذلك لتتحقق الفائدة المرجوة خاصة من أفكار مفكرينا وآراء مثقفينا؟!
- انني أطرح معك بعضا من همي الخاص الذي أظنه يقلق كل شرفاء كتابنا ومثقفينا ويثير اسئلة الفائدة المفتقدة وذلك بالطبع لأننا علي ابواب فترة جديدة لم يتوصل كل منا لفهم طبيعة دور مشترك يعطي قوة حقيقية لكل تلك الأفكار ويحولها إلي طاقة تغيير جبارة تعيد صياغة المجتمع المنهك الذي يحلم في الزمن الجديد بأن يعيد الصدق وأن يبث الحماسة والفعالية إلي كل الظلام والشعارات وتلك المصيبة المسماة بالسياسة والتي صارت لسنين طويلة ذنبا وعقابا تدفع الجماهير ثمنه إفقارا واهمالا وربما احتقارا.
لقد صار الأهل معوزين ناقصي الكرامة منتزعي الأهلية والاحترام، وهم يعرفون ذلك ووقفوا في طوابير الشمس من أجل زواله ورقصوا ثقة في ان كلا منا: من الرئيس إلي كل من تكلم وحمس الجماهير ودفع بها لتصديقنا حين بشرنا بمستقبل مغاير ومصير مختلف.
وهنا اقول لك كلنا شرفاء، ولكن شرفنا يتبدد مع اقوالنا التي تذوب في الفضاء وتختفي من ثم فهي لا تطعم جائعا ولاتكسو عاريا ولا تقدم كوب لبن لطفل.
نحن مازلنا ننتظر الرئيس وحكومته وإن لم تتجمع ايدينا -هو ونحن- في يد واحدة تفتح العاصي من ابواب الخير فلافائدة فيما نقول وهذا يتطلب منا أن نبحث عن نوع من الوحدة فيما بيننا، وأن نحقق البحث في كل قضية علي حدة والخروج برؤية نتفق عليها بغض النظر عن اختلافاتنا سواء كانت جزئية أو كبيرة لابد من الجدال حول كل ما يكتبه الاخوة الشرفاء يوميا والوصول إلي صيغ فكرية تتحول بالحوار مع الدولة في أعلي قممها إلي تحقق عملي في الحياة ونساهم فيه جميعا، بدلا من اعلان الشرف الخاص يوميا من خلال مقالات اشبه بمن يتخلص من ذنوب لم يرتكبها واعلان دائم بحب مصر.
وهل تتصور أن اللقاءات التي عقدها الرئيس من قبل هي تحقيق لهذه الفكرة وتنبه القيادة السياسة مبكرا لها؟
- نحن اهل كلام، والكلام اذا لم يحفظ في أطر واذا لم تفعل هذه الأطر وتتحول إلي خطوات واقعية يسهم المثقفون والكتاب في الاشراف الفعلي علي تحويلها إلي قرارات ثم سلوك عملي وانجازات حقيقية سوف يظل الكلام كلاما!!
أنت التقيت بالرئيس السيسي من قبل أن يصبح رئيسا فماذا دار في هذا اللقاء؟
- هذا شرف كبير أن يلتقيني الرئيس بي منفردا، وتقدير منه أن يلتقي بشاعر من الشعب وأن يستمع له وهو كما نعلم جميعا- يستمع اكثر مما يتكلم وبالطبع تحاورنا حول سبب اللقاء -مصر- التي جمعتنا علي المحبة قبل أن تتصاعد احداث بلادنا وقبل أن تلعب المفارقات دورها ليصبح السيد عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر، لقد دار الحوار ربما حول ما تحدثت معك عنه الآن عن الفقراء والشباب وكل ما يعانيه الفقراء وهو لم يكن في حاجة لما اقول لكي يدرك ان غالبية المصريين يأكلون طوبا ويشربون مرار العيش وبؤس الحياة.. اما الشباب: فقد ردد في خطاباته اكثر من مرة مقولة «لابد أن نسترد مصر» والشباب هم المجداف الثاني القوي إلي جانب الفقراء الذين يشكلون غالبية الشعب وجيوش الفقراء هو المجداف الأول، لكي يمضي بقوة في طريق البناء ولا نحتفظ من مصر الحالية الا بإرادتنا بالتغيير وتحقيق الحلم العظيم الجميل والذي يبدو لنا جميعا، الحلم الذي هو حلم كل شريف من ابناء مصر.. وطن حر ديموقراطي لامكان فيه لجائع أو جاهل أو مريض لايجد علاجه ولازنزانة إلا لأعداء الوطن الحقيقيين الذين تجمع الأمة علي وصمهم بالخيانة.
المربعات.. المربعات
حدثنا عن الشعر؟ وماذا بعد «مربعات الأبنودي»؟
- آه.. جئت إلي المنطقة الوعرة، لقد اكتشفت أنني مخلوق نكدي وانني -كشاعر- لايحركني سوي الظلم وظلام الفترات، كما أن صوتي يتألق في الفترات المظلمة وفي تعثرات الوطن ولذلك فإن افضل ما قلت كان في ظلام النكسة لكي أبشر بالنهار، واثناء زيارة السادات للقدس وكل ما دار حول كامب ديفيد، لقد كتبت ديوانا كاملا هو «المشروع والممنوع» وكذلك في حرب الاستنزاف حين نقلت اقامتي إلي السويس تحت القنابل والصواريخ لمعايشة الحرب الشريفة التي ظلمت تاريخا وقدرا ومقاما. فهناك علي سبيل المثال كتبت ديواني «وجوه علي الشط» واغنيات «يا بيوت السويس» وغيرها وهي من اعظم فترات الجهاد الشاق في مصر فاندفع شعري وكأنه ليس مني.
أما عطاء «الإخوان» لي فهو غير محدود، لقد أغدقوا عليّ من الإبداع ما لم أتخيله، إذ كيف لشاعر ان يكتب مربعا شعريا يوميا لمدة عام ولن أتحدث عن هذه التجربة وإنما أحيلك لمقدمة استاذنا محمد حسنين هيكل الذي كتبها عن هذه التجربة، وهي أول تقديم عرفناه له لديوان شعر وقد برهن علي أنني كنت صائبا تماما حين طلبت من الاستاذ تقديمه لقرائي بعد أن عبر عن إعجابه ببعض المربعات والتجربة في مجملها.
وأين الشعر.. الآن وبشكل عام؟!
- الآن نحن مستبشرون خيرا، بل ويمتد حلمنا إلي آفاق غير محدودة، ذلك لأن الشعب المصري أدام الله عليه سعادته يرقص في الشوارع وأرجو ألا يخيب أمله فينا غدا ان شاء الله.
فماذا أكتب؟ هل أطبل مع المطبلين؟ وهل هذا يليق بمثلي؟
إنني لم أستعمل «المديح» من أغراض الشعر القديمة مطلقا، وربما تضمنت مراقبة لعبدالناصر وفؤاد حداد وصلاح جاهين مسحة المديح ولكنه كان افتخارا بالانجاز وبالعظمة التي حققها كل من اقتربت من رثائه.. لكنني لم أمتدح احدا علي قيد الحياة لقد كتبت مربعا للسيسي قبل أن يصبح رئيسا لجمهورية مصر كرمز لمقاتلته الارهاب وانتزاع جذوره التي مكن لها الخونة في بلادنا، وربما انتقدني البعض باعتباره مديحا وتزلفا، ولكن النظر الحقيقي لدور الجيش في سيناء من قتال للارهابيين وهدم الانفاق وغيرها ماكان ممكنا لمخلص لهذا البلد تجاهله، فلم اقل له «ياحلاوتك ياجمالك» مثلا ولكن قلت:
حضن عليها بجناحك
واحلم لها بأعز صباح
ونام ايديك حاضنة سلاحك
للفتح.. ياعبدالفتاح!!
فهل هذا مديح؟ ربما فالرجل الذي أطاح بالاخوان يستحق- في الحقيقة- اكثر من هذه الكلمات بكثير.
لم أمتدح حاكما
نادرا ما كنت تعجب برئيس وعلي مدي ما يقارب العشرين عاما فإنك لم تمتدح حاكما إلا عبدالناصر بعد رحيله باكثر من اربعين عاما ولكني أري أنك معجب بالرئيس السيسي فلماذا؟
- صلي علي النبي، سواء أحببت عبدالناصر أو لم أحبه، وسواء كتبت فيه شعرا أو لم أكتب فإن احدا لا ينكر زعامته للأمة العربية وأن الجماهير في زمنه عرفت معني العزة الوطنية والكرامة الانسانية التي نرفع الآن شعارها من جديد في ثورتنا الجديدة التي أري أن وراءها ما زرعه في الضمير الوطني جمال عبدالناصر.
تقول هذا الكلام رغم انك اعتقلت في زمنه وعانيت فما تفسير ذلك؟
- هذا موضوع طويل، فلم يكن عبدالناصر ديموقراطيا كما نعلم كان أمامه رحلة من الانجاز والبناء لابد من تحقيقها ولم يسمح لاحد او لفئة بعرقلته واعاقته. كان يبني ويحارب الاستعمار والصهيونية ويؤمم «القنال» فيوقظ وطنية الأمة، ووزع الأرض علي فقراء الفلاحين وأمم الشركات ورفع عن كاهل الشعب سطوة رجال الاعمال الذين نداهنهم الآن ونتسول مشاركتهم في تحمل جزء من عبء شعبهم فيناطحون، يسقطون البورصة و «يعكرشون» في فضائياتهم ومواقع قوتهم وكأنهم في عداء مع السلطة الجديدة حيث يزعجمهم شبح عبدالناصر في قصورهم وأملاكهم الشاسعة التي تدر عليهم ذهبا!!
والسيسي بما فعله مع الإخوان الارهابيين الذين سمموا هواء مصرفعل ما يدعو للاعجاب وما يذكرك بمحمد علي وعبدالناصر فعلا.
وكيف كان ذلك؟
- هل كان يمكن لمحمد علي أن يبني مصر كما فعل، وأن يخلق الجيش المصري كما فعل.. ويقيم القناطر ويهندس الري ويقيم المصانع ويرسل البعثات.. إلخ والمماليك يسيطرون علي مفاتيح الحياة في مصر ويحتكرون غلالها وأموالها ومواردها ويسومون المصريين العذاب ويغلقون كل منافذ الضوء؟ هل كان من الممكن ان يصبح محمد علي خالق مصر الحديثة لولا مذبحة القلعة التي تخلص بها من المماليك؟
هل كان يصلح معهم حوار أو مصالحة؟
ايضا وبالنسبة لناصر الذي حاول بكل صدق سد جشع الإخوان الذين هم «مماليك عصرنا» ولكنهم أبوا إلا أن يلتهموه ورأوا أن حلمهم الخيالي قابل لأن يحيا في زمن رجل أصر علي الخروج بمصر من الاحتلال والتخلف إلي الحرية والبناء وبعث قوة الفقراء من جديد والسيسي ليس إلا تكرارا لتلك الحالات التي مجدها التاريخ واحتفي بزعامتها فهو ايضا اضطر إلي «مذبحة القلعة السلمية».
ماذا تقصد بقولك بمذبحة قلعة سلمية؟
- الشعب المصري ثار رافضا العودة إلي غياهب التاريخ، والتسليم بوقوعه في يد عصابة تهين الدين وتجعله ستارا لأطماعهم وشرههم، وقد استجاب لنداء الجماهير وطلب من مرسي واعوانه أن يطرحوا الاستفتاء بشأن حكمه علي جماهيرمصر، ورفض الإخوان ليس بغرور أعمي كما يعتقد البعض، ولكنهم أحسوا بنفور الجماهير منهم وأدركوا أنهم لو فعلوا ذلك فإن الجماهير ستسقطهم ولن يكون لهم ذيل قضية باطلة يتعلقون به فأبوا واستكبروا وبإجماع الأمة، قام السيسي بمذبحة المماليك السلمية التي فوضه لها الشعب وعيون الأمة.
دموع عدلي
وما أفضل لقطة انسانية لفتت نظرك في المشهد السياسي مؤخرا؟
- إنها دموع الرئيس عدلي منصور التي لم تسقط من عيونه بل وسقطت من عيوننا، فلقد دمعت عيناي وأنا أستمع إلي هذه الشخصية الانسانية الرحبة، نقية القلب والضمير، لقد أحاط في «خطاب الوداع» بكل ما يؤرق الأمة كما كشف عن جوهر نقي لقاض عادل عظيم حكم مصر زهاء العام وادخل إلي تاريخنا بطوله تلك اللقطة الجديدة التي لم يسبق ان حدثت في التاريخ المصري- الحديث علي الاقل- صورة تسليم حاكم السلطة للرئيس الجديد.
لقد نبه المستشار.. الحاكم الجديد إلي خوفه ممن يحومون حوله -ساعتها احسست انه يعني بعضهم بالذات، هؤلاء المتسللين من الانظمة السابقة والذين يعلم الله فقط اذا ما كانوا يعملون لأنفسهم او لجهات خفية، فالبعض يضع عينه علي مجلس الشعب، فالمجلس بصورته الجديدة التي ستكون هي الاقدر علي عزل الرئيس فلابد اذن من اختيار رجل في قيمة ونظافة وعظمة ذلك الرئيس الذي ودعناه منذ قليل وصار «سابقا» ان الحاكم يعرف بمن حوله، هذا الذي يحلم باختطاف حزب الرئيس بالتحايل علي التسمية، والحكومة بمجملها تحتاج إلي عين فاحصة وانهاء الطريقة التقليدية في الاختيار، واذا ما ظهرت سلبية وزير لابد من إقالته فورا ولا ننتظر حتي تتغير الوزارة أو يحدث ظرف يراه رئيس الحكومة مناسبا، إننا لانريد ان نضيع أكثر مما ضيعنا ولكننا نريد أن نبدأ في الاصلاح فورا فالبطء ليس في صالح البيت القديم ولاسكانه، وما نستطيع أن نفعله اليوم قد لا نستطيع ان نفعله غدا أو نجد فرصة لذلك مهما صدقت النوايا.
المرأة والفاعليات
ما رأيك في مشاركة المرأة المصرية في كل هذه الفعاليات واصرارها علي هذه المشاركة في جميع مرحل خارطة الطريق؟!
- موقفي من قوة المرأة المصرية واخلاصها في العمل وفي الحياة بشكل عام معروف، أنها سباقة وجريئة ولديها ثقة كبيرة في وطنها والنضال من اجل مستقبله، وقد رأيناها في مواقف كثيرة تقف في وجه الطغيان ثابتة، تتقدم التظاهرات وتعلو هتافاتها هازمة التصدع الاخلاقي ونوبات التحرش والانفلات متجاوزة صغارات المجتمع ونظرته الدونية التي تعكس التخلف وتحجر العقل.
لقد تعرضت المرأة للاهانات والعذابات ولم يجعلها كل ذلك تنكص عن استكمال دورها المجيد.
ثم ان المرأة حتي البسيطات اللاتي لم يتلقين تعليما ولم يدعين الثقافة والمعرفة يخرجن في احرج الظروف ليحسمن امورا اختلف عليها المتعلمون ومدعو الثقافة والمعرفة.
واعجب جدا للنافرين من تعبير المرأة عن سعادتها بالدستور واحساسها الغامر بالفرح من انتزاع حكم مصر مرة أخري من الاخوان وانصار قمع المرأة وتحويلها إلي اداة جنسية وخادمة الرجل، ذلك الفكر المنحط والذي أحاط المرأة المصرية بدونية ترفضها تماما ودائما كانت تبحث عن دورها.
إنها تحية غامرة للمرأة المصرية المتعلمة والبسيطة، واما هؤلاء الشباب رافضي المسيرة وأهل الانعزال فنحن نؤمن بان طوفان حركة المجتمع وزحفه نحو اهدافه سيجبرهم علي الانخراط في انقاذ مصر وسيدفع بالجميع إلي الصفوف اذ لن يكون هناك مكان لخامل يلبس قناع الاختلاف والمغايرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.