مبادرة طيبة ومشكورة تلك التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية بالدعوة الي مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر الجديدة علي عبور أزمتها الاقتصادية. ليس خافيا أنه تعمد أن تأتي هذه المبادرة مرادفة لإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية التي كان معروفا ان الفائز فيها باكتساح هو المشير عبدالفتاح السيسي. لا أحد يمكن ان يجادل بأن مصر تعد بأمنها واستقرارها صمام الامان للعالم العربي وان استمرارها في الاضطلاع بهذا الدور يحتاج الي مشروع عربي من الدول الشقيقة القادرة علي نفس نسق مشروع مارشال الذي تبنته الولاياتالمتحدةالامريكية لإنعاش اوروبا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية. لابد ان يكون هناك مخطط واضح وعلي أعلي مستوي لاستثمار حزمة الاموال التي سوف يقدمها مشروع مارشال العربي الذي سيخرج عن مؤتمر المانحين الذي اقترحته المملكة العربية بثقلها العربي وباعتبارها احد اعمدة الاقتصاد العالمي والخليجي. ان هذا المخطط الانمائي يحتاج الي الاستعانة بالخبرات العربية المؤهلة المطعمة بالخبرات العالمية التي يمكنها ان تقدم ما لديها من علم لتحقيق هذا الهدف. ان ما يجب ان يقوم عليه مشروع مارشال العربي حتي يحقق ما يستهدفه من انماء اقتصادي واجتماعي للدولة المصرية.. ان يركز علي الارتفاع بمستوي البنية الاساسية وتبني تأسيس المشروعات الانتاجية التي تضيف للناتج القومي الي جانب ما يترتب علي ذلك من مساهمة في التصدي لمشكلة البطالة بتوفير ما يمكن من فرص عمل. ولان مثل هذه المشروعات تحتاج الي العمالة المدربة القادرة علي التجاوب مع التكنولوجيا العالية المستوي والمتوسطة فانه من الضروري ان يشمل مشروع مارشال برامج تدريب واسعة تعيد للعامل المصري سمعته الفنية التي كانت من أهم مؤهلاته. من ناحية اخري وعلي اساس ان لرجال الاعمال العرب دورا رئيسيا في مشروع مارشال لابد ان نوجه انظارهم ان مصر ليست في حاجة الي المزيد من الاستثمار العقاري إلا في نطاق ما تحتاجه عمليات التنمية الصناعية. وللمساعدة في تحقيق اهداف مشروع مارشال العربي فان علي الجانب المصري ان يكون جاهزا بقائمة المشروعات الاستراتيجية التي يمكن ان تحقق اقصي ما يمكن من آمال وتطلعات. في هذا المجال فلا جدال ان مشروع محور قناة السويس الذي يستمد أهميته من عبقرية موقعه في مصر وما يرتبط به من مقومات طبيعية لا تتوافر في أي موقع آخر بالشرق الاوسط فانه يجب ان يحتل اولوية خاصة في عمليات الاستثمار للنهوض بمصر. ان ضخامة هذا المشروع ولأهميته الهائلة يحتاج ان تتولاه وتتفرغ له شخصية مصرية قادرة علي تحويل هذا الحلم الي حقيقة. ورغم ان لا أحد يمكن ان يقلل من المساهمة التي يمكن ان تقدمها القيادة الحالية لمرفق قناة السويس.. إلا ان المسئولية الوطنية تقول ان مباشرة مسئوليات ادارة قناة السويس تحتاج الي التفرغ الكامل لادارته. وفي مجال المشروعات القومية العملاقة هناك ايضا المشروع الذي أفرزته القدرة العلمية للعالم المصري فاروق الباز والمتعلق بالوادي الموازي والممتد لمئات الكيلو مترات بامتداد الصحراء المصرية. من المؤكد ان هذه المشروعات العملاقة هي التي يمكنها أن تغير من طبيعة المستقبل في مصر لصالح الرفاهية والازدهار.