أثق أن خروج الأمة المصرية اليوم إلي الانتخابات الرئاسية سيتجاوز كل خروج كبير عرفناه، سهام سامة تسبقه، غير أن معرفتي بتاريخ هذا الشعب العظيم تؤكد ما أقول، الأمة المصرية لا تخرج بقرار أيا كان مصدره، قرارها في اللحظات الاستثنائية يكون ذاتيا، نابعا من صميم أبنائها، وقد عشت لحظات مماثلة من خلال الإطلاع علي وقائع التاريخ ومن خلال المعاينة أتحدث عما رأيته بعيني وعشته، ليلتا التاسع والعاشر من يونيو، انتظرت كما انتظر المصريون خطاب جمال عبدالناصر، وكنت مثل غيري نتوقع منه مفاجأة تخص الوضع العسكري الغامض والذي بدأ منذ الاثنين صباح الخامس من يونيو، حتي طالعت وجهة المرهق، المنهك فأيقنت بالكارثة، وعندما نطق بمسئوليته وقرار التنحي اندلعت الشرارة. توحدت الروح المصرية محققة المبدأ الراسخ الذي ورد في كتاب مصر القديمة «الخروج إلي النهار» والذي يقول، هناك عندما يصبر الشكل في واحد، تدفقت الأمة إلي الشوارع وفوق القاهرة جري اشتباك عنيف بين طائرات مغيرة ومدفعية الجيش المضادة، رأيت الانفجارات في السماء فوق شارع الأزهر ولم يهب المصريون، استمروا في التدفق وكان خروجهم هو الأساس الشرعي لوقفتهم فيما تلا ذلك خلال حرب الاستنزاف وأكتوبر، في أكتوبر كان المشهد في الجبهة يجسد المبدأ الخالد هناك.. عندما يصير الكل في واحد، وتجسد مرة أخري في مظاهرات الاحتجاج عام 1977، ثم بلغ الذروة في الجزء النقي من ثورة يناير والذي تمثل في خروج الشعب المصري الذي لم يكن يعلم بما يحاك في الظلام لركوب تحركه واستهداف الدولة لأول مرة في تاريخها واشاعة الفوضي وتقوم الجماعة الإرهابية التي تمكنت من السلطة في ظروف تاريخية غامضة، إلا أن تمكنها من السلطة لم يستمر إلا حوالي عام واحد، تلاه خروج اسطوري للأمة كافة يعتبره المراقبون اعظم خروج بشري، في الثلاثين من يونيو، وتكرر ذلك في السادس والعشرين من يوليو تلبية لنداء القائد العام وزير الدفاع وقتئذ الفريق أول عبدالفتاح السيسي، لتفويضه مقاومة الإرهاب. وعي الشعب المصري متقدم علي بعض النخبة التي نري من أفرادها العجب، ضمير الأمة المصرية يهدي المصريين إلي الموقف الصحيح حيث يتقدمون بلا خشية من خطر أو تقاعس عن أداء واجب في لحظة يبلغ التهديد مداه، لذلك أثق في خروج المصريين ليعلموا الانسانية مرة أخري، كيف تتصرف امة عريقة في مواجهة الاخطار المحدقة.