د. أحمد درة لست أدري ما الذي دفع الدمع من عيني حين غادرت مطار القاهرة والمشاهد الأليمة تحاصر مخيلتي، لون الدم، والجثث ورائحة الموت والزحام المخنوق بالدخان وأصوات الطلقات، بكاء الطفلة المغتصبة والموؤدة تحت الانقاض، والجرح العميق في قلب الوطن يزداد الي غور بعيد، كأني أقشر جلدي عن مشاعره الحزينة، حيث يأخذني حنين جارف الي كل شيء جميل كان هنا، أين ذهب وأين غيبته الايدي الاثيمة، لا أفيق من سكرات النشيج يتردد في صدري كأنه بركان، من يخلصني من هذه الكوابيس الآن، من يرد لي آدميتي والبلاد من ورائي يذهب فيها الحزن سدي، ساعة وأغيب الي حيث العاصمة التي أحب ناسها وأبغض ساستها وقوادها، لانهم أغرقوا بلادي في هذه الاتون وهذا الدمار. كنت استيقظ في الطائرة علي صوت التنبيهات، لغتي العربية تختنق في زوري، وتعبر حنجرتي مكتئبة وكذلك حين أسمعها من عربي غادر وطنه مقهورا هاربا من الموت والخراب القادم، حينما استقر الألم في مقعده من القلب، وهبطت بنا ارتج الخوف وتناثرت الدموع تبلل الطريق الي هناك، الهواء بارد والانفاس لاهثة، وكلنا ذاهل، ليس من احد هنا يعوق أقدامي في السير الي الهدف، سوف أجمع ما أستطيع من معلومات جديدة في الطب، وسوف أجوب العاصمة كما أشاء لا استبيح الا كنوز المعرفة والجمال وآيات الفنون، لابد ان تكون هذه المرة إعلان خجلي وكرهي للدماء والقتل والتخريب والدمار، سوف أقف علي ابواب هايد بارك للمرة الالف وأصيح فيهم تمتعوا بالحرية ودعونا نغرق في الظلام، أهذه هي المبادئ التي مزقتم العالم عليها؟، لكننا نحن الخاطئون، نحن من قتل نفسه وبدد ثروته وأهال التراب علي ماضيه العريق، سوف أدق اسوار قصر باكنجهام وأنادي الملكة هل يرتاح ضميرك الآن، وهل تنامين تحت العلم الانجليزي والقتلة ينعمون بالأمن بين ربوع بلادك؟، سوف أذهب الي ميدان البرلمان وأسمع دقات بيج بن، وأصك ابواب هذا المبني القديم، مجلس العموم وأزعق بملء في، هل لديكم من نخوة، وأنتم تمكرون بليل، سوف افعل حتي تكف الايدي الآثمة عن العبث ببلادي.. أيها الاحرار في كل مكان.. الحرية تقتل أولادي. الصلاة في مطار هيثرو كان علي أن اقضي في مطار هيثرو فترة طويلة قبل الاقلاع لقدومنا إليه مبكرين ووجدتها فرصة ثمينة لكي اتوضأ وأصلي، وأنا أعرف جيدا تفاصيل هذا المطار وجمال تصميمه، وانسيابية الحركة بين أركانه، بما في ذلك السوق الحرة العامرة بأجود البضائع، لكن أروع ما فيه هذا المصلي الذي يتيح لاتباع الديانات السماوية اداء الصلاة بيسر ودون أية مشقة في البحث عن مكان طاهر، واتجاه صحيح خاصة قبلتنا نحن المسلمين. تصريح رئيس الحكومة لم أفهم جيدا رسالة المهندس ابراهيم محلب التي بعثها في تصريحه بالأمس ان هناك مخططا لاستدراج الشرطة داخل الجامعات، هل يعني هذا ان نترك الجامعات نهبا للتخريب والقتل وأشياء أخري كثيرة، وهل سيستمر هذا المسلسل الهزلي بالابقاء علي القيادات الجامعية الضعيفة، ولك ياسيدي أن تتأكد من أعرق جامعات العالم، هارفارد واكسفورد والسوربون، هل هناك انتخابات لقادة العلم والفكر والرأي، ام ان التقاليد الراسخة والقيم هي التي تحكم اختيار هذه القيادات، كفي.. كفي ان بلادنا تخرب، وأبناءنا سوف لا يجدون مفرا في لحظة يأس من الهرب والاستسلام، بعد أن أصبحت الجامعات مكانا للفوضي والسفه وغادرها العلم والأدب.