أحمد الله أن هذه الصفحة اكتسبت علي مدي سنوات عديدة احترام القارئ.. لا لشيء سوي أننا نلتزم في كل ما نكتبه بالمهنية والصدق والعلم. ولذلك كنا دائما نحرص علي الابتعاد عن التضليل أو التدليس أو خداع القارئ في كل ما نكتبه من أخبار أو تحليلات. أقول ذلك اليوم بمناسبة ما كنا قد كتبناه علي هذه الصفحة في23 مايو الماضي عن المزايدة التي كانت مقترحة لتأجير الصالة الرابعة بمطار القاهرة الدولي.. وأبدينا في هذا المقال عدم ترحيبنا بهذا الاتجاه. وحسنا فعلت إدارة مطار القاهرة عندما ألغت المزايدة هذا الأسبوع.. لكن في30 مايو كنا قد نشرنا ردا لوزير الطيران المدني السابق اللواء وائل المعداوي أبدي فيه اعتراضه الشديد علي ما طرحناه.. ولم نعلق وقتها علي ما كتبه, رغم أن به من المعلومات المغلوطة التي نحاول توضيحها اليوم احتراما لحق القارئ في المعرفة الصحيحة. وللتوضيح لست معنيا بالرد علي الرجل لشخصه, فقد غادر موقعه, رغم حدة الألفاظ التي جاءت في رده يومها, ولكني أكرر أن ما يهمني هو الموضوع نفسه. كان الرد يقول ما معناه إن جميع المطارات في العالم تعتمد علي أنشطة التأجير لزيادة دخلها, وبالطبع هذا لا خلاف عليه.. لكن كيف يكون التأجير؟ وهل التأجير أفضل أم الإدارة, تلك هي القضية؟ وهل تقوم بتأجير المبني وتخلع وتريح نفسك أم تتعاقد مع شركات إدارة مثل الفنادق أو مثل مطارات أخري بالعالم تعاقدت مع شركات إدارة, وشركات الإدارة هذه هي التي تؤجر الأنشطة الداخلية بالمطارات مثل تأجير الكافيتريات والمطاعم وخلافه.. أنا أعرف أن هذا النشاط متنوع, وأن هناك أفكارا كثيرة في العالم, ونحن نطرح مثل هذه القضايا القومية للحوار, ونفكر بصوت عال.. لكن نحن نعيب علي من يعتقدون أنهم وحدهم يملكون الفكر والرؤية, ومطالب بالمشاركة في التفكير من أجل اختيار الأصلح وما يحقق المصلحة العامة. أيهما أفضل التأجير والخلعان أم الإدارة والتعاون والتنسيق في مراقبة أنشطة التأجير.. أما أن كثيرا من مطارات العالم قامت بتأجير المطارات, كما جاء بالرد.. فهذا كلام غير دقيق.. لكن أكثر ما اندهشت منه في القضية ورأيت ضرورة العودة إليه, خاصة بعد أن علمت أن إدارة مطار القاهرة الدولي قررت هذا الأسبوع إلغاء المزايدة التي كانت مقررة لتأجير الصالة الرابعة, لأنه في الحقيقة لم يتقدم إليها سوي شركتين, حتي القطرية التي كانت تنوي التقدم لم تنفذ ذلك, وبالتالي تم إلغاء المزايدة. أقول أكثر ما اندهشت منه هو أن الرد كان يقول: وما العيب في تأجير الصالة, وأن هذا التأجير أصبح دليلا علي كفاءة الإدارة القائمة علي المطار, وليس العكس, بدليل أن بريطانيا العظمي( كما قال الرد بالحرف) قامت ببيع مطار هيثرو الدولي العملاق لشركة فيروفيال الإسبانية. واحتراما للحقيقة ولحق القارئ في المعرفة الصحيحة إن هذا كلام غير صحيح.. والحقائق تقول إن مطار هيثرو مازال حتي هذه اللحظة ملك شركةBAA التي تعرف باسم شركة مطار هيثرو القابضة, وهي الشركة المسئولة في المملكة المتحدة عن تشغيل أربعة مطارات بريطانية من بينها مطار هيثرو, وهو ما يجعل الشركة واحدة من أكبر شركات النقل في العالم. ونشأت هذه الشركةBAA نتيجة لخصخصة الهيئة البريطانية للمطارات, وهي الآن مملوكة لمجموعة شركات كونسورتيوم, تقوده شركة فيروفيال, وهي شركة إسبانية متخصصة في التصميمات والبناء والتمويل وتشغيل وصيانة المطارات, وإنشاء البنية الأساسية الخدمية والحضرية. ويقع المقر الرئيسي لهذه الشركة في مركز كومباس كومباس سنتر داخل مطار هيثرو نفسه الواقع في ضاحية هيلينجدون بالعاصمة البريطانية لندن. وتربح الشركة المال من جراء فرض رسوم للهبوط علي شركات النقل الجوي, وبعض الأنشطة الفرعية الأخري التي تتزايد باستمرار داخل هذه المطارات مثل أماكن البيع بالتجزئة, والمساحات العقارية. وهي تملك وتدير الآن أربعة مطارات داخل المملكة المتحدة, ولا تدير كل المطارات الواقعة داخل المملكة المتحدة, باعتبار أن معظم هذه المطارات مملوكة للسلطات المحلية أو غيرها من الهيئات. وشركةBAA كانت مدرجة في وقت من الأوقات ضمن مؤشر فايننشال تايمز بالبورصة, ولكنها الآن مملوكة لمجموعةFGP توبكو ليميتد, وهي مجموعة كونسورتيوم دولية تقوده فيروفيال, تشمل أيضا شركة كيس دي ديبوت إيبلاسمان دي كيبيك التي تدير مشروعات المعاشات العامة في إقليم كيبيك الكندي, وشركةGIC للاستثمارات الخاصة التي أسستها حكومة سنغافورة عام1981 لإدارة احتياطيات النقد الأجنبي المملوكة لسنغافورة. ووسعت شركةBAA أنشطتها لتشمل القيام بعمليات دولية, ومن بينها إبرام تعاقدات للبيع بالتجزئة في مطار لوجان الدولي في بوسطن بالولاياتالمتحدة, وفي مطار ثورجود مارشال الدولي بواشنطن, وذلك من خلال فرعها في الولاياتالمتحدة, كما تم إبرام صفقة مع مدينة مينيابوليسالأمريكية لتولي إدارة مطار مينيابوليس الدولي, ليصبح اسم الشركة مطارBAA مينيابوليس, وذلك قبل أن تبيع الفرع الأمريكي بالكامل إلي مؤسسة بروسبيكت كابيتال في يوليو.2010 وفي أكتوبر2012, أعلنت الشركة عن تغيير الاسم التجاري لها منBAA ليمتد إلي شركة مطار هيثرو القابضة, بحيث يتم من خلالها إدارة كل مطار تابع لها من خلال اسم المطار نفسه, وليس باستخدام اسمBAA. وجدول ملاك الشركة الكونسورتيوم هو علي النحو التالي وفقا لحصة كل مالك من الأسهم: مجموعة فيروفيال33.6%- بريطانيا لشركاء المطارات2.31%-GIC الخاصة للاستثمارات8.11%- أليندا كابيتال بارتنرز11.1%- شركة ستيبل للاستثمارات10%- قطر القابضة20% أما شركة فيروفيال نفسها فتدير عدة أعمال في مجال النقل في مختلف أنحاء العالم, وليس في بريطانيا فقط, فهي تدير طريق407 السريع في كندا, وتقدم خدمات بلدية في أكثر من800 مدينة وبلدة في إسبانيا, وخدمات للملايين الذين يستخدمون شبكة مترو أنفاق مدريد, إضافة إلي إدارتها لمطار هيثرو اللندني, كما سبق الذكر. أما الجديد أو المفاجأة فكان أن قامت قطر القابضة بشراء20% من شركة بي. إيه. إيه التي تدير عددا من المطارات في بريطانيا وعلي رأسها مطار هيثرو, وذلك مقابل900 مليون استرليني, ولينضم بذلك اثنان منها إلي مجلس الإدارة الذي يتكون من14 شخصا, كانت شركة فيروفيال الإسبانية التي باعت النسبة من أسهم الشركة قد أشارت إلي أن قرارها جاء بسبب المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الإسباني حاليا. ولك عزيزي القارئ أن تلاحظ في كل ما سبق كلمة تدير بمعني أن شركة فيروفيال تدير المطار ضمن كونسورتيوم دولي.. وبالتالي هناك فرق كبير بين الإدارة والتأجير.. والسؤال الذي يطرح نفسه بعد إلغاء مزايدة الصالة الرابعة هو إيهما أفضل لمصر التأجير أم الإدارة..؟ أقصد هل سيتم إعادة مزايدة التأجير مرة ثالثة أم سنتجه للإدارة.. أم سيتم إلغاء الفكرة من الأساس, ويتم تحويل ركاب وطائرات هذه الصالة إلي الخدمة المميزة كما يقترح البعض. .. كلها أسئلة نطرحها علي اللواء عبدالعزيز فاضل وزير الطيران المدني.. التأجير أم الإدارة.. تلك هي القضية!!.