دعم الطاقة تجاوز حد الخطر ولم يعد هناك مفر من اتخاذ قرارات قد يراها البعض صعبة لكنها ضرورية لوقف هذه المهزلة.. لا توجد دولة في العالم تدعم الطاقة ب130 مليار جنيه سنويا. هذا سفه لابد من التصدي له بقرارات جريئة تضع منظومة الدعم في مسارها الصحيح بحيث لا يستفيد منه إلا مستحقوه فقط.. لكن من هم مستحقوه ؟ هذا هو السؤال الذي احتارت الحكومات المتعاقبة في الاجابة عنه بسبب عدم وجود قاعدة بيانات سليمة تحدد من هم مستحقو الدعم فعلا مما أخر بدء المواجهة الجادة للمشكلة سنوات طويلة كان الدعم يتزايد فيها عاما بعد عام والحكومة -كالنعامة- تضع رأسها في الرمال ولا تريد أن تري الحقيقة ! الآن.. حان وقت القرارات الصعبة.. زيادات مرتقبة خلال أيام في أسعار البنزين والكهرباء وربما الغاز الطبيعي والبوتاجاز وضريبة استثنائية علي الأغنياء ومنظومة جديدة للخبز.. الحكومة اختارت البدء في تطبيق هذه القرارات قبل الانتخابات الرئاسية وهو توجه ذكي حتي لا يقال أن أول ما فعله الرئيس المنتخب هو رفع أسعار الطاقة. في نفس الوقت وكما قال د.أشرف العربي وزير التخطيط إن البدء في تنفيذ هذه الاجراءات قبل انتخابات الرئاسة يمهد الطريق أمام الرئيس القادم لجعل الحياة أيسر.. ما يقصده الوزير بهذا القول أن الحكومة عندما تتخفف من أعباء دعم الطاقة في الموازنة الجديدة ستجد الفرصة لزيادة الاستثمارات الحكومية والمشروعات الخدمية وتحسين جودة التعليم والخدمات الصحية..الخ. وحتي تنجح الحكومة في تطبيق هذه القرارات وجني ثمارها دون حدوث أزمات قد يصعب علاجها لابد ألا تمس الزيادات الجديدة في أسعار الطاقة الفقراء ومحدودي الدخل.. ربما تتحمل الطبقة المتوسطة بعض الصعاب لكن الفقراء ومحدودي الدخل يجب ألا يتأثروا بهذه القرارات بأي شكل..وربما يكون الدعم النقدي لهذه الطبقة حلا مناسبا وهو اقتراح تحت الدراسة منذ سنوات لكنه لم ينفذ لنفس السبب هو عدم وجود قاعدة بيانات سليمة تحدد من يستحق الدعم النقدي؟ تسريبات الحكومة عن الزيادات المرتقبة في أسعار الطاقة لم تتطرق بشكل واضح إلي فكرة الدعم النقدي واكتفي وزير المالية هاني قدري بالقول إنه يميل للتحول إلي تطبيق الدعم النقدي.. واعتقد أنه يجب ألا يكتفي بالتعبير عن رأيه الشخصي ولكن يطرح الأمر علي مجلس الوزراء بعد تقديم الدراسات الكافية بما يسهم في اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن. مواجهة مشكلة دعم الطاقة لايمكن أن تكون بزيادة الأسعار فقط.. بل لابد من ترشيد الاستهلاك الذي اصبح ضرورة حتمية ومسئولية لابد أن يتحملها المواطن قبل الحكومة.. واسمحوا لي أن أركز هنا علي مسئوليتنا كمواطنين في ترشيد استهلاك الكهرباء علي الاقل.. وليسأل كل منا نفسه «كم عدد الغرف أو اللمبات المضاءة في منزله لساعات طويلة بلامبرر؟ » أو التليفزيونات التي تترك مفتوحة أو ننام أمامها؟ كل ابنائنا-للأسف- شبابا واطفالا وربما البعض منا أيضا لا يحرص علي اطفاء النور قبل مغادرته الغرفة أو اطفاء أي لمبة يراها مضاءة بلا سبب.. عادة سيئة تهدر طاقة كهربائية كبيرة وتتسبب في زيادة تكلفة الاستهلاك.. غلاية المياه الكهربائية التي نستخدمها في بيوتنا ومكاتبنا لعمل الشاي نملأها حتي ولو كنا في حاجة لكوب واحد من الشاي مما يهدر الكهرباء المستخدمة في غليّ كل هذه الكمية بلا مبرر ولو ملأناها فقط إلي الحد الادني المحدد علي جدار الغلاية لوفرنا الكثير من الكهرباء. فروع اللمبات الكهربائية التي تزين المحلات وتحول الأسواق والشوارع إلي أفراح وسرقة التيار الكهربائي التي تمثل 10٪ من العجز في انتاج الكهرباء وأعمدة الانارة المضاءة طوال النهار ظواهر لابد أن تنتهي باجراءات حاسمة من الحكومة ومهما كانت قسوتها او حدتها سيؤيدها الشعب لأنها في النهاية تستهدف ترشيد استهلاك الكهرباء مما يسهم -بلاشك- في الحد من انقطاع التيار. الخلاصة... أنه لم يعدلدينا رفاهية اضاعة الوقت.. واذا لم تبدأ المواجهة الحادة لقضية دعم الطاقة فإن النتائج ستكون كارثية. وداعا.. محمد اسماعيل في لحظة .. اصبح عميد المحررين الدبلوماسيين الزميل محمد اسماعيل نائب رئيس تحرير الجمهورية المرحوم محمد اسماعيل.. اختطفه الموت بعد عودته من احتفال كرمته فيه جامعة بني سويف. فقدت الصحافة المصرية بموته كفاءة مهنية نادرة وشخصية طيبة بشوشة.. أحبه كل من زامله أو تعامل معه وخاصة مصادره في وزارة الخارجية.. ولهذا كانت جنازته وليلة عزائه استفتاء علي حب الناس له.. حرص السفير نبيل فهمي وزير الخارجية أن يكون في مقدمة المعزين من قيادات الوزارة.. وتوافد زملاؤه من كل الصحف لوداعه وتقديم العزاء.. مظاهر الحزن ترجمتها العيون والنظرات والكلمات لكن ما في القلوب كان أكبر بكثير.. رحم الله محمد اسماعيل وأسكنه فسيح جناته وألهم اسرته الصبر.