مرارا وتكرارا طالبت باستبعاد المقصرين والمتقاعسين من مسئولي الإدارة المحلية..مرارا وتكرارا قلت إنه ما لم يتحمل المحافظون ورؤساء الأحياء ورؤساء المدن والقري المسئولية بجد فإنه لن تقوم للبلاد قائمة مهما كان الشخص الجالس علي كرسي الرئيس، ومهما قام رئيس الوزراء ووزراؤه بجولات وزيارات مفاجئة. أقول هذا الكلام بعد أن انتهيت من مطالعة ما بعث به قرائي الأعزاء من أبناء قرية «العليقات» التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا الذين أحسنوا الظن بي وافترضوا - لمجرد أنهم رأوني أخاطب رئيس الوزراء في العنوان - أنني علي صلة بالرجل، فأرسلوا رسالة طويلة يبثون فيها مشاكلهم وهمومهم التي تنهكهم ليل نهار ولا يجدون لها حلا رغم تكرار الشكوي، آملين ومتعشمين أن يقوم العبد لله بتوصيل صرختهم لتسمعها آذان السيد رئيس الوزراء. أخونا رمضان حسن محمود من «نجع السواقي» بقرية العليقات يشكو من إظلام الشوارع .. الرجل لايشكو من قطع التيار عن البيوت ولكنهم في النجع يطالبون الدولة بأن توفر لهم الحد الأدني المتمثل في إنارة الطريق الذي يستخدمه الكبار والصغار..يقول رمضان في رسالته إن اهتمام المسئولين عن الكهرباء منصب علي إنارة أعمدة الشوارع التي يسكنها أصحاب النفوذ، أما الأهالي الغلابة فليس أمامهم إلا أن يخبطوا رؤوسهم في الحيط، لأنه لايوجد مسئول يرعي مصالحهم أو يهتم لشئونهم ! ولأن كثيرا منهم يعملون بالزراعة فإنهم يشكون من معاناتهم في الحصول علي السماد.. فمن بنك التنمية للجمعية الزراعية ياقلبي لاتحزن.. فساد ليس له حدود.. ولأن أصحاب النفوذ «إيديهم طايلة» فإنهم يحصلون علي كامل الكمية التي يحتاجون إليها وأكثر.. أما الفقير الذي لاظهر له فعليه العوض ومنه العوض.. مرة يصرف نصف الكمية ومرة ربعها.. والمسائل ماشية بلا رقيب! المشكلة الثالثة تتعلق بضعف مياه الري بالترع خاصة في فصل الصيف.. وعندما يلجأ الأهالي الغلابة إلي المسئولين مطالبين بحفر ترع صغيرة يتعلل حضرة المسئول بأن مثل هذه الأمور لا تدخل ضمن اختصاصاته، مما يجعل الأهالي مضطرين إلي تركيب طلمبات علي حسابهم الخاص وهو ما يكلفهم أموالا فوق طاقتهم. المشكلة الرابعة ليست مشكلة العليقات وحدها ولكنها تمتد إلي عدة قري ونجوع تابعة لمركزي قوص وقفط، الذين يتحملون تكلفة نقل محصول القصب إلي المصنع علي الرغم من أن صيغة العقد تلزم المصنع بالنقل علي نفقته.. المصيبة أن المسئولين بالمصنع يكيلون بمكيالين.. فهم يقومون بنقل القصب من الأقصر و«خزام الزينية» حسب الاتفاق، أما بالنسبة لأهالي العليقات فعليهم أن يتحملوا نفقة النقل..خيار وفاقوس يعني ! صرخات التجاهل والشكوي من الفساد وأصحاب النفوذ لم تقتصر علي قرية العليقات وحدها.. فهذه رسالة وصلتني بالنيابة عن أهالي « قفط» من محمد عيسي معين الباحث في شئون التنمية الإدارية بالشركة المصرية للاتصالات يشكو من المافيا الذين استولوا علي أراضي الدولة.. ومثال علي ذلك أنه ومنذ سنوات تم تخصيص قطعة أرض بنجع «معين الكلاحين» التابع لقفط لبناء مركز بريد يخدم منطقة المدارس والمنطقة الصناعية وبقية سكان المنطقة.. وبعد أن تم إسناد عملية الإنشاء إلي هيئة الأبنية التعليمية لم تتمكن الهيئة من استلام الموقع بسبب استيلاء أحد المواطنين عليه.. ورغم صدور قرار بإزالة التعديات علي الأرض المخصصة إلا أن أحدا لم ينفذ القرار حتي يتسني للشركة البدء في تشييد مركز البريد الذي تحتاج إليه المنطقة بالفعل ! أهالي كل هذه المناطق يتساءلون في دهشة: إلي متي يظل الصعيد وأهله يعيشون في الجانب المظلم بعيدا عن أعين الدولة ؟!.. إنهم يتمنون لو اهتم رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بمشاكلهم التي أصابتهم باليأس حتي أنهم أوشكوا أن يفقدوا الأمل في أن تتغير الأحوال.. هم يقولون إن الصورة من حولهم تؤكد أن مراكز القوي مازالوا يتمتعون بالسطوة والنفوذ ويحققون المكاسب علي حساب الفقراء والغلابة الذين بح صوتهم من الشكوي دون جدوي حتي أنهم يئسوا من أن يأتي اليوم الذي يتولي فيه من يشعر بمعاناتهم ويحنوعليهم. المشاكل قد تبدو في ظاهرها بسيطة، ورغم هذا فإن تأثيرها مدمر علي من يعانون منها كل لحظة، لذلك فإن اهتمام الحكومة بالعمل علي حلها يطمئن أهلنا في الصعيد أن الدولة ليست مجرد «خيال مآتة» وأن «عينيها صاحية» تتابع وتراقب.. يا محلب بيه.. هل يتطلب الأمر أن تزور بنفسك نجوع الصعيد ليشعر الأهالي بأن الدولة مهتمة بأمرهم وأن أي مسئول مهما بعدت المسافة بين مكتبه وبين الحكومة المركزية في القاهرة ليس بعيدا عن أعين المراقبة والمحاسبة، وأن المهمل والمتقاعس والمقصر منهم «ها تتقطم رقبته ويغور في ستين داهية إن شاء الله» ؟!