فاتن عوض بعد مرور كل هذا الوقت أصبح التفكير في تعديل معاهدة السلام أمرا ضروريا وان يتصدر هذا الملف الشائك أجندة السياسة الخارجية المصرية وأولويات اهتمامها وبشكل عاجل، نظرا لخطورة تداعياتها داخليا وخارجيا، ومدي علاقتها بما يتعرض له الأمن القومي المصري من مخاطر وتحديات، وملف تنمية سيناء وضمان أمن وسلامة قواتنا المسلحة «درع الأمة وسيفها» بما يمكنها من أداء مهامها بكفاءة دون قيد أو شرط أو تعريضها لأية مخاطر وما يفرضه الوضع الراهن من تحديات. بالامكان تعديل بعض مواد معاهد السلام المصرية الاسرائيلية وبخاصة ترتيبات الأمن المتفق عليها بما يحفظ الأمن القومي المصري إزاء ما تشهده مصر من أحداث إرهابية خلال الآونة الاخيرة، استنادا للفقرة (4م4) من المعاهدة التي تنص علي أنه.. «يتم بناء علي طلب أحد الطرفين إعادة النظر في ترتيبات الأمن المنصوص عليها في الفقرتين (1، 2) من المادة الرابعة وتعديلها باتفاق الطرفين».. (م4) تسجل هذه المادة الهامة للمفاوض المصري الذي أدرك مدي أبعادها وهو ما تفرضه التغيرات الداخلية والظروف الاقليمية الراهنة وما تتعرض له سيناء الآن من هجمات إرهابية تعرض الأمن القومي المصري لمخاطر جسيمة هي بالفعل من تداعيات معاهدة السلام بالأساس. تفعيل هذا البند واستغلاله لتعديل البروتوكول الخاص بترتيبات الأمن والملحق العسكري وفقا لمقتضيات الأمن القومي المصري في ظل ما يواجهه من تحديات، سوف يساهم في إعادة الاتزان الاستراتيجي لسيناء والتخلص من تلك القيود المجحفة نسبيا الي حد ما خاصة بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود علي توقيع معاهدة السلام والتزام الجانب المصري واحترامه لتطبيق المعاهدة نصا وروحا مع الطرف الاسرائيلي. فالمعاهدة لا تزال قائمة حتي الآن رغم شدة المعارضة الوطنية لها وما دفعه السادات ثمنا لها ولم يتم خرق أي من موادها أو قيودها خلال تلك الفترة الحرجة من الجانب المصري. إذا لم يتم التعديل فسوف تكون سيناء مرتعا للخلايا الإرهابية والجماعات التكفيرية وعرضه لأي هجوم سواء اسرائيليا أو من أي تنظيم دولي أو أي قوة دون رادع، لالتزام مصر ببنود المعاهدة، فلا يحق لمصر أن تدفع بقوات الي سيناء إلا بموافقة اسرائيل وبالادق ان المعاهدة تقيد السلطات المصرية وتغل يد الجيش من فرض السيطرة الكاملة علي سيناء وإعادة انتشار القوات وتسليحها وفقا لمقتضايات الأمن القومي وما يواجهه من إرهاب، وهو ما يمثل عبئا ثقيلا علي قواتنا المسلحة وقدرتها علي حماية حدودنا وتأدية مهامها ومسئولياتها الوطنية بكفاءة وأمان. حيث ان عملية دفع قوات إلي سيناء وتغيير ترتيبات الأمن بها مشروط بالاتفاق بين الطرفين بنص المعاهدة، وهذه الشروط موضوعة بعناية لتقويض الجيش المصري علي امكانية شن حرب ضد اسرائيل سواء هجوما أو دفاعا وتجميد الجبهة المصرية تماما بضمان عدم الاعتداء أو شن أي هجوم محتمل مهما كان مصدره من الأراضي المصرية، وهو ما توقعه المفاوض الاسرائيلي أثناء مباحثات المعاهدة و»إلزام مصر بعدم صدور أفعال الحرب أو الافعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد من داخل أراضيها أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرتها أو مرابطة علي أراضيها ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر، كما تتعهد بأن تتكفل بتقديم مرتكبي مثل هذه الافعال للمحاكمة» بنص (م3 فقرة 2). ولم يتوقع المفاوض المصري مثل هذا الهجوم بالمرة سواء في الماضي أو الحاضر وإن وقع بالفعل فسيكون موجها من سيناء ضد اسرائيل وليس موجها ضد مصر!! وهو ما أدمي قلوب الشعب المصري إزاء تلك المفارقات، فماذا يكون الموقف إذا كانت مصر هي المعتدي عليها؟ والأخطر من قبل من؟! رغم تشاؤمي لإمكانية تعديل كامب ديفيد في ظل نظام الإخوان (السابق) الذي أبدي علاقات حميمية مع اسرائيل من واقع خطاباته للقادة الاسرائيليين، وإعلان التزامهم بكامب ديفيد، فضلا عن التشكك في قدرات وكفاءة هذا النظام وولائه، إلا أنني بادرت بإرسال خطاب ازعم أنه شديد اللهجة إلي الرئيس الإخواني السابق لنضع الجميع امام مسئولياته، وأملا في أن يسهم بشكل ايجابي مباحثات تعديل معاهدة السلام المرتقبة، وفقا لما أعلنته رئاسة الجمهورية وصرح به مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية في يناير 3102 بأن «تعديل بعض معايير الأمن القومي في اتفاقية السلام أمر وارد وهو قيد البحث والدراسة بمؤسسة رئاسة الجمهورية»، رغم التشكك في قدرة وكفاءة هذا النظام، وبالفعل تم الرد علي رسالتي من رئاسة الجمهورية بالتقدير والاشادة التامة لموضوع الدراسة العلمية رفيعة المستوي «السادات و53 عاما علي كامب ديفيد». إلا ان الرد بهذا الاسلوب الدبلوماسي زادني تشككا وتخوفا وازداد الأمر غموضا، فكنت انتظر ردا قاطعا بشأن موضوع التعديل ومواجهة الهجمات الارهابية التي تتعرض لها سيناء، ولم أكن ادرك بعد ان فتح ملف كامب ديفيد كان لغرض تمرير صفقة خبيثة، فلم يكن يخطر علي بال أي مصري أن يكون النظام الحاكم (نظام الإخوان) هو من وراء الهجمات الارهابية في سيناء تواطؤا مع حركة حماس والجماعات الارهابية والتكفيرية وتنظيم القاعدة، فقد ساهمت جماعة الإخوان في اطلاق العنان للخلايا الإرهابية النائمة واستجلاب البعض الآخر والافراج عن قياداتها وتوطينها في سيناء، تنفيذا للمخطط الاسرائيلي الامريكي لقطع سيناء عن جغرافية مصر، لتكون جماعة الإخوان الأداة الفاعلة في تحقيق أطروحة الوطن البديل لتوطين الفلسطينيين في سيناء وتصفية القضية الفلسطينية. وبالفعل تمت بعض الاجراءات العملية تجاه تنفيذ هذا السيناريو لعل أهمها اتفاق التنازل عن جزء من شمال سيناء لحركة حماس الفلسطينية، ومنح الجنسية المصرية لعدد من الفلسطينيين أكثر من 05 ألف شخص فلسطيني، الي جانب قرارات العفو السياسي واستجلاب عناصر إرهابية وتمكين الخلايا الإرهابية في سيناء باحتلال 06 كم شمال سيناء والتعهد بحمايتهم وغل يد الجيش المصري من ملاحقتهم ومطاردتهم.