المستشار: زكريا شلش اختلفت الآراء حول توافر النية في ان يتضمن تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 المعدل، وقف مباشرة الحقوق السياسية للمحبوسين احتياطيا في جناية مخلة بالشرف والاعتبار إلي ان يبت في أمرهم بحكم قضائي نهائي وبات. ويري من يعترض علي هذا النص في حال صدوره أنه يخالف نص المادة التاسعة من الدستور والتي تلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين والمادة 53 منه والتي تنص علي مبدأ المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم والمادة 78 والتي تنص علي حق كل مواطن في الانتخاب والترشح وابداء الرأي في الاستفتاء والمادة 95 والتي تنص علي عدم جواز توقيع عقوبة الا بحكم قضائي واخيرا المادة 96 والتي تنص علي ان المتهم بريء حتي تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة. ونري ان صدور مثل هذا النص سوف يتصادم مع نص المادتين 95، 96 من الدستور لانه من المستقر عليه وفقا لما انتهت اليه المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 14 يونيو 2012 في الدعوي رقم 57 لسنة 34 قضائية دستورية ان نطاق النصين سالفي الذكر لا يقتصر علي العقوبة الجنائية وانما يشمل كذلك العقوبات الاخري التي تأخذ حكمها وان لم تكن من جنسها، كالحرمان من حقوق او حريات بعينها، إذ ليس بشرط ان يكون الجزاء المقرر من طبيعة عقابية او تقويمية، وانما يكفي ان يكون وقائيا وهي جميعها لا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائي. وقضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوي المشار اليها بعدم دستورية نص المادة الاولي من القانون رقم 17 لسنة 2012 بتعديل بعض احكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والتي كانت تقضي في فقرتها الرابعة بوقف مباشرة الحقوق السياسية لكل من عمل خلال العشر سنوات السابقة علي 11 فبراير سنة 2011 رئيسا للجمهورية او نائبا لرئيس الجمهورية او رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطني الديمقراطي المنحل او امينا عاما له أو كان عضوا بمكتبه السياسي او أمانته العامة وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه تأسيسا علي ان حرمان هذه الفئات من مباشرة حقوقهم السياسية ومن المشاركة في الحياة العامة طيلة المدة التي حددها دون تقتضي او مبرر يتفق وأحكام الاعلان الدستوري بما ينطوي علي اهدار لأصل هذه الحقوق ويمثل اعتداء عليها ومصادرة لها وقيدا علي ممارستها يجاوز حدود دائرة تنظيم الحقوق التي يملكها المشرع. ورغم ان النص المقترح اضافته إلي قانون مباشرة الحقوق السياسية بوقف مباشرة تلك الحقوق للمحبوسين احتياطيا له وجاهته من الناحية الواقعية إلا لا يليق ان يرشح لرئاسة الجمهورية او مجلس النواب من اتهم بدلائل كافية استلزمت حبسه احتياطيا في جرائم مخلة بالشرف والاعتبار كالتخابر مع دولة اجنبية او الرشوة او الاختلاس او الاتجار في المواد المخدرة أو جرائم الآداب أو القمار او غيرها ولكن هذا النص في حالة اصداره سوف يكون مآله الانعدام بعد الطعن عليه امام المحكمة الدستورية العليا، ولما كان النص المذكور يرتبط ارتباطا لا يقبل التجزئة بالنصوص المنظمة للانتخابات الرئاسية فإن الحكم بعدم دستوريته سوف يعيدنا الي حالة عدم الاستقرار ويستلزم حتما اعادة الانتخابات الرئاسية لما حواه من عوار دستوري. ولو فكرنا في بدائل هذا النص قد نري اصدار نص يوجب عمل تحريات الجهات الرقابية والامنية علي من يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية او مجلس النواب او اعضاء المجالس المحلية وان تكون تلك التحريات خاضعة لتقدير اللجنة العليا للانتخابات إلا انه وان كان مثل هذا النص المقترح قد يكون بعيداً عن شبهة عدم الدستورية قد يفتح الباب حول جدل واسع كأن يقال أنه فصّل بقصد حرمان اشخاص او فصيل معين من حقهم في الترشح وهو ما نحن في غني عنه في المرحلة الحالية. وأري تحقيقا للهدف المنشود وهو المرور من الفترة الانتقالية التي تنتظر معظم دول العالم مدي نجاحنا والدخول إلي مرحلة الاستقرار والنهوض بمصرنا الغالية كما نحلم بها ان نلتفت عن النص المزمع اضافته او النص المقترح حتي لا نعطي لاعداء الوطن ما يساعدهم في استخدام معاول هدم مرحلة الاستقرار.