بغض النظر عن اشتعال الشارع المصري وصفحات التواصل الاجتماعي بين المعارضين والمؤيدين، لفوز د. هالة شكر الله برئاسة حزب الدستور، وبغض النظر عن أنها اعتلت رئاسة حزب د. محمد البرادعي المختلف معه الملايين، وبغض النظر عن بعض الآراء التي مازالت تندرج تحت الفكر العقيم وتتحدث عن كيف ترأس امرأة مسيحية حزباً سياسياً، فتنافس امرأتين بالانتخاب علي رئاسة حزب سياسي مصري هو ما يهمني.... التنافس بين د. هالة شكر الله والناشطة جميلة اسماعيل، وفوز احداها في سابقة هي الأولي في تاريخ الأحزاب المصرية يعد أمراً طبيعياً بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي غيرت الكثير من المفاهيم لدي الشعب المصري، والتي كانت المرأة فيها جزءاً مهماً وفاعلاً، ومروراً بثورة الثلاثين من يونيو، وحتي مشهد الاستفتاء علي الدستور التي كانت فيه المرأة ايضاً فاعلاً اساسياً بمختلف أطيافها واتجاهاتها، هذه النقلة النوعية في الفكر والسلوك المصري تعد تطبيقاً حقيقياً للديموقراطية ولمبادئ دستور جديد جاء بعد ثورتين مجيدتين في حياة المصريين، وتعد استكمالاً لمسيرة ونضال المرأة المصرية علي مر التاريخ، فهل نشهد مستقبلاً سيدات يتنافسن علي منصب رئيس الجمهورية، وهل تفوز احداهن فعلاً باعتلاء رئاسة مصر في القريب، أعتقد أن هذا ليس ببعيد بعد أن أثبتت المرأة المصرية ومازالت أنها قادرة علي المشاركة والتأثير في التغيير، فالتاريخ المصري للمرأة منذ عهد الفراعنة يشهد بالكثير من الأدوار والإنجازات التي نسيها الكثيرون سهواً أو عمداً، ففي عهد الفراعنة حصدت المرأة المصرية حقوقاً لم تنلها أي امرأة في جميع بلاد الدنيا، وشغلت الكثير من المناصب الحاكمة في القضاء والوزارات وحتي تولي الحكم ورئاسة مصر، وتمتعت بكل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، لقد شهدت العصور القديمة أسماءً مازالت لامعة ويتحدث عنها العالم أجمع أمثال "حتحور" و"إزيس" و"حنشبسوت التي حكم لمدة عشرين عاماً ازدهرت فيها مصر وتم إنشاء أكبر أسطول بحري علي مستوي العالم"، و"نفرتيتي" و" كليوباترا"، ومروراً بشجرة الدر 1250م، وغيرهن الكثيرات ممن لهن الكثير من الإنجازات لمن يريد أن يقرأ التاريخ، وفي العصر الحديث ارتبطت النهضة النسائية بالقضايا المجتمعية خاصة التعليم والتي ساهمت فيها المرأة بفاعلية محفورة في الأذهان وعلي صفحات التاريخ ومنهن علي سبيل المثال لا الحصر،الأميرة فاطمة اسماعيل ابنة الخديو إسماعيل التي كان لها الدور الأكبر في بناء جامعة القاهرة، وفي العصر الحديث برز الدور السياسي للمرأة المصرية مرة أخري عام 1919 والتي برز خلالها اسم أم المصريين صفية زغلول التي اهتمت بالقضايا الوطنية المصرية والعربية، وكانت علي رأس المظاهرات النسائية التي واجهت الرصاص من أجل الحرية للمطالبة بالاستقلال، وهدي شعراوي التي أسست ورأست الاتحاد النسائي المصري عام 1923 وكانت عضواً مؤسسا في "الاتحاد النسائي العربي" ورأسته عام 1935 وهو العام الذي شهد تقلدها نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي، و"الأديبة المصرية ملك حفني ناصف باحثة البادية وأول ناشطة في مجال حقوق الإنسان والمرأة ومناهضة للاستعمار البريطاني في مصر"، إن صفحات التاريخ تحتوي علي المئات والمئات من الأسماء التي كان لها دور بارز في الحياة السياسة والاجتماعية والاقتصادية والعلمية المصرية، والتي لا تسعها سطور المقال، وهو الدور الذي حاول ومايزال البعض محاولة طمسه، متناسين أن هذا الدور شهدته بدايات عصور الإسلام وعهد النبوة والتي تمتلئ بها كتب التاريخ الإسلامي، وأخيراً وليس آخراً، وبعد فوز أول امرأة مصرية برئاسة حزب سياسي، هل تشهد الانتخابات البرلمانية القادمة وجود منافسة قوية لمرشحات مصريات تمتلئ بهن مقاعد البرلمان، وهل يتحقق الحُلم وتشهد صفحات التاريخ المصري في المستقبل اعتلاء امرأة مصرية رئاسة مصر..!