هناك من لا يزالون يتطوعون بطرح »مبادرات« حول »مصالحات« مع الإرهاب والإرهابيين!! فهم يصرون علي إعادتنا إلي الوراء، كما لو كان التراجع إلي الوراء يشكل من وجهة نظرهم تقدما إلي الأمام!! إنهم يحلمون بأن يفرضوا علينا جماعة معادية للوطن والوطنية ولا تشعر بالانتماء إلي هذا البلد.. في ساحة العمل السياسي..، رغم أن كل القرائن والشواهد والتجارب والأدلة تبرهن علي انها تنفذ مخططا أجنبيا لتقويض وإسقاط الدولة المصرية وجيشها الوطني وهدم مؤسساتها واستدعاء التدخل الخارجي والاستقواء بأعداء البلاد. وهؤلاء يفترضون أننا يمكن أن نقبل بأن نلدغ مرة أخري، ونتيح الفرصة للمتاجرين بالدين الذين أدمنوا تكفير معارضيهم السياسيين ومخالفيهم في الدين والمذهب وتحريك الفتن الطائفية وتمزيق النسيج الوطني الواحد، والتلاعب بالدين والعبث به واستغلاله لخدمة أغراضهم. هؤلاء يريدون أن يفتحوا الطريق، مرة أخري، لدعاة الاستحواذ والتمكين والاقصاء.. بذريعة عدم الاقصاء(!) كما لو كانوا يقولون لنا: لماذا لا تجربون، مرة ثانية، لعلكم تكونوا أكثر حظا!! والواضح ان دعاة »المصالحة« يبذلون أقصي ما يستطيعون للانقضاض علي ثورتي 52 يناير و03 يونيو ومصادرة الإرادة الشعبية، والبحث عن وسيلة لرد اعتبار الدجالين والمشعوذين، الذين يزعمون أنهم يستمدون شرعيتهم من السماء.. لا من الأرض! ثمة كتّاب من أطراف الأنظمة المنهارة يروجون ما يتجاوز إرادة الناس، ذلك أنهم مازالوا لا يصدقون أن هناك شعبا قال كلمته النهائية وحسم الموقف. وبالنسبة لهم، فإن المفاجأة التي روعتهم هي ان الشعب موجود وصوته كالرعد، ويملك شجاعة التغيير. وكانوا يظنون ان وجود الشعب هو وجود »افتراضي«، وأن هناك طرفين.. لا ثالث لهما: »العسكر« و»الإخوان« وما بينهما مجرد.. فراغ.. أما عشرات الملايين التي تدفقت في الشوارع والميادين عدة مرات، فهي مجرد تلفيق تليفزيوني وتركيبات فوتوغرافية!! المفاجأة.. ان هذا الشعب خرج من قوالبهم وأنه أكثر ذكاء منهم، وأكبر منهم، ولذلك يريدون إعادته إلي القالب أو المربع الذي كانوا قد أعدوه له. إنهم يتطاولون علي الجماهير وينكرون أي دور لها، كما لو كانت هذه الجماهير قد خالفت قوانين ومنطق وموازين الدنيا ونواميس الطبيعة، وبالتالي، أصبحت مهمة هؤلاء »العقلاء« التصالحيين هي.. تصحيح الموازين!! وهؤلاء لا يتقبلون فكرة ان الطغاة يخسرون، فهم الطغاة ينبغي أن يكونوا المنتصرين علي الدوام، بل ما نفع هذه الجماهير كلها من دون »الجماعة«؟! وجريا علي عادة »الخواجات«، فإن دعاة »المصالحة« يجعلون من السفاحين »ضحايا«، ومن الضحايا قتلة وقمعيين! وهؤلاء يقفون خارج التاريخ والجغرافيا، وشعوبهم بالنسبة إليهم مجرد قطعان في طابور السمع والطاعة. إنهم يريدون إرغامنا علي تجاهل تاريخ جماعة غارقة في الدماء يتربع فيها القتلة فوق جبال من الضحايا. ومطلوب منا أن نتطوع بتسليم أنفسنا إلي اللصوص الذين سبق أن اختطفوا وسرقوا الثورة! إنهم يتصورون أن بلادنا في حالة »استقطاب« و»انقسام« و»أزمة«، وأن هناك خلافا سياسيا بين »فريقين«.. والصحيح أننا شعب متماسك موحد في مواجهة عصابة إرهابية أصبحنا نعرف الآن حجمها الحقيقي، وعلي يقين من مصيرها المحتوم. وهؤلاء أصحاب منطق مريض، وخاصة عندما يتوهمون ان منح قبلة الحياة للإرهابيين هو الحل السحري الذي يعيد الوئام والسلام(!) ويتخيلون أنهم قادرون علي الحيلولة دون مصر واستعادة روحها وعافيتها ومكانتها. وهم يستخفون بعقول المواطنين.. ويبحثون عن دور أو مكان لهم في الساحة السياسية، بل إنهم يفتقرون في أحسن الأحوال إلي الحد الأدني من المسئولية الوطنية.. إذا افترضنا حسن النوايا! كلمة السر: لا عودة إلي الوراء