مصر بلد عظيم به امكانات هائلة، وتبرز قوتها وترتفع الاحوال المعيشية لابنائها، وتزيد اسهاماتها في الحضارة الانسانية، عندما يتوافر لها قيادة قوية حكيمة، ونحن في هذه الايام علي أعتاب اختبار مثل هذه القيادة.. والاوضاع الملتبسة الحالية تضع امامها تحديات جسيمة، يجب ان تستعد لها ببرامج قوية، تعمل علي استعادة مكانة مصر داخليا وخارجيا.. وسوف تقوم بصياغة هذه التحديات بدون الدخول في كيفية مواجهتها، وبدون ترتيبها بحسب الاهمية حيث ان الحزمة بأكملها مطلوبة، واهم هذه التحديات بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والنماء هي. رأب الصراع والاصطفاف خلف مصر.. نعاني كثيرا الآن من انقسامات حادة في الاسرة الواحدة، وفي المجتمع وتنوع هذه الانقسامات بين مدني وعسكري، مسلم ومسيحي، يميني ويساري وغيرها كثير.. ومن المسلم به أن ما من مجتمع قد حقق تقدما إلا في ظل نبذ الخلافات، والالتفاف حول القيادة والعمل علي تحقيق الاهداف العليا للمجتمع.. ولا يعني هذا ان تكون آراء الجميع واحدة. إذ ان المشاكل معقدة، وطرق الخروج منها عديدة، فلنختلف في الرأي ولكن نتوحد في الهدف الاسمي وهو تحقيق قوة مصر، ورفع شأن المصريين. التحدي الأمني واستقراره.. والمزيد من الاستقرار يتطلب ليس اجراءات شرطية فقط ولكن اقتصادية وسياسية واجتماعية. التحدي السياسي، وهو أن نعمق المنافسة السياسية من اجل وطن اقوي، وهذا يتطلب قيام الاحزاب السياسية، بدورها في كل مناخ ديمقراطي سلمي، وتكوين الكوادر السياسية التي تخدم الوطن. التحدي الثقافي: انصب مفهوم الثقافة خلال العقدين الماضيين علي بناء المسارح والمتاحف والاهتمام بالحجر دون البشر.. وهذا جانب مهم، وتم فيه الكثير، الا ان القيم الثقافية التي يجب ان يتحلي بها الشعب أهملت الي حد كبير، وأود ان أشير الي عناصر اساسية أهمها. قبول الرأي والرأي الآخر.. رأينا صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب. قبول الهزيمة السياسية وتداول السلطة عن طريق الانتخابات. تقديس العمل الجاد والالتزام به. عدم الاسراف والتبذير وزيادة الادخار. النظام والانضباط واحترام الوقت الذي هو من ذهب. التحدي الاجتماعي: إننا نعاني في مصر من استعجال النتائج ومحاولة جني الثمار قبل أوانها.. ونفسنا قصير في تتبع انجاز أعمال كثيرة وهذه السلوكيات أنتجت في الماضي علي المستوي القومي، بدء انطلاقات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة الا انها لم تكتمل، وأجهضت بعد فترة وجيزة.. والأمثلة عبر تاريخنا كثيرة: محمد علي في أول القرن التاسع عشر ثم في منتصفه، عبدالناصر في أواسط الخمسينات من القرن الماضي ثم اواسط ستيناته، وهكذا نريد ان يتبني المجتمع سياسات النفس الطويل، حتي تبلغ مصر مرحلة النمو الذي يغذي نفسه بنفسه وتصبح دولة متقدمة لا تنتكس في غياهب التخلف بعد ذلك. التحدي الاقتصادي: وربما يكون هو التحدي الذي له أولوية كبري في هذه المرحلة نظرا لتردي الاوضاع الاقتصادية من ناحية، وإلي تطلع الناس لتحسين اوضاعهم، ومعيشتهم كي يستمروا في العطاء، بانضباط وجد.. ونظرا لتخصص الكاتب في هذا المجال فإنه سوف يتعرض لرؤوس الموضوعات، بطريقة اكثر تفصيلا مما سبق بدون الدخول في المحتويات باطناب واهم البرامج المطلوبة. العمل علي إقلال عجز الموازنة. ايجاد وسائل لتخفيض الحدين العام والمحلي. تشغيل المصانع المغلقة وزيادة الطاقات المستغلة في المصانع القائمة. خلق المناخ الملائم للاستثمار الوطني. احتواء التضخم وتخفيضه تدريجيا الي نحو 6٪ بعد ان تعدي 41٪ سنويا. تخفيض معدل البطالة الذي بلغ اكثر من 31٪ البدء باصلاح جوهري للتعليم بدءا بالتعليم الابتدائي الذي يبني عليه المراحل التالية العلم في الصغر كالنقش علي الحجر. مراعاة الكفاءة والجودة في مختلف القطاعات والميادين. قضية التنمية الصناعية والوضع التنافسي. مشكلة الامن الغذائي. مشكلات المياه والطاقة. النظر الي قضية السكان علي ان الموجود منهم حاليا اصول وثروة. وليسوا عبئا وخصوما مع حث الاسر علي الاكتفاء بطفلين في المستقبل لاقلال معدل الزيادة السكانية بحيث تتمتع الاسرة بثمار التنمية. الرؤية طويلة الاجل: كما يجب ان تعطي القيادات تفاؤلا بالنسبة للمستقبل عن طريق بيان الرؤية المزدهرة التي تنتظر مصر علي المدي الطويل وهذا يشتمل اساسا. تحقيق زيادة في استخدام اراضي مصر بحيث تستوعب بكفاءة السكان المقدر عددهم في عام 0502 بنحو 041 مليون نسمة. ضرورة زيادة الانتاج ورفع الانتاجية. مضاعفة الدخل القومي مرة كل 7-01 سنوات قادمة بحيث يكون مستوي دخل الفرد في مصاف الدول مرتفعة الدخل وليست منخفضة. التحديات الخارجية.. تواجه مصر العديد منها، ويجب ان يكون لنا رؤية لكيفية التعامل مع القوي الخارجية.. اوربا والولايات المتحدة وافريقيا والنمور الآسيوية وامريكا اللاتينية، بما يحقق مصالحنا ويؤدي الي استعادة مصر لمكانتها الدولية. لا شك أن القائمة طويلة، وليس الغرض منها إحباط القيادات المستقبلية، ولكن للاسهام في رسم خارطة الطريق وحتي يبلغ النجاح في تحقيقها عبر الزمن يلزم ما يلي: أولا: تكوين فرق من التخصصات المختلفة لوضع التفاصيل المطلوبة في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها، مع وضع التوقيتات الزمنية لتنفيذها. ثانيا: ان يكون هناك فرق لتنفيذ السياسات العامة في الاقتصاد والتعليم والطاقة والزراعة، والصناعة والضرائب والجمارك وغيرها بحيث تكلل الجهود بالنجاح والمتابعة المباشرة، أي روح فريق العمل وليس الفردي. ثالثا: ان تعطي القيادات الجديدة القدوة للشعب. رابعا: استثارة همم الشعب عن طريق المصارحة والمكاشفة بخطورة الاوضاع الراهنة مما يتطلب تحمل تبعات الاصلاح. خامسا: ضرورة اشراك الشباب في مختلف المجالات مع حسن اعدادهم. سادسا: تطبيق قواعد المساءلة الفورية والقواعد السليمة للثواب والعقاب. سابعا: اتباع متطلبات التنمية الاحتوائية. وأخيرا: فعلي الرغم من انفلات الاحوال العامة في مصر حاليا، فلعلها تكون حافزا علي تغيير سلوكياتنا وانماط حياتنا بما ينقلنا الي مستويات أرحب.. وهذا ليس مجرد اماني أو احاديث في الهواء كما حدث في مشروع النهضة للرئيس السابق، أو مشروع الصحوة للرئيس الاسبق. ولكن هي فرصة ذهبية امام القيادات التي نحن علي ابواب انتخابها في القريب القادم، الي ثقة كبيرة إن شاء الله في تحقيقها في ظل الربيع العربي، واستفاقة الشعب لتحقيق آماله.