صالح الصالحى منذ الطفولة علمتنا الحياة الا ننظر إلي الخلف، ونسير قدما إلي الامام.. فعندما كنا نسير ليلا في قرانا المظلمة، كان يوجهنا آباؤنا الا ننظر وراءنا.. حتي نصل مقصدنا بسرعة، دون خوف من عفريت نشعر بخطواته تلازمنا. وعندما كنا نلعب في شوارعنا الضيقة، وتمر عربة حنطور أو كارو يتعلق بها بعض الصبية، كنا نخبر السائق بذلك مستخدمين عبارة »كرباج ورا يا أسطي«.. فيضرب بكرباجه الي الخلف دون أن ينظر،ليفر الصبية مسرعين. هذا ما يجب أن نكون عليه اليوم.. الا ننظر الي الخلف.. وان نحدق بأبصارنا إلي الأمام، وأن نطوي صفحة يوم يمر علينا.. ونفكر في بكرة.. فالغد دائما يأتي بحلم يحمل الأمل.. لقد انجزنا في تحد عظيم الدستور.. وعلينا أن نطوي صفحته.. فهو مجرد عملية تصحيح للإبصار.. وننظر الي المستقبل ببصر ثاقب لاغشاوة عليه.. علينا ان نفتح وبسرعة صفحة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.. وما يترتب عليها من تعديل وإقرار قوانين ترسخ للعدالة والديمقراطية وتترجم الدستور الي واقع عملي، يشعر به المواطن في حياته اليومية. المرحلة القادمة هي الأهم والاعظم.. وعلينا أن نهرول في انجازها.. وهذا يتطلب أن ننظر الي الامام.. ونضع فزاعة الاخوان خلفنا.. فما يفعلونه أمر عارض.. يجب ألا يؤثر علي ما نتخذه من خطوات وقرارات نحو مستقبل الأجيال ولسنوات قادمة.. سنوات تختفي فيها اشخاص وجماعات وائتلافات ويظهر غيرها.. هذه هي حكمة الايام. لا اعلم سببا لخلق متاهات تعرقل مسيرة التقدم بدون مبرر.. ونحن في أمس الحاجة الي كل ثانية تعبر بنا من الظلام الي النور.. لقد مر الف يوم منذ ثورة 25 يناير ونحن نتحرك الي الخلف لاسباب نعلمها جميعا.. ويتحمل كل منا فيها المسئولية بقدر.. ومازلنا ندور في فلك الرئاسة أم البرلمان اولا.. وهذه امور يمكن حسمها بقرار من رئيس الجمهورية الذي هو في المقام الاول رئيس للمحكمة الدستورية العليا، والذي يعلم مدي صحة او خطأ اجراء الانتخابات الرئاسية اولا.. ويعلم مدي اتفاق ذلك مع الدستور او مخالفته.. ولا اعتقد انه سيغامر ويصدر قرارا يخالف نصا دستوريا.. لمجرد ارضاء شخص أو أشخاص فالتاريخ لايرحم. عموما مهما كان الامر لا اجد مبررا لهذا التقاعس والتلكع في اصدار قرار حاسم ينهي به هذا اللغط الدائر.. خاصة ان الظروف كلها ليست في صالحنا.. والشعب تزداد معاناته يوما وراء يوم.. هذا الشعب الذي تعلق ببصيص الامل في الدستور الجديد.. لم يعد مستعدا لأي احباط آخر يعود به الي الوراء.