عشت زمن «الحنطور» وكانت أيامى خلاله جميلة – أقصد الزمن والحنطور – وللجيل الجديد يمكنهم أن يتعرفوا على «الحنطور» إذا شاهدوا أغنية «الاقصر بلدنا بلد سواح».. وفى هذا الزمن كانت الصحافة تتمتع بقيمة ونفوذ كبيرين.. وكان نجوم التليفزيون أصحاب قامة طويلة!! وضمن ما أذكره بابتسامة كلها شجن.. أن الصغار كانوا «يتشعبطون» خلف «الحنطور».. فإذا بكل من يملك خفة الظل المصرية، ينادى «كرباج ورا يا اسطى».. وعندئذ يوجه قائد المركبة – بكل وعى وفهم – الكرباج للخلف.. ليصيب الصغير «المتشعبط» بلسعة تجعله يجرى صارخا وسط ضحكات المارة. الصورة داعبت خيالى عندما تابعت صغارا «يتشعبطون» فى «حنطور» الدبلوماسية.. ووجدتنى مضطرا للهبوط إلى مستوى جهلهم وهتافهم ونفاقهم الرخيص.. ولا مانع من أن أكون «العربجى» وقت اللزوم.. فالسوقة والغوغاء والجهلة يحتاجون إلى «الكرباج» وإن كان جلدهم لا يخترقه الرصاص!! أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكل الذين انتقدوا الأداء الدبلوماسى على طريقة «الكوافير» !!.. فنحن كنا نطمع فى لغة خطاب أكثر قوة ورصانة، وتعكس شموخ أمة تعاملت مع أزمة «غزة» الأخيرة بحصافة وحنكة رئيس نفخر بأنه قائد السفينة فى هذه اللحظة.. فقناعتى ثابتة وراسخة بأن الرئيس حسنى مبارك أكبر بكثير جدا، من معظم القائمين على تنفيذ سياساته – وكان الله فى عونه – ودليلى على ذلك أننى مضطر للاتفاق – لأول مرة – مع «سمير رجب» الذى قال إن الصحافة القومية وغيرها انحدرت إلى مستوى الابتذال.. لحظتها ضحكت من قلبى ونطقت: حقا أتفق معك رغم أنك واحد من الذين وضعوا حجر أساس هذا البناء الهش والضعيف!! الذين لا يريدون الاعتراف بحقيقة تدهور الإعلام المصرى – صحافة وتليفزيونًا وإذاعة – هم أنفسهم الذين يرون أن دبلوماسية «الكوافير» تعكس القوة والمتانة وفيها عمق ورصانة تتجاوز قوة ومتانة «النص نقل» التى يتم الترويج لها فى إعلانات تثير الضحك.. لا الدبلوماسية المصرية قادرة على إقناع «الشعب المصرى الشقيق» ولا الإعلام المصرى – صحافة وتليفزيونًا وإذاعة – قادر على التأثير فينا داخل حدودنا.. ربما لأن «القلة المنحرفة» التى تتهافت على مواقع القيادة، تعادى بكل ما تملك الموهوبين والمخلصين والأكفاء الذين تضمهم «الجالية المصرية فى القاهرة» !! تدهورت الدبلوماسية المصرية فانتفض «جند الأمن المركزى» للدفاع عنها.. وأصبحت الصحافة مبتذلة – حسب شهادة سمير رجب – فتصدى للإشادة بها صغار يستحقون لسعات القادر على ممارسة مهارة «كرباج ورا» !! والمعنى هنا ليس فى بطن الشاعر لأنه مصاب بالقرف فاضطر أن يفرغ ما فى جوفه من كلام فارغ يصيب كل من يقرؤه أو يسمعه بحالة غثيان شديدة.. وأولئك يستحقون أن نشير إليهم بمنطق وأسلوب الأستاذ «أحمد بهاء الدين» حين كان يجد صعوبة فى تجاهلهم فقال قولته الشهيرة «سامحونى لأننى أحيانا أضطر لهش الذباب» !! [email protected]