يخطيء من يتصور ان مصر تخوض الآن حربا محدودة مع قوي وفلول جماعة إرهابية محلية، فقدت توازنها وجن جنونها نتيجة ابعادها عن مواقع السلطة ومراكز الحكم، بعد فشلها وثبوت عدم كفاءتها في إدارة شئون البلاد والعباد، وهو ما دفع جموع الشعب إلي سحب الثقة منها ونزع الشرعية عنها، وعزلها عن الحكم قبل ان تقضي علي الدولة وتوردها موارد التهلكة. هذا تصور خاطيء واعتقاد غير صحيح وظن في غير محله، فالواقع والحقيقة يؤكدان أن المسألة أكبر من ذلك وأخطر بكثير، وأن مصر تواجه في الحقيقة هجمة شرسة وحربا شاملة علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية أيضا. وأن الحقيقة في شمولها لا تقتصر علي بعض جرائم القتل والتفجير والترويع هنا أو هناك، أو بعض العمليات الإرهابية في سيناء وبعض المدن والمحافظات الأخري، تقوم بها وتنفذها مجموعة من المجرمين والإرهابيين المحليين، يمكن ان تنتهي بهزيمتهم أو الامساك بهم، وكشف مخططاتهم، بل هي أوسع من ذلك وأعمق وأكثر تعقيدا وتشابكا. والقراءة المتفحصة للواقع والمدققة فيما جري ويجري علي الأرض داخل حدود الدولة المصرية، منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 بصفة عامة، وبعد الثلاثين من يونيو 2013 بصفة خاصة تقول إن هناك ارتباطا واضحا وصلة مؤكدة لذلك الذي جري ويجري في الداخل، مع واقع الحال القائم بامتداد البصر عبر المحيط الاقليمي لمصر، حيث الأراضي الفلسطينية المحتلة شرقا، والدولة الليبية المفككة غربا، والسودان المقسم والمنقسم جنوبا، وحيث الشاطيء الأوروبي شمالا بدوله المترقبة أحيانا والمتدخلة احيانا أخري استجابة للاشارات أو التعليمات الأمريكية. وقراءة الواقع تقول بوضوح، ان الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مصر، هي نتاج مؤامرة واضحة المعالم والاركان لها اطرافها المحلية والاقليمية والدولية، المتمثلة في فلول الجماعة الإرهابية وتنظيمها الاقليمي والدولي، بدعم وتورط كاملين من تركيا وقطر وحماس وبتنسيق شامل مع إسرائيل، وبرعاية ومباركة أمريكية. أما أهداف الهجمة والمؤامرة »فذلك موضوع آخر«.