لقد ولد السيد المسيح في عصر كله حروب ومنازعات ... في زمن يفتقد إلي الأمن والأمان، فلقد شهد القرن الأول الكثير من أعمال العنف، ولكن في يوم ميلاده كانت أنشودة السماء ... وعلي الأرض السلام (لو2: 14).. لقد رفض السيد المسيح في كل حياته استخدام العنف بكل أشكاله وألوانه ، لقد كان أسلوبه هو أسلوب السلام الذي يأسر قلوب البشر وعقولهم بالمحبة، فلم يشكل جيشا، ولم يعلن حربا، لكنه حارب الخطية والظلم والظلام، من غير أن يرفع سيفا، ولا حتي صوتا، لقد كان سيفه الحب، ورمحه الوداعة، وترسه التواضع، وقوته في غفرانه، لم يفتح مدينة، ولكنه فتح أعين العميان وآذان الصم، كما فتح أبواب الأمل أمام البائسين واليائسين، لم يشعل مشاعر البغضة والكراهية، ولم يحرض أحداً علي أحد، لكنه شجع الجميع علي الحب والتسامح بدون حدود، والعطاء والغفران بغير قيود.. لقد دُعي "رئيس السلام" بمعني أنه صانع السلام... فلم يعلم تلاميذه أن يحملوا سلاحا أو سيفاً، وإن كان مفهوم القوة ارتبط في ذهن البعض بالعنف والقتل وإراقة الدماء، لكنه كان يعلم أن الانتقام أول علامات الضعف، أما الغفران فهو من سمات القوة0 . والحقيقة التي لا يشوبها أدني شك هو أنه لا يمكن أن يتمتع الإنسان بالسلام الحقيقي إن لم يحصل علي سلام مع الله، فمن حُرم سلاماً مع الله لا يمكن أن يهنأ بسلام مع نفسه أو مع الآخرين، لأن الله هو مصدر كل سلام لذلك في ذكري الميلاد.