تفرج بريطانيا عن وثائقها بعد مرور ثلاثين عاما، بينما تفرج الولاياتالمتحدةالامريكية عن وثائقها بعد خمسة وثلاثين عاما، إلا ان مصر لا تفرج عن وثائقها ابدا تحت شعار »السرية في كل شيء«، ولا يتم التفرقة بين ما هو محظور الاطلاع عليه لأمن البلاد ومصالحها العليا، وما هو من الصالح العام نشره ومطالعته. كل ما يخص النظام - ايا كان- ومؤسساته ووزراءه هو سري للغاية لا يمكن الافراج عنه مهما طال الزمن ومهما تعالت الاصوات بضرورة الافراج عن الوثائق ونشر المعلومات بينما نجد قضايا التخابر والجاسوسية قد وصلت الي ابعد من الوثائق! ليس معني ذلك هو الافراج العشوائي للوثائق ولكن وفقا للقانون الذي يضمن حرية تداول المعلومات ووفقا لمعايير الامن القومي المصري، التي لم يحدد مفهومه الغامض الذي شمل كل شيء ليفقد ذات المصطلح قيمته ومصداقيته في استهلاكه بشكل مفرط ليصبح مفهوم الامن القومي شيئا يطارد الجميع في الوقت الذي اصبح فقط دفاعا غير مبرر لحالات الفساد والاستبداد في ظل ما يفرض من تعتيم وغياب تام للشعب عما يجري من احداث وقضايا تهم الوطن وابنائه الذين هم آخر من يعلم! وتسببت حالة السرية المطلقة في تعميق حالة الاغتراب والضبابية في ظل ثورة المعلومات الدولية ووسائل الاتصال والاعلام فائقة السرعة والتطور، ونحن بحاجة إلي ثورة فكرية تتبني ثقافة الشفافية لمحاربة الفساد، والكشف عن السرية التي تقف عائقا امام الباحثين في تاريخ مصر الحديث والوقوف علي الاحداث والمعلومات الحقيقية التي وقعت منذ اكثر من ستة عقود ولا نعرف الكثير عنها، كما لا ينبغي ان نعرف حقيقة تاريخنا من خلال الوثائق البريطانية والامريكية!