في الحلقة الخامسة من ملف اعرف دستورك نتطرق لما قدمه دستور الخمسين من تعديل للمادة (4) من الدستور المعطل التي تمنح الازهر حق المراجعة الدستورية لكل التشريعات المتعلقة بالشريعة الاسلامية لحماية المجتمع من التحول الي الكهنوت السياسي باسم الدين و المخاطر التي كانت ستحدق بالوطن حال استمرار هذه المادة . مادة (7) الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام علي كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولي مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم . وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. تخلص مشروع دستور الخمسين من الفقرة الخاصة بجعل »هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف« مرجعية دستورية في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، فمع أن هذه الفقرة تنشئ لأول مرة في مصر ما يعرف عند الإيرانيين بولاية الفقيه التي توصف الاجتهاد بالعصمة، وتجعله سيفًا في مواجهة المجتهدين الآخرين، فإنها سترتب في الوقت ذاته ازدواجية المرجعية الدستورية بين الأزهر وبين المحكمة الدستورية المختصة أصالة بالرقابة علي دستورية القوانين، فضلا عن سحب السلطة التشريعية من مجلس النواب وجعلها في الحقيقة بيد هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. فقد جاء في المادة الرابعة من الدستور المعطل بأنه: »يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالازهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية«. وولاية الفقيه مع ما فيها من ديكتاتورية علمية قد تؤدي إلي فساد العقيدة وسلامة الإيمان في حال أن يظن العامة أن تلك الهيئة أو هذا الفقيه يعرف الحق المطلق ويتكلم بالإنابة عن الله، وهو في الحقيقة يتكلم بغلبة ظنه ولا يخرج قوله عن »صواب يحتمل الخطأ، أو خطأ يحتمل الصواب«. وتجور صلاحيات المرشد الذي يمثل الفقيه علي صلاحيات رئيس الدولة، وهو ما يصبغ الحكم في إيران بالتناقض، فهناك ولاية مطلقة لشخص غير منتخب، ويسمح بهيمنة المؤسسة الدينية علي كل الدولة، في المقابل هناك نظام جمهوري، ودستور ينص علي الكثير من الحقوق المدنية للشعب. وعلي نفس المنوال و في ذات الطريق كنا نتجه تحت راية الدستور المعطل فكنا سنجد مصر بعد سنوات تتحول تدريجيا الي ولاية الفقيه والكلمة العليا في التشريع ستكون للازهر وليس للبرلمان المنتخب و قد صحح مشروع دستور 2013م صفة الأزهر الشريف بأنه »هيئة إسلامية علمية مستقلة«، بعد أن كان في دستور 2012م المعطل: »هيئة إسلامية مستقلة جامعة« كما هو نص المادة الرابعة منه. والمجتمع المصري في الحالة الاولي وفقا للمادة (4) من الدستور المعطل كان في طريقه الي الازدواجية في المرجعية الدستورية و ان نصبح رهن صراع دائم بين القضاء متمثلا في المحكمة الدستورية العليا و بين العمامة متمثلة في مشايخ الازهر الشريف و هذا الصراع سينحدر بنا مما لا شك فيه الي مناطق ضبابية و بحور عميقة سنتوه فيها و يقع مجتمعنا فريسة لهذه الصراعات اما صورة المجتمع المصري وفقا للمادة (7) من الدستور المعطل سيكون في الطريق الصحيح لا سيما ان ممثلي الأزهر في لجنة الخمسين اكدوا مرارا و تكرارا أن إسناد تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية إلي المحكمة الدستورية العليا صادف اهله وأن مرجعية المحكمة الدستورية في تفسير القوانين ذات الصلة بالشريعة الإسلامية لا يعد انتقاصا من دور الأزهر أو مساسا بمكانة هيئة كبار العلماء. في الحلقة القادمة : حتي لا نضلل .. الفرق بين مباديء واحكام الشريعة الاسلامية محمد الفقي