بعد تلميحات متعددة علي لسان المسئولين الأمريكيين بوقف مساعدات ذلك البلد إلي هذه الدولة الكبيرة (مصر) جاء قرار الإدارة الأمريكية الواضح بوقف مساعداتها لأرض الكنانة، وما كررنا قوله وما قاله مفكرون وخبراء من داخل مصر وخارجها، بأن مؤامرات داخلية وخارجية تحاك سرا وعلنا لأضرار مصر وشعبها وجيشها العظيمين حقيقة واقعة لا يختلف عليها اثنان. وكما يقولون (كل إناء بما فيه ينضح) رجال أمريكا خاصة من المحافظين الجدد يضمرون السوء لهذا البلد الكبير، بل وكل دولنا العربية والإسلامية، ويعتبرون مصر والسعودية الجائزة الكبري بعد العراق، وما تجميد المساعدات علي قلتها سواء واحدة من أدوات الضغط العديدة التي يريد البيت الأبيض اللعب فيها ضد مصر (القوية). السؤال المطروح متي كانت الإدارة الأمريكية عند عهدها أو وعدها للعرب منذ وعد بلفور اللعين عام 1917 في ظل عصبة الأمم مرورا بعام 1945 تأسيس الأممالمتحدة وجامعتنا العربية وبقرار التقسيم 1947 وتأسيس إسرائيل عام 1948 لتهرول أمريكا للاعتراف بها بعد (11) دقيقة من قبولها عضوا بالمنظمة الدولية. أمريكا وقفت (بالفيتو) البغيض ضد كل القرارات الداعمة للقضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف، وفي حروب إسرائيل 1967 1973وغيرها ضد العرب وقفت أمريكا مع إسرائيل علي طول الخط وضد العرب علي طول الخط، ولذا فإن من ينتظر خيرا من سادة البيت الأبيض كمن يحفر بالبحر ليزرع ويحصد. علي الجانب الآخر أود أن أؤكد الرأي الاقتصادي والعسكري والاستراتيجي الذي يقول أن مصر تستطيع في الحال الاستغناء عن معونة أمريكا دون أن تتأثر اقتصاديا أو عسكريا، فتنويع مصادر السلاح بل وتصنيعه هو قرار مصري سيادي وليس بقرار أمريكي أو معونة لا تسمن ولا تغني من جوع لا يتجاوز حجمها (1.5) مليار دولار، النزر القليل منها ذو طبيعة اقتصادية.. لنعرف أن معونة ماما أمريكا التي لم يبرر السيد كيري خلال زيارته الأسبوع الماضي لمصر تجميدها لا تمثل لدولة مصر شيئا مذكورا فإنها بعلم الاقتصاد لا تتجاوز (25) في المئة من دخل قناة السويس وبالنسبة لإجمالي الناتج المحلي لمصر طبقا لإحصاءات 2012 الذي بلغ (1600) مليار جنيه، فان تلك المعونة لا تمثل أكثر من 0.7 في المئة فقط من ذلك الناتج المحلي.. أنها فرصة سانحة لمصر أن تصرف النظر عن معونة أمريكية (عفنه) كثر الحديث عنها وملأ الغمام في بلاد العم سام مبرزا أعلام ذلك البلد تفضل بلاده علي مصر الكبري، ومخفيا الدعم المعلن للدولة العبرية الذي يتجاوز سنويا (6) مليارات دولار، ناهيك عن مساعدات أخري عسكرية تدعم ميزانية إسرائيل العسكرية التي تتجاوز (7) مليارات دولار سنويا جعلت من العدو الصهيوني قوة ضاربة في الشرق الأوسط. ثم إن مصر بغني عن مساعدات أمريكا فهي غنية بمواردها المتعددة من العملات الأجنبية التي تتجاوز (65) مليار دولار سنويا تضخ من إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات والسياحة والزراعة وغيرها، والأهم العنصر البشري الذي هو عماد الدول واقتصادها ومصر واحدة من أهم الدول غني في الموارد البشرية. وإذا كانت أمريكا قد قررت منفردة تجميد معوناتها لهذا البلد (الغني) مصر، فإن العرب فهموا رسالة (صديقتنا) أمريكا في الرخاء والشدة، فالسعودية صفعت أمريكا بوجهها وقدمت (9) مليارات للشقيقة مصر، وأنا أعرف أن القيادة السعودية ستقف مع مصر حتي يتعافي اقتصادها ويستقر أمنها وتعود مصانعها ال (4000) مصنع لفتح أبوابها واستقبال العاملين فيها، وتعود كل المشاريع المتوقفة إلي سابق عهدها. وإذا كان هذا هو الموقف السعودي فإن الإمارات والكويت وقفت وستقف مع مصر دعما لأمنها واستقرارها لإن أمن واستقرار مصر سياسيا واقتصاديا هو أمن واستقرار العرب، فالإمارات قدمت لمصر (4.9) مليار دولار والكويت قدمت (4) مليارات دولار، وهذا الدعم السخي من الدول الثلاث سيساهم بدون شك في حلحلة التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، ويعيد النشاط في بورصة الأوراق المالية، بل وسيدعم العملة المصرية. إن الأهم أن يستمر الدعم لمصر وأهل مصر فيجب أن لا ينقطع أنبوب المد والدعم العربي لأهلنا في مصر حتي يقف الاقتصاد المصري علي رجليه، فطالما وقفت مصر شعبا وحكومة وجيشا إلي جانب العرب في قضاياهم المصيرية. والأهم أن مصر دولة غنية بخيراتها المتعددة (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) البقرة 61 فلديها الكثير من الثروات الطبيعية من نفط وغاز ومعادن وعنصر بشري مؤهل ومدرب ومن يملك الخبرات هو أغلي من الطاقة، وهي دولة إذا تحقق لها الأمن والاستقرار ستجذب استثمارات كبيرة وملايين عديدة من القاصدين لمصر للسياحة وغيرها، فسيأتي هذا اليوم قريبا إن شاء الله لنري فيه مصر وقد تغلبت علي تحدياتها الحالية وانعتقت من الاعتماد علي المساعدات بكل وجوهها وخرج اقتصادها من عباءة الركود المؤقت إلي اقتصاد قوي يؤدي دوره علي المستوي الإقليمي بل والدولي. هذا لأن هبة النيل تملك قاعدة اقتصادية وصناعية قوية، مصر بإرادة الله ثم بإرادة شعبها وجيشها تستطيع ان تتجاوز الصعاب مهما رفعت رأسها وكسر رأس الفتن مهما بلغ حقدها ومكرها، وجيش مصر يملك قدرة التصنيع بجميع مكوناته، وقد أثبت عبر العقود الماضية أنه خير أجناد الأرض.. والشعب والجيش المصري يدركون أن من أراد أرض الكنانة بسوء كبه الله علي وجهه.