ليس أقوي ولا أحن ولا أفضل من أيادي جيش مصر علي شعب مصر ، لكي ندعو له بأن تسلم أياديه . هاهو الجيش العظيم يثبت كل يوم أن مصر هي شعب وجيش ، لو صح الشعب ، صح الجيش والعكس صحيح . لا نتجاهل كل جزء من مصر ، كل مؤسسة ، لا نتجاهل قضاء مصر ولا شرطة مصر ولا كل قطعة من ضمير مصر ، لكن الجيش حاجة تاني ، واليوم وطوال هذه الأيام تتعطر مصر بروائح نصر أكتوبر الذي صنعه جيش مصر ، صنعه بأقل سلاح عددا وعدة ، صنعه أبناء البسطاء من الشعب الذين تعلموا في المدارس المجانية ووصلوا إلي أقصي درجات العلم وابتكروا من الأسلحة وحسنوا في أخري ورغم كل ما ظهر في حرب أكتوبر ، فما زالت الابتكارات المصرية متنامية وهناك الكثير في جعبة الجيش من نتاج أولاد البسطاء الذين عاشوا الحرمان وشد الأحزمة حتي لا تتلوي المعدة لكي يشتري الجيش رصاصة ، الذين اكتفوا بقليل من مياه الشرب التي لطالما انقطعت ، بل ارتضوا أن تكون مياه الشرب مخلوطة بمياه المجاري ، من أجل أن يأتي يوم الكرامة الذي يتحقق فيه النصر . أجيال من المصريين لم يعيشوا تلك اللحظات ، لحظات المعاناة الأليمة ، كما لم يعيشوا لحظات النصر والفخار ، لم يعيشوا ليس فرحة المصريين فحسب ، بل فرحة كل العرب الذين يعيشون في بقعة أرض من المحيط إلي الخليج اختصها الله بنزول كل الديانات السماوية فيها ، كل العرب الذين شاركوا في النصر ، كل شارك ولو بالدعاء ، إنه ليس نصر مصر فحسب بل نصر الأمة العربية كلها ، الأمة التي شاركت أشقاءها في مصر تحمل المعاناة وكسر الكبرياء وفرحت بفرحتها عندما كسر جيشها العظيم العدو وقهر قوته وأنهي أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر .