ظهرت في الفترة الأخيرة لافتات مكتوب عليها " مقابر للبيع "، وملأت الشوارع بشكل واضح للاعلان عن وجود " ترب " في بعض المناطق و في محطات المترو تجد انهم يعلقون لافتات تقول ان هناك مقابر للبيع بمساحات مختلفة و بأسعار مختلفة ولكن الأموات يحجزون بيوتهم في العالم الآخر، اتصلت » الاخبار« بالمكتب الذي يبيع هذه المقابر رغبة في معرفة التفاصيل والحقيقة، ومااذا كانت هذه الترب حاصلة علي ترخيص لبيعها ام لا ؟ وبادروا بالاتصال أيضا بمدير الجبانات في محافظة القاهرة لمعرفة ما اذا كانت المقابر قد تحولت الي السوق السوداء ؟، وما تأثير هذا النوع من الإعلانات علي المواطنين ؟، ودور جهاز حماية المستهلك في هذا الوضع وما ينبغي ان يفعله .. تفاصيل أخري في هذا التحقيق : " الاخبار " اتصلت بمكتب بيع المقابر المدون بالاعلان للسؤال عن " الترب " واسعارها ومساحاتها، فرد علينا الحاج عادل عكاشة صاحب مكتب بيع المقابر بحلوان والذي أخبرنا بأن المقابر الموجودة لديه تقع بمنطقة حلوان وتبعد عنها 15 دقيقة فقط، مؤكدا انها تقع في منطقة كفر العلو بينها وبين ركن فاروق . قال لنا أيضا ردا علي سؤال عن سعر المعاينة، انه لا يوجد تكلفة للمعاينة نهائيا والأمر بسيط مجرد ان تحضر للمكتب وتذهب الي المقابر لتري علي الواقع ما ترغب في شرائه وان المكتب يفتح يوميا بعد صلاة الظهر وهناك زبائن كثر قاموا بشراء هذه الترب عبر المكتب بالفعل وان هناك ابتالا غير عادي علي الشراء خاصة مع عدم وجود مقابر الان لدي المحافظة . اما عن مساحات واسعار المقابر التي يقوم المكتب ببيعها، فقد اشار الحاج عادل الي انها تبدأ بمساحة 40 مترا للمقبرة وسعرها 23 الفا، تربة أخري مساحتها 50 مترا فان سعرها 27 الف جنيه، وهناك مقبرة مساحتها 65 متراً بلغ سعرها 35 الف جنيه، مؤكدا ان المقابر جاهزة عالقفل فما عليك الا ان تشتريه وتضعه عليها لكي تغلقها . وحول ترخيص المقابر وما اذا كانت حاصلة علي ورق قانوني من المحافظة ام لا، اكد لنا الحاج عادل ان المقابر التي يبيعها مرخصة من المحافظة وبالتحديد من قسم المقابر. غير مرخصة علي الفور قمنا بالاتصال بالمهندس عزت زهرة مدير ادارة الجبانات بمحافظة القاهرة الذي نفي ان تكون هذه المقابر مرخصة تماما ولا علاقة لها بمحافظة القاهرة حيث ان بيع المقابر يكون عن طريق الادارة ، فهناك مدافن تعرض للمواطنين يمكن شراؤها عن طريق المحافظة مباشرة مساحتها21 متراً بسعر 12 الفاً بنظام حق الانتفاع وهذا هو المتعارف عليه طبقا لكن لا علاقة لنا بما هو معروض في الشارع عبر الإعلانات، مشيرا بقوله " لا رخصة لهذه المقابر وهؤلاء يبيعون الهواء للمواطنين ولا يوجد مقابر داخل نطاق المحافظة تباع عن طريق المكاتب، ولا يوجد مدير جبانات غيري ". اشار المهندس عزت زهرة الي ان المحافظة تصدر الان رخصة للمقابر، نافيا ان تكون هذه المكاتب تعطي رخصة المقبرة للمواطنين الراغبين في الشراء ويكون عليها التوقيع علي من المسؤول ومغلفة حتي لا يسهل علي احد تزويرها، قاطعا بانه لا توجد مقابر مرخصة داخل نطاق محافظة القاهرة يبيعها افراد او مكاتب وهذا الوضع خاطيء ناتج عن حالة الانفلات الامني التي تعيشها البلاد في هذه المرحلة . يقول المهندس عزت ان هولاء الاشخاص الذين يعلقون اعلانات للمقابر في الشوارع ومحطات المترو هم بعيدون تماما عن محافظة قاه وليست لديهم اية تراخيص فعلية للحصول علي جبانات وبيعها داحل القاهرة وانما هم مجموعة من واضعي اليد علي عدد من قطع الاراضي المملوكة للدولة قاموا بالبناء عليها وعرضها للناس، محذرا من التعامل معهم او الشراء منهم، ومشيرا الي ان رئيس حي التبين قام بحملة وذهب معه الي المقابر ولم يستطع الدخول الي هناك لأنهم تصدوا لهم ومنعوها من الدخول بقوة السلاح، شارحا ان الوضع في هذه المقابر غير قانوني تماماً وخارج نطاق محافظة القاهرة لانه لا يوجد مدير جبانات اخر غيره هو في القاهرة . ويصف المهندس عزت عمليات بيع المقابر عبر إعلانات في الشوارع في هذه الآونة بانها " بيبيع الهواء " للناس، فالذي علق الاعلان لا يملك الارض التي بني عليها، وبالتالي ففي اقرب فرصة لو ان الامور عادت الي طبيعتها فسوف تزال هذه المقابر . اما عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك فيصف هذا النوع من الإعلان بانه مضلل للرأي العام، ويطالب المحافظة بان تقوم بدورها تجاه هذا النوع من الإعلانات، اذ كيف تسمح لاحد ان يقوم بوضع اعلان كهذا ينافي - علي حد قوله - الآداب والذوق العام ولا يتناسب مع التقاليد والعادات التي تربي عليها الشعب المصري، متسائلا " منذ متي ونعلن عن مقابر ؟"، ذاهبا الي أهمية ان تتعقب المحافظة والجهات المسؤولة الشركات التي تعرض هذه الإعلانات وتوقع عليها اشد العقوبات لان الإعلانات لها مواصفات ولابد ان تكون المحافظة علي علم تام بكل هذا الذي يعلق ومحتواه . ويطالب اللواء عاطف يعقوب المواطنين ممن لديهم اية شكواي من النصب عليهم او الإيقاع بهم ان يتقدموا فورا بشكاوي الي جهاز حماية المستهلك كي يقوم بدوره في حمايتهم من الوقوع في شباك هذه الإعلانات المضللة، مشددا علي ان الجهاز سوف يقف بقوة في وجهها. اعلانات وهمية اسامة اسماعيل المدير التنفيذي للجمعية المصرية للاعلان فقد اكد لنا ان عمل الجمعية حتي الان ينحصر في نطاق الأعضاء وانه خلال الفترة القادمة سوف تشهد الجمعية توسعا لتغطية مجالات ترحب في إطار عملها حماية المواطنين من الإعلانات الوهمية والمخادعة التي ربما تتسبب في النصب عليهم والإيقاع بهم . يقول اسامة " ان دور الجمعية يقتصر علي خدمة الأعضاء ليس لنا دور فعال للتدخل في المهنة نقوم بعمل نقابة لتغطية هذا الدور في الفترة القادمة ". لكنه يؤكد علي ان هذا النوع من الإعلانات غريب عن المألوف ويؤدي الي الإحساس بالغضب لدي كل من يقرأه خاصة وأننا لم نسمع من قبل عن إعلانات خاصة بالمقابر . عملي جدا وعلي خلاف الآراء السابقة يري الدكتور صفوت العالم استاذ الإعلان بكلية الاعلام جامعة القاهرة، ان هذا الإعلان عملي جدا ويحل ازمة الكثير من الأشخاص ومن الممكن ان يحول الانسان توجيه إنفاقه، فبدلا من ان يشتري مصيفا له فانه يشتري مقبرة وهو التفكير الذي يكون عند الأشخاص ممن بلغوا سن الخمسين عاما، فضلا عن ان هذا الإعلان يحل أزمات كثيرة لأشخاص ربما يكونون قد انقطعوا عن عائلاتهم وجذورهم في الصعيد تتعلق بالزواج من سيدة لا يرغبون فيها، او ان دخله تحسن وانقطع عنهم، او يكون علي خلافات معهم بسبب الميراث او غيره، فهو في هذه الحالات يلجأ الي شراء مقبرة بعيدة عنهم وهذا الإعلان يوفر له ميزة قد لاتكون متفرجا في أوقات أخري، ذاهبا الي ان التفسخ الاجتماعي احد أسباب ظهور هذا الإعلان . يؤكد العالم ان تجارة المقابر رابحة جدا خاصة وان كثيراً من الأسر الموجودة حاليا بالقاهرة ليست علي تواصل مع جذورها لبعد المسافة او لانقطاع الأواصر او لغيرها من الأسباب، مؤكدا انها تساهم في حل ازمة مثل ازمة الإسكان