كل إنسان يقول رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم رسولاً بلسانه ولكن انظر الي قلبه هل به إيمان راسخ بما يقول ثم انظر الي عمله وقرر هل هذا الانسان صادق في عهده أم لا! وسامحوني فمن هذا الباب أقر وأعترف بأن هناك تجاوزات خطيرة في معتقداتنا.. فإذا كنت تؤمن حقا أن الله هو ربك فيجب ان تعرف ان كل ما أنت فيه منه. وأن كل ما يصدر عنك يجب أن يكون له، فهل أنت صادق في ذلك وبنسبة كام من عشرة. يعني هل أنت تعتمد علي الله ولا تسأل غيره أو تطلب من سواه. وهل الدين حاكم لحياتك بكل أوامره ونواهيه. وإذا كنت تعترف أنك رضيت محمداً هادياً ورسولاً فهل اهتديت به واتبعت طريقته؟ كم من سنن الرسول في حياتك، سواء من صورته. أو سيرته. أو سريرته يعني فكره وجهاده وسعيه لإخراج الناس كل الناس من الظلمات إلي النور. وهل انت حقا خليفة عن الله ونائب عن النبي؟ وهل أنت رضيت بالاسلام دينا بالفعل؟ بالتأكيد أنت تشعر بالمسئولية عن ابنك وزوجتك وعملك وتجارتك ومسكنك واموالك. فهل تشعر بنفس المسئولية عن دينك مثلما فعل الصحابة الكرام؟ لقد تحمل الصحابة الشدائد من أجل نشر هذا الدين وبسبب تحملهم لهذه المسئولية اصبحوا رجالا رضي الله عنهم ورضوا عنه. فكم عندك من فكر المسئولية عن الدين؟ وبأي شيء فعلته تحسب نفسك من أهل الجنة؟ قال أناس لرسول الله: كنا نحسن الظن بالله. فقال صلي الله عليه وسلم كذبتم. فلو احسنتم الظن لاحسنتم العمل.. سامحوني فأنا اكتب هذا الكلام لنفسي أولاً أو قل إنني أقوله لنفسي بصوت عال واسمح لكم بالاطلاع علي هذا التأنيب لضميري ونفسي التي ارتاحت للسيارة والبيت الواسع والطعام الطيب والاسرة والمعارف وانشغلت بجمع المال وقضاء الحاجات ونسيت في غمرة هذا الانشغال انه ما لهذا خلقنا الله. وقد قال الحبيب اخوف ما أخاف عليكم حب الدنيا وطول الامد يعني كراهية الموت وحب العيش الطويل فيها. وهذه هي مداخل الشيطان علينا أن جعلنا ننسي لماذا اوجدنا الله في هذه الدنيا؟ نعم نسينا أن الله خلقنا في الدنيا لعبادته والعبادة ليست فقط ان نصلي ونصوم ونحج فهذا بكل وضوح قليل من كثير فمعني العبادة الحقيقي هو اولاً التعرف علي الله فنعرف من هو حتي يزداد ايماننا به وحبنا له وخوفنا منه وثانياً معناها أن نعرف كيف نشكر نعم الله علينا. والشكر ليس باللسان ولكن بالاعمال فشكر نعمة صحتك وعافيتك ليس بأن تقول لربك شكراً وإنما ان تبذل منها في طاعته وخدمة خلقه وتنفق من مالك لارضائه ومن وقتك لتجاهد في سبيله وثالثاً معناها أن تدعو الناس إليه وتوجههم له. نعم وهذه هي »الفريضة الغائبة« في الامة الاسلامية الان تعامل الناس عنها وتجاهلوها رغم كونها فريضة عظيمة بسببها ينتشر الدين في العالم ويزداد ومهما كان جهدك في هذا الصدد قليلاً فهو مقبول عند الله ولا تتصور ان كوب ماء يلقي في ماء حمام سباحة لن يزيد منسوب الماء فيه.. بل سيزيد ولو بدعوة اخيك إلي الصلاة أو بابتسامتك في وجهه او سعيك لادخال السرور إلي قلبه أو قضاء حاجته لله ومرة أخري أعتذر لأنني اطلعتكم عن هذا التأنيب لنفسي التي تحب ان تأكل كثيراً وترتاح طويلاً وتجمع كبيرا لن يغني عنها من الله شيئا. وأعرفكم ان النفس - أي نفس - تأبي النصيحة وتظن انها في غيرحاجة إليها ولكن هذا باب شيطاني - بعبد الانسان عن قبول »الطاعة والمسئولية« وهما الجناحان اللذان يطير بهما اي إنسان طيرا إلي ربه وبهما ينظر الله وهو ضاحك إليه ويرضي عن اعماله وحياته فالمسلم لا يكون مسلما صحيحا إذا كان صالحاً فقط يؤدي جميع الفرائض. ولكن يكتمل إيمانه إذا كان »صالحا« في نفسه »مصلحا« لغيره أو يسبب صلاحا لهم. واسأل نفسك كم شخصا كان بعيداً عن الله وكنت انت سببا في اقترابه وكم شخصا كان في خصام وعناد ومعصية لله وأنت رددته عن غيه وجئ به إلي مولاه.. السؤال سهل ولكن الاجابة خطيرة وعلي أساسها يتقرر مصيرك كله.. شمال أم يمين. لقد انشغلنا طويلاً بالسياسة التي جرفتنا بعيداً انشغلنا بمستقبلنا في الدنيا ونحن نعرف أننا قريباً سنفارقها وأهملنا العمل لصالح آخرتنا التي سنخلد فيها أبد الآبدين في جوار الله وصور لنا الشيطان أننا اصحاب الجنة فرضينا بأقل القليل نعطيه لربنا ولم نرض بالكثير جداً نعطيه لحياتنا وأعمالنا وبيوتنا ولم نفهم قول العلي القدير »إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم« نعم احذروهم إذا كان حبك الشديد لهم سيأخذك من المطلوب تجاه خالقك. نعم فإذا انت لم تدع الناس إلي الله وتنشغل بذلك يدعونك هم الي مشاغلهم فتنزلق إليها وتبوء بغضبه فتدعوه ولا يستجيب لك.. فيارب الهداية. آخر كلام: لا تنظر إلي الخلف فتتألم لما فاتك. ولا تنظر إلي الامام فتقلق مما هو قادم اليك.. ولكن انظر إلي أعلي وأعلم أن لك ربا يدبر أمرك ويلهمك الرشد فاطلب منه المدد والعون.