يبدو اننا شعب لا يتعلم من الماضي.. ويعشق دائما ان يسير بظهره وتكرار اخطائه.. فما يحدث الآن هو ما حدث في الامس ومنذ سنوات! ما اشبه الليلة بالبارحة.. ففي 13 فبراير 2011 صدر اعلان دستوري عطل العمل بدستور 71.. واعلن تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور التي طالبت القوي السياسية والحزبية تعديلها وعاند "مبارك "ورجاله في تنفيذها قبل ثورة 25 يناير.. ووافق مجبرا بعد احداث 28 يناير.. وبعد ايام من الاعلان الدستوري شكلت لجنة لتعديل المواد المطلوبة برئاسة المستشار طارق البشري.. وكلنا نعلم ماذا حدث من تدخل "إخواني" من تحت الترابيزة في المواد المعدلة. لا يهمني الآن الحديث عن المواد المعدلة فقد كتبت في وقتها مقالا عن اعتراضاتي عليها.. ولكن يهمني الحديث عن المادة 179 والتي تضمنت اضافة فقرة بأنه لكل من رئيس الجمهورية وبعد موافقة مجلس الوزراء.. ولنصف أعضاء مجلسي الشعب والشوري طلب اصدار دستور جديد.. وتتولي جمعية تأسيسية من مائة عضو ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين في اجتماع مشترك إعداد مشروع الدستور في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها.. ويعرض رئيس الجمهورية المشروع خلال خمسة عشر يوماً من إعداده علي الشعب لاستفتائه في شأنه.. ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء". المواد المعدلة والتي تم الاستفتاء عليها فيما اطلق عليه من بعض دعاة الارهاب "غزوة الصناديق" وصوت عليها في ذلك الوقت بنعم لم تتضمن اصدار دستور جديد.. واعطت سلطة طلب ذلك لنصف اعضاء البرلمان والي رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء.. وكنا نتوقع اضافة المواد لدستور 71 واعادته للحياة.. ثم فوجئنا بالجدل حول الدستور اولا ام الانتخابات.. ومطالبة البعض وعلي رأسهم "البرادعي" بكتابة دستور جديد بدعوي ان الثورة اسقطت الدستور.. فجاء الاعلان الدستوري في 30 مارس2011 ليفجر لنا مفاجأة و يتحدث عن اصدار دستور جديد وطرحه للاستفتاء.. وحدثت مماطلة من "الاخوان" وممن يطلق عليهم تيار" الاسلام السياسي" حتي وصول "مرسي" للسلطة و"اخونة" مفاصل الدولة بعد اقصاء كافة التيارات والاتجاهات السياسية والاجتماعية الأخري فخرج دستور 2012 وما به من تشوهات واعتراضات علي بعض مواده وصلت الي 38 مادة. علي نفس نهج "مبارك" سار "مرسي" رافضا اي تعديل فخروج اكثر من 30 مليون مصري الي الميادين مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة وتعديلات دستورية.. وبعد عزل "مرسي" في 3 يوليو.. صدر بيان من ممثلين عن جميع طوائف الشعب فيما عدا الاخوان ومناصريهم بتعطيل احكام الدستور مؤقتا.. وتشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة علي الدستور الذي تم تعطيله مؤقتا... وتكرارا لنفس السيناريو تم تشكيل لجنة العشرة علي نهج لجنة "البشري" والتي تلقت مختلف الاقتراحات للتعديلات ووصل الامر الي اقتراح تعديل كامل لدستور 2012 وليس للمواد المختلف عليا.. وتم تشكيل لجنة" الخمسين" علي نهج الجمعية التأسيسية" المئوية" لندخل في دوامة اتزان أو عدم اتزان اللجنة.. والحديث عن دستور جديد أو تعديلات دستورية.. وحذف المادة 209 او بقائها.. وصدرت تصريحات مستفزة من اعضاء اللجنة تؤكد ان كل منضم للجنة ينوي الدفاع عن مادة أو حذفها لصالح اتجاهه السياسي أو المهني أو الطائفي.. ناسين انهم لجنة وطنية يجب ان تخلع عباءتها الدينية أو الحزبية أو المهنية بمجرد انضمامها للجنة الخمسين.. كل ما اخشاه ان نعيش عامين واربعة اشهر.. ثم نعود لنقطة الصفر.. لنتحدث عن خريطة مستقبل وانتخابات برلمانية ورئاسية.. أو نظل لاشهر ندور في دائرة مفرغة.. فقد ظهر في الافق اول دعوي للطعن في تشكيل لجنة الخمسين!