المرة الأخري التي دمعت فيها عيناي عندما قرأت أن البابا تواضروس قرر صيام الأقباط مع أشقاء الوطن من المسلمين، وأن يتناولوا إفطارهم لحظة رفع أذان المغرب، ليس هذا فقط ولكن قرر أن تدق أجراس الكنائس مع صوات الأذان، والله اقشعر بدني تأثراً، سيؤكد التاريخ ذلك كما يذكر صعود القس سرجيوس إلي منبر الأزهر ليخطب فوقه، منذ متي لم نسمع عن مبادرات كهذه تكشف جوهر مصر الدفين لم يقل الفريق أول عبدالفتاح السيسي ذلك، لم يذكره في كلمته، لكنه الشعب المصري يضيف ويبدع، الكل سمعوا وانفعلوا واستعادوا الطبيعة الخالصة للمصريين عدا من بقلوبهم مرض، هل أصغي المستشار طارق البشري إلي أجراس الكنائس مقترنة بصوت الأذان. ليته يعود إلي كتاب رائع للمؤرخ طارق البشري بهرني يوما ومازال عن الجماعة المصرية، عن الأقباط والمسلمين. ليت طارق البشري يقرأ طارق البشري، إن من لم ير الحشد الأسطوري الهائل النادر يوم الجمعة لن يري شيئا أبدا، لن يري نفسه حتي، وإذا لم ير الإنسان نفسه سيتحول إلي قاتل، قاتل لنفسه أولا ثم لاخيه وأبيه وبنيه وهذا ما جري فجر السبت، اصيب الإخوان ومن والاهم من عرب وعجم بهلع، هلع من هدير الشعب الذي عاد إلي مصر المتسامحة، المحترمة للآخرين، المعبرة عن جوهر الإسلام الوسطي، غير المعترض، الإسلام الذي يحترم الحياة ولا يدعو إلي هدرها، سيظل أذان المغرب وأجراس الكنائس أنشودة بخطاب من أجل البشرية جمعاء. ليت المؤسسات الإعلامية في الدولة تبادر بطباعة أسطوانة لهذه اللحظة عليها الأذان والأجراس، وترتيل قبطي وأنشودة صوفية، وتمهرها بلغات شتي مع سطرين للمناسبة. اقتراح للدكتورة درية شرف الدين، للصديق أحمد المسلماني، لقد عاني أقباط مصر في ظل الحكم الإخواني والفاشية الدينية أثرت عندهم بقدر ما اثرت عندي فأرسلت دمعي، غير أن المتشددين القساة، القتلة، ازعجهم ذلك بقدر ما ازعج الغرب المتعصب صورة جمال عبدالناصر آخر فدبروا في الليل أمراً.