فتيات وشباب جلبتهم عصابات الرقيق الأبيض وتعرضوا للاغتصاب والتعذيب ويتم تهريبهم فى عمليات منظمة إلى اسرائيل تهريب الافارقة وتجارة الاعضاء عالم سري لايعرف الكثيرون عنه شيئا فالمشهد ضبابي يحتاج لمخاطرة قد تكلفك حياتك لرصده علي الطبيعة. هكذا صور البعض قرية المهدية الواقعة علي حدود مصر مع اسرائيل بأنها كالمنطقة العسكرية ممنوع الاقتراب منها او التصوير ومن مخالف ذلك فمصيره عند الله. وقد حاول الكثيرون الوصول الي تلك المنطقة خاصة العاملين في مجال الاعلام لم ينجح الا القليل منهم في الوصول الي رتوش ظاهرية عن هذا العالم الذي سيظل لغزا طيلة الاعوام القادمة. »الاخبار« قررت خوض المغامرة رغم التحذيرات الامنية التي واجهتنا وتم التنبيه علينا من التفكير للوصول الي هذا المكان الا ان طبيعة المهنة حتمت علينا ان نحاول ونحاول لكشف جزء من هذا العالم السري، هذا هو القاريء علينا. وقد نجحنا بعد مفاوضات مع مصادر نكن لها كل احترام في الوصول الي قلب مدينة المهدية وللشريط الحدودي بين مصر واسرائيل والجلوس مع افارقة تم تحريرهم مؤخرا من قبضة المهربين في رحلة استغرقت 7 ساعات ليلية حسبما فضلت المصادر ان تكون الرحلة في جنح الظلام رغم الخطورة التي قد تداهمنا من جراء تشديدات الجيش في مواجهة العناصر المسلحة وطيران الاباتشي الذي يحلق في سماء محافظة شمال سيناء لرصد اي تحركات والتعامل معها علي الفور. كان المصدر محسن المنيعي رجل بالتربية والتعليم الذي طلب ان يكون لقاؤنا في التاسعة من مساء أمس الأول عند مدخل مدينة الشيخ زويد لينتظرنا بسيارة تويوتا دوبل كابينه حتي وصل بنا الي الظهير حيث كان في انتظارنا ابناء عمومته واشقائه الذين احسنوا استضافتنا وكان الدليل هو عياد المنيعي الذي ظل يداعبنا طوال الرحلة في محاولة لارهابنا مازحا بان هناك من ينتظرنا في الطريق للقضاء علينا ثم يعود ويقول ان الرجل البدوي لايمكن ان يبيع ضيفه وان كل ما يتردد عن تجارة الاعضاء ما هو الا ضرب من الخيال معترفا بوجود عمليات تهريب الي الجانب الاسرائيلي لايرضي عنها الغالبية العظمي من ابناء سيناء. وانطلقت السيارة من منطقة الظهير لتدخل بنا الي منطقة المقاطعة وسط دروب داخل مزارع الزيتون ومخاوف من هجوم المسلحين علينا او استهداف من طائرات الاباتشي. انطلقت السيارة مسرعة حتي وصلت الي مدخل قرية المهدية حيث كان في انتظارنا الاستاذ محسن الذي سلك الطريق الرئيسي بسيارة اخري حتي وصلنا الي منزل الشيخ علي المنيعي ونجله الشيخ محمد امام المسجد الذي ضرب مثالا يحتذي به بقيامه بالتصدي لجريمة تهريب الافارقة وتعذيبهم ليشارك وعدد كبير من سلفي المنطقة وشباب اخرون في تحرير العديدين منهم واستضافتهم واراد من خلال الاخبار ان يجد حلا في توصيل هؤلاء الشباب والنساء الي بلادهم في كل من اريتريا واثيوبيا بعدما نجح في تضميد جراحهم الناجمة عن اثار الكي بالكهرباء وازالة الاثار النفسية للنساء بعد تعرضهن للاغتصاب علي ايدي الخاطفين. سألناه ما حقيقة تهريب الافارقة الي دولة اسرائيل وتجارة الاعضاء التي نسمع عنها وروايات الجثث التي يتم العثور عليها في صحراء ارض المهدية والمناطق المجاورة لها فقال سيناء تعاني من مشكلات التنمية حيث البطالة منتشرة والمدارس بلا مدرسين والمستشفيات بلا أطباء وبشر بلا عقول يديرون المنطقة .. مستكملا المشكلة الكبري هنا تهريب الوقود فرفح بها 11 مضخة علي مسافة 1كم يتم تهريب 800 ألف لتر وقود يومياً يكلف الدولة خسائر 6 ملايين جنيه فهل الحكومة لا تستطيع السيطرة علي هذه المسافة ؟ وإن كانت الأجهزة الأمنية لا تعلم هذا فتلك مصيبة وإن كانت تعلم وتسكت فالمصيبة أعظم. ويقول الشيخ محمد المنيعي إن جريمة تهريب الأفارقة لا ترضي بها أي أديان ومنبوذ من معظم البدو المتواجدين في شمال سيناء.. إلا أن هناك قلة من الطامعين الذين يريدون ثراءً دون مجهود يعملون في مجال تهريب البشر أو تجارة الرقيق علي حد تعبيره التي تعد من المحرمات في الإسلام وكل الأديان.. وأضاف أن تحرير الأفارقة واجب علي كل إنسان دون النظر لدينه لأن ما ينالونه من تعذيب علي يد المهربين يعد أكثر من تعذيب أمن الدولة في عصر مبارك وحبيب العادلي. وهاجم المنيعي الإعلام واصفاً إياه بالتركيز علي سلبيات سيناء والحالات الشاذة بها وتصديرها للرأي العام المصري والذي أصبح لديه يقين أن سيناء في سطوة الإرهابيين وتحت سيطرة المهربين وتجار المخدرات والسلاح. وأضاف المنيعي أنه اكتشف حالات التعذيب علي هؤلاء الأفارقة الذين استطاعوا الهرب ولجأوا للمسجد للاحتماء به من تعذيب المهربين وبصفته خطيباً لهذا المسجد وجد أن عليه مسئولية كبيرة وهي حماية المستنجدين به وتحرير باقي زملائه المحتجزين لدي المهربين .. وحينما رأي آثار التعذيب بعينيه أراد أن يضع حداً لتلك المأساة فقرر اصطحاب الحالات التي تم تعذيبها إلي داخل المسجد لعرضها علي المصلين لتكوين حشد شعبي لنبذ تلك الأفعال الشاذة من بعض أبناء سيناء لمواجهة تلك الظاهرة التي أصبحت تسيء إلي سيناء كافة والبدو والمهدية بصفة خاصة. وتجاوب المواطنون من أهالي المهدية ممن رأوا الأفارقة المعذبين خاصة بعد تمكن العديد منهم من الهرب ورأوهم علي الطرقات يعانون من الجوع والعطش وآثار التعذيب تملأ أجسادهم.. مما سهل من مهمة المنيعي من إقناعهم بضرورة اتخاذ إجراء حاسم من أبناء القرية تجاه هؤلاء المهربين الذين أساءوا لسيناء كلها. وأضاف الشيخ محمد المنيعي أن المهربين كانوا يطالبون الأفارقة الذين يريدون الذهاب لإسرائيل أن يدفعوا مقابلا ماديا هو 200 أو 300 دولار علي الأكثر حتي يطلقوا سراحهم.. ولكن في الآونة الأخيرة بدأت الأسعار في الارتفاع بشكل جنوني.. فكانوا يحتجزونهم في الغرف و»العشش« بأعداد كبيرة ويطالبونهم بتحويل مبالغ طائلة تصل إلي 30 ألف دولار. وهذا الإفريقي فقير هارب من بلاده ليس معه أية أموال ويراوده حلم الذهاب لإسرائيل وتحقيق الثراء ومن ثم إرسال الأموال لأهله الفقراء في بلادهم. ووسط هذا التناقض.. المهرب يريد المال والإفريقي لا يملكه .. بدأ المهربون في استخدام أساليب التعذيب للأفارقة ما بين تعذيب جسدي والاعتداء عليهم واغتصاب النساء منهن دون النظر إلي أعمارهن. وقال المنيعي إن التعذيب كان ما بين صهر المواد البلاستيكية علي أجسادهم بالإضافة إلي الضرب المبرح بالكرباج وصعقهم بالكهرباء وهم موثوقون الأقدام والأيدي.. والضرب علي أطراف الجسد بالعصي الغليظة مما أدي إلي تكسير عظامهم وتسبب في إحداث »عاهات« لدي الأفارقة وهو ما سيمنع من الأساس الذهاب لإسرائيل فيما بعد للعمل .. وأضاف أنه وجد بالفعل حالات تم كسر كلتا يديها وقدميها . وبالفعل حددنا الموعد الساعة السادسة صباحاً منذ حوالي أسبوعين علي أحد تلك العشش والغرف الملحقة بمنازل المهربين واصطحبنا أكثر من 20 من شباب القرية الذين استعدوا بالسلاح وداهمنا الموقع المستهدف وتمكنا من تحريرهم دون مقاومة من الحراس الثلاثة الذين قرروا إرشادنا إلي أماكن أخري بها أفارقة يتم تعذيبهم.. لنجد 12 إفريقيا في حالة يرثي لها ويعانون من الجوع والعطش وآثار التعذيب أكلت أجسادهم . وقالت أم صلاح واحدة من المحررين من يد العصابة لقد تم خطفي من السودان ونقلني الخاطفون إلي سيناء حيث تعرضت مع باقي الضحايا لأبشع أنواع التعذيب مثل تعليقنا من أيادينا بالسلاسل في سقف الغرفة وضربنا بشكل وحشي وكانوا يقدمون لنا رغيف خبز وقطعة جبن فقط للفرد يوميا وقد نقلنا أفراد العصابة مرتين خلال هذه المدة من مخزن إلي مخزن آخر. وأضافت باكية أن الرحلة استغرقت حوالي 5 أيام عن طريق البر من السودان وسط دروب صحراوية وحتي إحدي المدن الساحلية بمصر التي تم نقلهم منها عبر إحدي المراكب إلي سيناء في رحلة تستغرق حوالي 3 أيام لتكتمل رحلة وصولهم من السودان إلي سيناء حوالي 8 أيام متصلة. وقال تسفارت أحد المحررين إريتري الجنسية ظللت في قبضة العصابة طوال شهر وتم نقلي إلي أكثر من مخزن خلال هذه المدة، وتعرضت للتعذيب الشديد مع العشرات من الشباب والسيدات الأفارقة. وقال يحيي ابو نصيرة مؤسس مركز سيناء الحقوقي ان سيناء اخر حلقات عملية تهريب الافارقة الي اسرائيل. ومن هنا فإنه يجب علي اجهزة الامن ان تتبع مسارات وصول الافارقة قبل دخولهم الي سيناء. حيث تتم مقايضات مقابل توصيلهم الي سيناء حتي تتم مساعدتهم علي الوصول الي الاراضي الاسرائيلية عن طريق الحدود.