بانتهاء يونيو الحالي يكون الدكتور محمد مرسي قد أكمل عامه الأول كرئيس لمصر، ومن الطبيعي أن يكون هناك تقويم للأداء الاقتصادي لمصر ولكل الجوانب الأخري، ولكن الملاحظ أن البعض يعرض الوضع الاقتصادي في مصر بصورة خاطئة ومليئة بالمغالطات التي تتنافي مع الواقع أو حتي مع المسلمات الاقتصادية. مع أن الفترة التي نعيشها الآن تتطلب التفاؤل وأن يكون لدينا أمل في النهوض والتعامل مع مشكلاتنا الاقتصادية بنظرة إيجابية، وبدون التفاؤل المصحوب بالأمل لن تكون هناك تنمية، ولن نستطيع أن نتكاتف لنواجه مشكلاتنا الاقتصادية التي يرجع بعضها لعهد محمد علي. ولا يعني ذلك أن مصر قد تخلصت من مشكلاتها الاقتصادية وأن كل شيء علي ما يرام، ولكن ما هو العائد علي الاقتصاد المصري إذا ما أصر أحد الباحثين علي أن مصر خلال هذا العام من ولاية د. محمد مرسي قد وصل الدين المحلي بها إلي 1.6 مليار جنيه، أو أن دينها الخارجي قد وصل إلي 42 مليار دولار، أو أن احتياطي النقد الأجنبي قد وصل إلي 14.4 مليار دولار. التصحيح الواجب لا أطالب من يتحدث في الشأن الاقتصادي أن يجامل أداء الكتور محمد مرسي بالحق والباطل، ولكن نطالبه فقط بالموضوعية وذكر المعلومات الصحيحة حتي يكون المواطن علي بينة. فيما يتعلق بالدين المحلي مثلا، فحقيقة الأمر أن الدكتور مرسي تسلم مهامه الرئاسية في أول يوليو عام 2012 وكان الدين العام المحلي بحدود 1.3 مليار جنيه، أي أن الدين المحلي زاد بنحو 300 مليار جنيه فقط، وهي زيادة طبيعية في مكون الدين إذا ما نظرنا لتطوره علي مدار الخمس سنوات الماضية. ومن جانب آخر أنظر إلي التبعات التي أدت إلي زيادة هذا الدين، فقد تم تفعيل كادر المعلمين بنسبة 50 ٪ وتم تعيين نحو 450 ألف من العمالة المؤقتة كعمالة دائمة، واستمرار الدعم كما هو بكل المجالات رغم زيادة الأسعار في السوق العالمية. أما الدين الخارجي فكان في 30 يونيو 2012 يصل لنحو 38 مليار دولار، أي أن الزيادة في العام الأول من ولاية الدكتور محمد مرسي لشئون رئاسة البلاد قد زاد بنحو 5 مليارات دولار، وقد تم استخدام هذه الديون في تقوية وضع احتياطي النقد الأجنبي بشكل رئيس. ومن جانب آخر تم تمويل احتياجات البلاد من المواد البترولية، علي الرغم من مخطط إهلاك هذه المواد وتسريبها في الداخل والخارج، وهو أمر معلوم ولكن البعض يريد المغالطة لا أكثر ولا أقل. بقي أمر احتياطي النقد الأجنبي الذي أعلن البنك المركزي في أول يونيو الحالي إلي وصوله إلي 16 مليار دولار، أي أن الأمر يشهد بعض التحسن، وأن أمر الاقتراض من الخارج ظهر بوضوح في زيادة احتياطي النقد الأجنبي، وإن كنا نأمل أن تكون الزيادة خلال المرحلة المقبلة من مصادر ذاتية من الصادرات والسياحة وعوائد العاملين بالخارج. مسلمات من المسلمات المعمول بها في البحث العلمي أن يأخذ الباحث في الاعتبار الظروف المصاحبة للأداء الاقتصادي، ونحن نسأل من يسرهم أن يسودوا الواقع الاقتصادي في مصر، وكأنها ليست بلدهم. كم من الاضرابات والاعتصامات تمت بدون داع خلال هذا العام؟، وما هي التكلفة المباشرة وغير المباشرة لهذه الأفعال السلبية علي أداء الاقتصاد المصري؟. فالتقديرات تذهب إلي أن تعطيل كوبري 6 أكتوبر ساعتين فقط تكبد الاقتصاد المصري 30 مليون جنيه، ومن عجب أن بعض الإعلاميين نظرا إلي تعطيل كوبري 6 أكتوبر وإشعال إطارات السيارات به، علي أنه عمل بطولي؟!. ولا عجب فهذا الإعلامي دخله في السنة لا يقل عن 12 مليون جنيه، فماذا يعنيه إن تعطلت مصالح البسطاء ومن يوجعهم نقص رواتبهم ب 100 جنيه فقط. كنت أود من هؤلاء الباحثين أن يلتزموا الموضوعية البحثية، فيذكور حجم التراجع في المؤشرات السلبية خلال فترة الدكتور مرسي فقط، والأمر الثاني أن يذكروا الأجواء غير المناسبة التي يعمل فيها الرجل، والأمر الثالث أن يذكروا ما حدث من إيجابيات. فهل ذكر أحد التطور في قطاع السياحة وقرب تعافيه لمعدلات ما قبل الثورة، وأن العوائد السياحية تجاوزا حاجز ال 10 مليارات دولار، وأن عدد السائحين وصل إلي 12 مليون سائح. هل ذكروا أن الصادرات تحقق زيادة بنحو 20 ٪ عما كانت عليه في عام 2012، فزيادة الصادرات وعودة السياحة لما كانت عليه قبل الثورة، يعني إتاحة فرص عمل، وزيادة في دخول الأفراد، وعودة الاقتصاد المصري لمعدلات عمل طبيعية، وإن كنا نأمل أن نتجاوز هذه المعدلات لنصل لواقع يقلل من معدلات الفقر والبطالة.