هناك شيء ذو قوة غامضة يجرف مشاعرنا ويقصيها، أين هذه الأيام الجميلة التي كنا نحتفي فيها بالمناسبات الدينية فنجدد في داخلنا ما جف من ينابيع الحب، أمس الأول مرت ذكري الاسراء والمعراج، فانسابت دموعي، وخفق قلبي والظلام يلفني ويتسلل إلي وجداني، انه ظلام مبكر، غير الذي كنا نشتهيه للعبادة والتبتل وارتقاء الروح سماوات التأمل، متعة لا تضاهي، وامتزاج يطهر النفس ويبعث الطمأنينة فيها، رغم بساطة الأشياء من حولنا كان الجمع يترنم بتسابيح تصاعد كأنها فيض نور وعبير حدائق الياسمين، ومن ذروة المسجد الذي يضمنا، جاء الصوت الشجي، يغمرنا بصدقه واشفاقه، لقد رأي من آيات ربه الكبري. ولما نهلنا، حلقت بنا أنوار محمد »صلي الله عليه وسلم«، هل رأيت ربنا رأي العين، وكيف رأيته، نور أنَّي أراه، يا أجمل لحظات العمر، يا اسمي قدر للإنسان، يا سبحان الله، وهنا تعرف يا قلبي، معرفة العاشق حين يذوب ويرقي ثم يعانق كل الآمال، في لحظة شوق أبدية، الله تعالي يتجلي لنبيه، يمنح أتباعه هذا الشرف وهذا المجد، سوف ترون الله، سوف تمتعون بنظرة للوجه القدسي الأعلي، متعة أهل الجنة، أقصي ما تصل إليه نفوس المشتاقين، كانت حقا بشري تنتظر الصادق حين يعود، ويروي للناس جميعا، كيف رأي الجنة والنار وحقيقة هذا العالم، كيف أفاض الله علينا بالرحمة والمغفرة، وأعطانا شرف الصلة اليومية، صلاة نتطهر فيها، نغتسل من الادران العالقة بأرواح هائمة، تبحث عن شاطئها المفقود. انها ليلة لقاء السماء بالأرض، وانفتاح كنوز الأسرار أمام الإنسان الحائر، ما كنت احسبها ان تمضي منا هذي الليلة، والحيرة تزداد والقلب يموت موات الغفلة والتوهة والغيبة، ما بين الإنسان وأخيه الإنسان نفقد ليلتنا من غير هيام في ملكوت مازال يعزينا في محنتنا، أين النور الآتي من وجهك.. هل أغضبناك إلي هذا الحد؟! نخبة مصر؟ طبعا شعرت بغثيان، حينما أطلت علينا نفس الوجوه، ولست نادما علي تفرغي لها وانصاتي لما قيل، حرفا، حرفا، إلا ان ألفاظا جرحتني وأفزعت معي ملايين الناس من كانوا يتحلقون حول الشاشة مثلي لعلهم يظفرون بشيء يطمئنهم أو يروي غلتهم لهذا التهديد السافر لمصالحنا وحياتنا نفسها، لقد سقط النقاب عن أفكار سقيمة، تتخفي تحت شعار أسود كئيب، هل هذا كل ما تملكون، وهل هؤلاء هم نخبة مصر التي تجلس علي قارعة الطريق لكل انتخابات تكتسحها بمنطق »التظبيط«، كم نساوي نحن في هذه الصفقات التي تدور في رؤوسهم، وهل إذا استمروا، هل لمصر من سبيل.. هل لمصر من سبيل؟ الأستاذ عدلي هي كبوة التعليم تذكرني به الآن.. واني لاسميه باسمه الاستاذ عدلي قنعر، صاحب القلب الذي ضمنا تحت جناحيه في مدرسة الشهداء الثانوية، يعلمنا بالحب، يهذبنا بالحب، يعمل أقصي ما يمكن أن يعمل رجل في هذه الدنيا، لم يبرح لحظة إلا ويعلمنا فيها، كانت حياته في الفصل كان يعانق فينا ضميره.. وها هو ذا يعيش فينا في تلاميذه المنتشرين في كل بقاع الأرض حبا رائعا، ونحن نردد له الأناشيد عرفانا لمعلم عظيم.. قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم ان يكون رسولا.