دول الربيع العربي والتغيرات الجذرية التي لحقت بها كان هو الموضوع الأهم الذي طرحه منتدي الدوحة الثالث عشر والذي عقد علي مدار ثلاثة ايام في العاصمة القطرية الدوحة وشرفت بحضوره بدعوة كريمة من وزارة الخارجية القطرية. والتي نجحت بشكل لافت في أن تحول دولة قطر الي نقطة جذب لصناع القرار في مختلف انحاء العالم من قادة وسياسيين واكاديميين حاليين وسابقين وهو ما تم بفضل عقلية طموحة تمثلت في كلمتي امير قطر حمد بن خليفة ال ثاني والشيخ حمد بن جاسم ال ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الشئون الخارجية في إفتتاح الجلسة الأولي للمنتدي، وهو مايسعد كل عربي ان يجد دولة تضع مستقبل المنطقة نصب عينيها وتساهم في تسليط الضوء علي تجارب الآخرين حتي يمكن الاستفادة منها لصنع مستقبل باهر لنا جميعا ولقد حرصت المؤسسة القطرية للإعلام "إدارة التطوير الإعلامي"برئاسة الشيخ عبد الرحمن بن حمد ال ثاني علي توفير كافة التسهيلات للاعلاميين لتغطية مباشرة لفعاليات المنتدي بصورة تنم عن فهم ووعي للدور الإعلامي وهو ما يستحق الشكر ولقد ناقش المنتدي محاور عدة ولكن أبرزها ماكان يتناول مابعد الربيع العربي من خلال معرفة تجارب الآخرين ففي إسبانيا لم تضع أي قوانين لمنع السياسيين الذين كانوا سابقا جزءا من نظام "فرانكو" من المشاركة في الحياة السياسية، كما أن من قاد المعارضة الإسبانية لسنوات عديدة كان احد الوزراء السابقين في نظام "فرانكو" فكل من كان ضالعا في جرائم وتعذيب تمت محاكمتهم ومحاسبتهم، اما الباقون فلا يمنع احد منهم في المشاركة في الحياة السياسية، اما "برناردينو ليون"المبعوث الخاص للاتحاد الاوروبي لجنوب المتوسط طالب في مداخلته النظام القضائي المصري ان ينتهج مقاربة أكثر ليونة خلال الفترة الانتقالية فحل المحكمة الدستورية لأول برلمان مصري منتخب ديمقراطيا ساهم في مزيد من الفوضي السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر بعد وصول الاخوان المسلمين الي السلطة وانتخاب الدكتور محمد مرسي، ويضيف "ليون" علي القضاء في المرحلة الانتقالية تطبيق مباديء وقوانين عامة، فإنه لايمكن تغيير كل قانون خلال أشهر. أما "نيكولاي مالدينوف"وزير الخارجية البلغاري السابق فقد أكد أن المصالحة كانت عنوانا رئيسيا في التحولات التي مرت بها دول اوروبا الشرقية في بداية تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والنظام الشيوعي، وأكد علي ضرورة وجود مفهوم الدائرة المستديرة التي تجمع كل الأطراف في المجتمع لعرض وجهات النظر المختلفة لنصل لحلول ترضي الجميع، أما رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي السابق وعضو حزب النهضة الإسلامية فقد أكد أنه في بلده تجنبت عمدا أن تضع نقاطا مثل "تحديد دور للشريعة الإسلامية في مسودة القانون بهدف الحصول علي إجماع سياسي، وأكد أن تونس لم تسلم كما هو الحال في مصر من التوترات السياسية والإجتماعية بين الإسلاميين ومعارضيهم من مجموعات من الليبراليين واليساريين وقوي الاتحادات العمالية، ويضيف كان هدف الدستور في المقام الأول هو الاجماع السياسي ونأمل في تحقيقه للديمقراطية ومستوعبا لمتطلبات الإسلام والحداثة.وأكد "لم نشأ أن تغرق الدولة في مزيد من النقاشات الإيدلوجية وحتي تمر الفترة الانتقالية بأقل قدر من المخاطر، ولكنه أيد عزل اعضاء ورموز النظام السابق. لافتا النظر الي محاولات بعض الأحزاب إعادة الدولة الي الوراء، واضاف ان المنطقة العربية تشهد فجوة عميقة مابين الأنظمة السياسية السابقة والجديدة، وهو أمر طبيعي جدا في حالة مابعد الثورة فمازلنا ندفع ثمنا كبيرا لممارسات النظام السابق. وأجمع كل المتحدثين علي أن ماتشهده دول الربيع العربي من قلة الاستقرار والفوضي أمر طبيعي لكن علي الجميع العمل علي الانتهاء منه عن طريق محاربة الفساد والشفافية وبدء الاصلاح الاقتصادي لخلق فرص عمل وإعادة الأمن. أجمل مافي هذا المنتدي أن دولة قطر وضعت نفسها علي المسار الصحيح لمساعدة شعوب المنطقة لتحقيق ماتصبو اليه، إيمانا منها بضرورة قيام الدول التي حباها الله بالثروات ان تساهم في حل مشكلات الدول المتعثرة لتحقق بالفعل قول الرسول صلي الله عليه وسلم: »مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي« رواه البخاري ومسلم.