أخيرا.. وبعد مشاورات مكثفة ومناورات خفية قادتها الولاياتالمتحدة ضد إيران أصدر مجلس الأمن الدولي قراره بفرض عقوبات علي ايران بسبب استمرارها في تخصيب اليورانيوم وعدم الانصياع للمجتمع الدولي بعدم اجراء التجارب النووية ورفض تفتيش وكالة الطاقة الذرية لمنشآتها النووية.. القرار جاء بعد مناقشات مطولة اظهرت اصرار الولاياتالمتحدة علي اتخاذه بعد ان اتفقت مصالحها مع الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن وعدد كبير من الاعضاء غير الدائمين وجاءت النتيجة موافقة 21 دولة عضوا في المجلس بينها الخمسة الدائمون بينما اعترضت تركيا والبرازيل وامتنعت لبنان عن التصويت. وعلي الرغم من ان سياسة فرض العقوبات والحصار علي الدول لم تؤت ثمارها أو تحقق أهداف الولاياتالمتحدة من عقاب الدول التي تفرض عليها العقوبات. وعلي الرغم من النداءات المتكررة التي تصاعدت في الآونة الأخيرة ضد اسرائيل التي تتجه لانتاج قنابل ذرية وترفض أي نوع من التفتيش أو الرقابة علي منشآتها النووية بل وترفض حتي مجرد التوقيع علي الاتفاقيات الدولية لمنع الانتشار النووي أو التجارب النووية فإن الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي يغضان الطرف عن هذه الممارسات الاسرائيلية وتكون هذه النداءات المتكررة مجرد فقاعات في الهواء. وكانت دعوة الرئيس حسني مبارك التي كررها في جميع المحافل الدولية ولقاءاته بكبار قادة العالم بضرورة اخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل ووقف التسليح النووي لجميع دول المنطقة بما فيها اسرائيل.. كانت هذه الدعوة بمثابة ناقوس الخطر الذي ينذر من العواقب الوخيمة الناجمة عن سباق التسلح النووي ومحاولات العديد من الدول لامتلاك اسلحة نووية تهدد الأمن والسلم الدوليين.. فإسرائيل ماضية في طريقها لا تلقي بالا لهذه النداءات وتعتمد علي الولاياتالمتحدة وعلاقتها الوثيقة بها والتي تصل الي حد تحكم اللوبي اليهودي في امريكا في مراكز صنع القرار داخل الادارة الامريكية حتي تظل في منأي عن التعرض لأية عقوبات أو حتي مجرد توجيه اللوم لها علي ممارساتها سواء في المجال النووي أو احتلال الأراضي الفلسطينية. والواقع الدولي يجعلنا لا نلقي اللوم كاملا علي الولاياتالمتحدة في علاقاتها الوثيقة بإسرائيل لان اسرائيل بما لديها من امكانيات ومحاولات مستميتة لتطوير علاقاتها مع مختلف دول العالم تتحرك في اتجاهات عديدة. يحدث هذا في الوقت الذي يعاني فيه العالم العربي من الخلافات والانقسامات التي تساهم في اضعافه أمام المجتمع الدولي وأمام المحاولات والتحركات الاسرائيلية.. واصبحت لغة المصالح هي التي تتحكم في معظم تحركات الدول الان ونجد ان خير مثال علي ذلك تركيا وايران فكلاهما له من التطلعات والآمال التوسعية في بسط نفوذهما علي مناطق مختلفة من العالم وفي نفس الوقت تسعي ايران لدعم ملفاتها النووية في محاولة لارهاب اسرائيل والضغط علي الولاياتالمتحدة بينما تسعي تركيا وهي عضو في الاتحاد الاوروبي الي القيام بدور أكبر في الشرق الاوسط وتتخذ دائما من القضية الفلسطينية الدرع الذي تتحرك وراءه بدعوي الحفاظ علي حقوق الشعب الفلسطيني واقامة دولته في الوقت الذي توقع فيها تحالفا استراتيجيا مع اسرائيل يسمح لها بتزويدها بالسلاح والدخول في علاقات اقتصادية وثيقة ولكن الامر لا يمنع من اصدار التصريحات والتحركات العنترية بين الحين والاخر وهي لم تكتو بنار القضية الفلسطينية أو تتعرض اراضيها لأي نوع من الاعتداء.. وجاء الموقف التركي من التصويت علي قرار فرض العقوبات علي ايران في مجلس الامن بالرفض في اطار هذا التحرك التركي الباحث عن دور جديد ومصالح قديمة متجددة.. وتبقي ايران وحيدة تحاول الخروج من دائرة العقوبات التي نص عليها قرار مجلس الامن الاخير وهي تضع نصب اعينها اوضاعها الاقتصادية المتدهورة التي ستزداد سوءا بلاشك بسبب هذه العقوبات.. فهل يؤتي القرار ثماره أو تستطيع إيران الافلات منه وتصبح العقوبات بلا جدوي.