انهت قطر عاما منهكا يتعلق باستضافتها نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 التي كانت مدار جدل واسع حول توقيت اقامتها صيفا او شتاء الى ان تفجرت قضية وفاة عدد من العمال وتدخلت فيها منظمات حقوق الانسان والنقابات الدولية. وقد نالت قطر شرف احتضان المونديال في الثاني من ديسمبر 2010 بحصولها على 14 صوتا مقابل 8 للولايات المتحدة. وخرجت اصوات عدة، من اوروبا واستراليا تحديدا، تشكك بمنح قطر حق استضافة المونديال، وغلف البعض تصريحاته بأنه من المستحيل اقامة البطولة في الصيف حيث تصل الحرارة في منطقة الخليج الى نحو 50 درجة مئوية. فعل الاتحاد الدولي (فيفا) النقاش حول توقيت اقامة النهائيات، ان كان في فصل الصيف او في فصل الشتاء، والاتجاه الاغلب هو باقامتها اواخر عام 2022، لكن هذه الخطوة كانت محط اعتراض بعض روابط الدوريات الاوروبية واهمها رابطة الدوري الانكليزي التي اعتبرت ان ذلك سيؤدي الى فوضى في برنامج "البريمر ليغ" لثلاثة مواسم على التوالي. ووضع الفيفا موضوع توقيت مونديال 2022 على جدول اعماله وخلص مكتبه التنفيذي الى اطلاق حملة استشارات مع جميع الاطراف للبحث في الموعد الملائم لاقامة النهائيات. وقال رئيس الفيفا السويسري جوزيف بلاتر في هذا الصدد "قررت اللجنة التنفيذية في الفيفا اطلاق استشارات لجميع الافرقاء (دوريات، لاعبون، اندية واتحادات) حول موعد (صيفا او شتاء) مونديال قطر 2022". واضاف بلاتر ان "اي قرار (حول تغيير المواعيد) لن يصدر قبل نهائيات مونديال البرازيل 2014. الاستشارات ستكون بإشراف إدارة (الفيفا) والأمين العام (للاتحاد الدولي جيروم فالك) ورئيس الاتحاد الاسيوي (الشيخ سلمان بن ابراهيم)". الاتحادات الاوروبية ال54 تبدو موافقة نوعا ما على مبدأ اقامة المونديال في الشتاء، لكنها تطالب بالتشاور مع جميع الاطراف المعنية عالميا (رابطات ولاعبون واندية واتحادات). وفي حين لن يتخذ قرار نهائي بشأن الموعد قبل نهائيات مونديال البرازيل 2014، فان قطر كررت رغبتها باستضافة المونديال صيفا، وقال حسن الذوادي الامين العام للجنة المنظمة لكأس العالم 2022 في قطر في تصريح لفرانس برس: "إن إلتزامنا بتطوير تكنولوجيا التبريد مستمر، ليس لخدمة بلدنا فحسب، وإنما لخدمة البلدان ذات الطبيعة المناخية المماثلة لبلدنا لتتمكن من استضافة الأحداث الكبرى. في قطر لدينا ملعبا مكيفا في نادي السد الرياضي، هذا الملعب تم تحديثه وتعديله عام 2008. وقد زار مفتشو الفيفا هذا الملعب واطلعوا على آلية تطبيق تقنية التبريد. كما زار وفد فيفا الملعب النموذجي الذي تم تشييده في 2010 والذي يستخدم تقنيات التبريد التي تعمل بالطاقة المتجددة". لكنه اكد استعداد بلاده لاستضافة مونديال 2022 في فصلي الصيف والشتاء بانتظار قرار الاتحاد الدولي للعبة وقال في هذا الصدد "لقد تقدمنا بطلب استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 في فصل الصيف وبذلنا الكثير لنبرهن أننا قادرون على الوفاء بوعودنا وتنظيم بطولة مميزة في فصل الصيف. وإذا ما تقرر تغيير موعد الإستضافة، فإننا على أتم الإستعداد لهذا التغيير، حيث أنه لن يؤثر على خططنا واستعداداتنا". وبعد اعتراض اللجنة الاولمبية الدولية على اقامة المونديال عام 2022 في كانون الثاني/يناير او شباط/فبراير بسبب تخصيص هذه الفترة لدورة الالعاب الشتوية التي تصادف في العام ذاته، يتجه الفيفا لاقتراح اقامة النهائيات بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر. هذا الضغط الكبير اضطر بلاتر الى زيارة قطر حيث التقى اميرها تميم بن حمد آل ثاني ليقول عقب ذلك "الارجح ان يقام مونديال 2022 في قطر في شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر، هناك مفاوضات حول الامر مع جميع الاطراف المعنية، هناك الاتحادات والاندية والشركاء الاستراتيجيين للاتحاد الدولي، علينا مناقشة الامر مع جميع الجهات، لان تغيير الموعد من الصيف الى الشتاء سيعني تغيير خارطة الموسم الكروي العالمي ككل". واضاف "ما هو مؤكد ان مونديال 2022 لن يكون في شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير بسبب اقامة الالعاب الاولمبية الشتوية في هذه الفترة". قضية العمال ----------- وفي خضم السجالات حول تغيير الموعد والتشكيك بحصول قطر على الاستضافة، فجرت صحيفة "غارديان" البريطانية قنبلة اعلامية تحت عنوان "عبيد كأس العالم في قطر"، حيث ذكرت في تحقيق لها ان 44 عاملا نيباليا لقوا حتفهم في الفترة من 4 حزيران/يونيو و8 آب/اغسطس 2013 وذلك استنادا الى وثائق من السفارة النيبالية في قطر. واشارت الصحيفة الى ان النيباليين يشكلون 40 في المئة من العاملين الوافدين الى قطر، وهم ضحية "الاستغلال والتعسف التي تنتمي الى العبودية الحديثة". لكن قطر نفت بصورة قاطعة الاتهامات التي وجهت اليها بممارسة العبودية او الاشغال الشاقة. دخل الفيفا على الخط وكان موضوع العمال من المواضيع الاساسية في زيارته لقطر من اجل بحث موضوع العاملين في تشييد الملاعب والبنى التحتية حيث كان راضيا عن التقدم المحقق بعد اتهامات "العبودية". لكن بلاتر عاد ووصف وضع العمال الاجانب الذين يعملون في بناء ملاعب مونديال 2022 ب"غير المقبول"، مؤكدا في الوقت ذاته "انا واثق من ان قطر ستأخذ هذا الموضوع على محمل الجد"، وذلك وسط تنديد منظمة العفو الدولية بالاستغلال "المخيف" للعمال الاجانب في قطر التي وعدت بان حقوق العمال ستحترم في ورشات العمل الخاصة بكأس العالم. تدخلات سياسية ------------ نالت التدخلات السياسية قسطها في التجاذبات المتعلقة بملف مونديال قطر 2022، حيث اكد بلاتر نفسه ان فرنسا والمانيا مارستا ضغوطات لاقامة مونديال 2022 في قطر. في رد على الانتقادات من قبل المؤسسات الانسانية اوضح بلاتر "كان يتعين على السياسيين في اوروبا، والحكومات ان يدلوا برأيهم في هذه القضية، من السهل جدا القول بان المسؤولية تقع فقط على الفيفا". واضاف "يجب الا ننسى بان شركات اوروبية ضخمة تعمل هناك، وهذه الشركات مسؤولة ايضا عن عمالها". كما ان رئيس الاتحاد الاوروبي، الفرنسي ميشال بلاتيني كشف انه اجتمع بالرئيس الفرنسي في حينها نيكولا ساركوزي على طاولة العشاء من اجل الاتفاق على دعم ملف قطر. وقال بلاتيني في تصريح لصحيفة "اس" الاسبانية: "تلقيت اتصالا من رئيس فرنسا التي هي بلدي كما يعلم الجميع. عندما وصلت فوجئت بوجود امير قطر (تخلى عن العرش لنجله) ورئيس وزرائها. لم يعلمني احد بانهما سيتواجدان هناك". وواصل "تناولنا العشاء معا لكن كما اشرت سابقا لم يعلمني احد بان القطريين سيتواجدون هناك واشدد على ان الرئيس ساركوزي لم يطلب مني التصويت لقطر لكي تستضيف مونديال 2022، ان كان قبل، خلال او بعد ذلك الاجتماع". لكن بلاتيني اعترف بانه كان يعلم ما يريده ساركوزي من ذلك الاجتماع، مضيفا "ادركت من تلقاء نفسي بان ساركوزي كان مهتما بان تحصل قطر على استضافة كأس العالم. لكنه لم يتقدم باي طلب مني".