يُعتبر أنطونيو دي ناتالي من أفضل اللاعبين في إيطاليا، رغم أنه لا يُعد من نجومها البارزين. ولكن في الوقت نفسه، فإن رئيس أي ناد يحلم بضم هذا المهاجم الماكر إلى صفوف فريقه. فهو مثالي في التدريب وصارم في أسلوب حياته، ودائماً ما يضع موهبته ومهارته في خدمة الفريق، بعيداً كل البعد عن الأنانية التي عادة ما يتميز بها قناصو الأهداف. وهو نموذج للاعب الكبير الذي أفنى حياته متفانياً في عمله ووفياً لناديه، وها هو اليوم يجني ثمار كل ذلك في سن الخامسة والثلاثين. ففي المواسم الأربعة الأخيرة في الدوري الإيطالي، أنهى مهاجم أودينيزي المنافسات متربعاً على عرش هدافي الكالتشيو مرتين كما حل ثانياً في مناسبتين أخريين، مسجلاً مع ما مجموعه 102 من الأهداف - 29، 28، 23 و 22 على التوالي – وهو ما يمثل 40٪ من إجمالي أهداف فريقه وبمتوسط يبلغ 0.70 هدفاً في المباراة الواحدة. فقد هز الشباك 186 مرة في 345 مباراة مع كتيبة زيبريتي. وعلى صعيد المنتخب الوطني، بدأ دي ناتالي مسيرته مع المنتخب الوطني في عام 2002، ولكن تعين عليه الإنتظار حتى 2008 ليخوض أول بطولة كبرى بقميص الأزوري عندما شارك في كأس الأمم الأوروبية. لكن تلك التجربة انتهت بدموع الحسرة، حيث أهدر ركلة ترجيحية كانت سبباً في الخسارة أمام أسبانيا. وبعد سنتين، عاد ليعيش تجربة تعيسة أخرى مع لاناتسيونالي في كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA، حيث خرج أبطال العالم مطأطئي الرؤوس من الدور الأول. لكنه ظهر مرة أخرى مع المنتخب في كأس الأمم الأوروبية 2012، التي شكلت فرصة لنسيان خيبات الأمل السابقة، حيث استعاد البسمة من خلال الوصول إلى النهائي الذي خسرته إيطاليا أمام أسبانيا. ولاستحضار هذه التجارب وهذه المسيرة المثالية، التقى فيفا بهذا المهاجم المخضرم المفعم بالحيوية، الذي ما زال يتلاعب بأبرز المدافعين ويقض مضجعهم رغم كبر سنه وقصر قامته (170سم). موقع فيفا: أنطونيو، كيف تفسر سبب فعاليتك العالية على مدى المواسم الأربعة الماضية، حيث يفوق متوسط أداؤك 20 هدفاً في دوري الدرجة الاولى الايطالي بينما أصبحت تبلغ من العمر 35 عاماً؟ أنطونيو دي ناتالي: ليس هناك سر معين. بالنسبة للاعب كرة قدم، وجميع الرياضيين بصفة عامة، يُعتبر نمط الحياة أمراً بالغ الأهمية. أحاول دائماً إعداد نفسي على أفضل وجه ممكن. وبهذه المناسبة، أود أن أشكر البروفيسور باولو أرتيكو الذي يُشرف علي منذ عدة سنوات. إنه يتابع دائماً عن كثب كل ما أقوم به ويجعلني أتبع نظاماً غذائياً متوازناً ولا تغفل عينه عني أبداً! وعموماً، فإن انشغالاتي في الحياة موزعة بين البيت وملاعب كرة القدم، إذ لا يوجد هناك أي شيء من شأنه أن يلهيني. لقد بدأت مسيرتك في دوري الدرجة الأولى الإيطالي عن عمر يناهز 25 عاماً. هل يمكن القول إن ذلك سهَّل بقاءك لمدة طويلة في الملاعب؟ لا، أنا لا أعتقد ذلك. أعتقد أن الجدية هي السر وراء ذلك، دون إغفال أهمية التدريب الجيد واتباع أسلوب الحياة الذي ينبغي أن يتبعه كل رياضي يمارس على أعلى مستوى، سواء داخل الملعب أو خارجه. كنت بدأت مسيرتك وأنت تلعب في الجناحين قبل أن تنتقل إلى محور قلب الهجوم. هل تشعر براحة أكبر هناك؟ منذ سنوات وأنا ألعب في قلب الهجوم قريباً من المرمى. ربما لأني لم أعد بنفس القوة التي كنت عليها من الماضي! (يضحك). ولكن بصراحة، اللعب في المحور، بمساعدة زملائي في الفريق بأكمله، يسمح لي بأن أكون أكثر "هدوءاً" وفعالية أمام المرمى. لقد ساعدني ذلك بكل تأكيد لكي أسجل أكبر عدد من الأهداف في المواسم الماضية. من هو المهاجم الذي بلغت معه ذروة التفاهم في مسيرتك؟ لقد سنحت لي الفرصة للعب مع العديد من النجوم الكبار. ولكن إذا كان علي أن اختار اسماً واحداً، فسيكون ألكسيس سانشيز. ما تمكنا من القيام به خلال موسمين مع أودينيزي كان أمراً لا يصدق. ولكن يجب أن نضيف إليه اسم لويس مورييل (زميله الكولومبي 22 سنة). إنه يملك كل المقومات لكي يصبح ظاهرة. على الرغم من أهدافك الكثيرة، فإن مسيرتك تخلو من الألقاب. هل أنت راض عن مشوارك أم أنك نادم على شيء ما؟ عندما أنظر إلى الوراء، أشعر بالسعادة والرضى على كل مع ما فعلته. فقد أحرزت مرتين لقب هداف دوري الدرجة الأولى، حيث سجلت أكثر من 150 هدفاً في قسم الكبار، كما خضت 40 مباراة مع المنتخب، بل إنني ارتديت القميص رقم 10 في بعض الأحيان! كما لعبت مرتين في كأس الأمم الأوروبية ومرة في كأس العالم. أنا سعيد بمسيرتي ولست نادماً على شيء. لماذا رفضت جميع العروض للانتقال إلى الأندية الإيطالية والأجنبية الكبرى؟ هل يمكن أن يُعزى ذلك إلى قلة الطموح؟ لا. قطعاً لا. أعتقد أن ما فعلته في أوديني سيبقى إلى الأبد في ذاكرة النادي وعشاقه. لا أعتقد أن ما قمت به هنا كان شيئاً عديم الفائدة. والحقيقة أني وجدت راحتي في فريولي ولم أفكر أبداً في ترك فريق ومدينة وعائلة، عائلة بوزو، (جيانباولو بوزو رئيس أودينيزي) حيث اعتبرني الجميع بمثابة الإبن. هل حلمت باللعب في نادي مسقط رأسك، نابولي؟ أشتاق كثيراً إلى نابولي وأنا فخور بأن أكون من أبناء هذه المدينة. ولكن بالنسبة لي، أوديني هي بمثابة بيتي الثاني. أنا على خير ما يرام هنا وأشعر بدفء قوي جداً من الناس. عندما حاول يوفنتوس التعاقد معي، قلت للرئيس إني أرغب في البقاء هنا. حينها قررت أنني سوف أبقى في أوديني إلى الأبد. هنا، لا يعيش المرء تحت كثير من الضغط. يمكنك أن تخسر بعض المباريات وتواصل العمل بهدوء. النتائج تتحدث عن نفسها. الجميع يؤدي عمله على الشكل الأمثل، اللاعبون والمدرب والمسؤولين في النادي. على الرغم من إحصائياتك المذهلة مع النادي، فإنك لم تكن بنفس الفعالية في المنتخب، حيث سجلت "فقط" 11 هدفاً في 40 مباراة دولية ... بصراحة، لا يبدو لي أنها حصيلة سيئة...(يضحك) أنا فخور جداً بما تمكنت من تحقيقه مع المنتخب الإيطالي. في كأس الأمم الأوروبية 2012، كنت اللاعب الوحيد الذي سجل في مرمى إيكر كاسياس. فلماذا إذن قررت اعتزال اللعب مع المنتخب مباشرة بعد ذلك؟ لدي علاقات جيدة جداً مع تشيزاري برانديلي. أنا أحترمه وأقدره كثيراً وأعتقد انه يقوم بعمل جيد. أعجز عن إيجاد الكلمات الكافية لأوجه له الشكر على منحي فرصة المشاركة في تلك المغامرة. ولكنه بعد اليورو قرر بدء مرحلة جديدة تقوم على الشباب، وهو أمر منطقي جداً. ولكن إذا كان بحاجة إلي، فأنا هنا رهن الإشارة. لن أقول "لا" أبداً للمنتخب الوطني. من هو المهاجم والمدافع الذي أعجبك أكثر في مسيرتك؟ القائمة طويلة جداً....من بين المهاجمين، هناك فرانشيسكو توتي واليساندرو دل بييرو وزلاتان إبراهيموفيتش. ومن المدافعين الذين نجحوا في كبح جماحي أكثر، هناك إيفان كوردوبا لاعب إنتر ميلان. كانت سرعته تضاهي سرعتي، ولم أكن أجد السبيل إلى التخلص منه! ما هو أهم هدف في مسيرتك.... حتى الآن؟ ذلك الذي سجلته ضد إسبانيا في يورو 2012، لقد كان الأجمل والأكثر أهمية. لقد جعلني أمحي آثار ركلة الترجيح اللعينة التي أضعتها ضد نفس الخصم قبل أربع سنوات. ولكن قبل المباراة، شعرت أنني سأسجل من أقل فرصة ممكنة. قلتها لجيانلويجي بوفون. بالنسبة لي، كانت تلك أفضل مباراة لإيطاليا في يورو 2012 (1-1 خلال دور المجموعات). سيكون عمرك 36 سنة في أكتوبر/تشرين الاول. إلى متى تنوي مواصلة اللعب؟ سأواصل اللعب طالما أجد فيه المتعة وأكون قادراً على الإستمرار من الناحية البدنية، وأستطيع التعامل مع الإجهاد. وفي الختام، هل تنوي البقاء في كرة القدم بعد اعتزالك اللعب؟ الملعب هو شغفي الأكبر. أتمنى الإستمرار من خلال تدريب فرق الشباب. إنهم يجعلونني أعود إلى ريعان شبابي، وأود أن أضع تجربتي لخدمتهم ورهن إشارتهم.