حاااااااااااااسب.. طراخ الدراجة البخارية التي تجر خلفها تروسيكل عليه ماكينة رش الحشرات تقطع الإشارة في أحد أرقى أحياء القاهرة "الرحاب".. والنتيجة اصطدمت الدراجة البخارية بالسيارة القادمة من الاتجاه المعاكس.. التلفيات بسيطة ولكن نزل سائق السيارة ماركة رينو ليرى تلفياته ويتحدث مع سائق الموتوسيكل المخالف تاركا في السيارة سيدة وأطفال يجلسون في الداخل.. سائق السيارة ممسكا بمعصم السائق * أنا نفسي أفهم لماذا تسرع بهذا الشكل، وما الذي يدفعك لقطع التقاطع بهذا الشكل؟! صديق مالك السيارة الفخمة (المصابة) نزل مسرعا وقد رأى المشهد من بعيد.. ورأى تزاحم الناس حول صديقه.. * "كله يلزم مكانه ومن لم يكن مشاركا في الحادث يبتعد عن هنا" قالها صديق سائق السيارة الفاخرة الذي يبدو عليه من ملابسه وشكله انتمائه للطبقة الراقية أو فوق المتوسطة.. وكانت آخر الكلمات التي قالها قبل أن يحدث ما حدث.. مجموعة شباب مفتول العضلات يببدو أنهم من العاملين في المطاعم أو عمال الديليفري.. يأتون مسرعين من اتجاهات مختلفة، ويتجهون صوب قائد السيارة الفاخرة، وصديقه وفجأة تحول صاحب السيارة وصديقه إلى منفضة الكل يضرب فيهم في حضور أمن المدينة الذي انتظر حتى انتهى الضاربون من ضربهم، ثم انضموا ليسألوا.. هو فيه إيه يا باشا إيه اللي حصل؟! وهنا بدأت صياح وكلام وصاحب السيارة وصديقة ضحية الخبط ثم ضحية الضرب يتحدثون ويحكون ويتكلمون وصديق ثالث ورابع قد جاء لهم ليمسكون بسائق الدراجة النارية الذي لم يتدخل لا ضارب ولا مضروب.. أحدهم يمسك بسائق الدراجة النارية والثاني يقف جوار الدراجة التي يحاول كثيرون ممن ليس لهم علاقة بالحادث أن يسربوها.. * دي عالم بنت كلب متجنيين على الواد وضاربينه! كان هذا رأي أحد رجال الأمن في المدينة لصديقه الذي رد عليه: "عالم بنت وس.... معاها فلوس وبتتجبر. وخرج فرد الأمن من محادثته الجانبية مع زميله ثم انضم للحديث مع ضحية الحادث وصديقه الذي أصبح بدوره ضحية الضرب.. * يا باشا قل لنا ماذا تريد من هذا العيل الغلبان ونحن مستعدون لجعله يصلح لك السيارة. طبعا صاحب السيارة وصديقه يحاولان بشتى الطرق إفهام الجميع.. أن هذا الفتى لو بيع في سوق النخاسة فلن يأتي بثمن فنوس مكسور.. والمطلوب هو العيال التي جاءت توجب معاه وضربوهم. يقول لهم فرد الأمن أنه مقدر موقفهم وبمجرد أن ينضم للزحام من الناس التي يبدو عليهم جميعا من الطبقة الدنيا ولا أحد يعلم ماذا يفعلون في الرحاب.. يلعن سلسفين الزمن الذي جعل هؤلاء الأغنياء الأقذار يتجبرون على الغلابا، بل ويحكي أن هؤلاء المتجبرين خبطوا الدارجة النارية للسائق الغلبان.. في مدينة الرحاب الراقية، مجموعة من الحوش وأبناء الطبقة المعدمة يقفون ويلتفون وكلهم يناصرون صاحب الدراجة النارية، لمجرد أنه ابن طبقتهم مظهرين كم من الغل والحقد تجاه هؤلاء الحوش الذين يملكون سيارات ويعيشون في الرحاب.. عسكري حراسة البنوك المحيطة بمنطقة الحادث يترك مناوبته وينزل لينصح السائق أن يقطع قميصه، ويدعي أنهم ضربوه، وفي الوقت نفسه ينصح شاب آخر أن يسرب الدراجة النارية بعيدا عن الحادث حتى يلبس سائق السيارة وصديقة تهمة! الأمن يرفض استدعاء الشرطة تضامنا مع ابن طبقتهم، فاضطر صاحب السيارة وأصدقائه التصرف والاعتماد على معارفهم لاستدعاء الشرطة التي جاءت للمكان بعد 20 محاولة لتهريب الدراجة النارية، و20 محاولة لتهريب السائق أو جعله يبدو مضروبا... وي وي وي .. سيارة الشرطة تأتي للمكان بصوتها العالي وأضواءها.. وينزل منها اثنان من أمناء الشرطة صغار السن ويبدؤون حوار إيه اللي حصل من أوله.. اعتقد صاحب السيارة وصاحبه أن الأمناء يقودهما وسائق الدراجة النارية كي يلتقون الضابط في قسم الشرطة.. لكن الضابط كان إجازة لأنه كان الجمعة يا باشا وكل سنة وانت طيب.. هكذا قال أمينا الشرطة.. مداولات ومناقشات وفي النهاية خرج سائق الدراجة النارية الذي لا يحمل رخص ولا أوراق ثبوتية ولكن يحمل فقط شكل الغلبان الجاري على لقمة العيش.. خرج بعدما استعطف الأمين صاحب السيارة وصديقه ألا يكتبا محضر اتهام لأن الشاب سيلبس شهورا في السجن.. طيب ومن ضربوا؟.! الإجابة كانت "الله يعوض عليك يا باشا وطيش شباب، ولن نستطيع أن نتعرف عليهم.. افعل خير واتركه واستعوض ربنا" كانت هذه نصيحة الأمين.. الكل يذهب لبيته والأب الذي ضرب أمام أبناءه يؤثر الصمت كي لا يضيع مستقبل سائق الموتوسيكل الذي تسبب في ضربة.. وتسبب في تلفيات بسيارته سيدفع ثمنها غاليا! السائق يذهب لبيته سعيدا بالهروب من مصيبة، الضاربون ينامون وهم يتفاخرون كيف ضربوا الأب أمام زوجته وأبناءه وكيف تكاثروا حوله.. ورجال أمن الرحاب وكل الرعاع الذين التفوا حول الحادث ينامون الليل منتصرين لطبقتهم على المتجبرين الذين يملكون سيارات وشقق في مناطق راقية مذيلين أحلامهم بعبارة "جتنا نيلة في حظنا الهباب".. وصاحب السيارة وصديقه يناما الليل مجروحة سيارة الأول ومصابة، ومجروحة كرامة كل منهما أمام ابنائهما، ومصاب جسميهما بكدمات من الضرب وصوتهما مبحوح من بكاء داخلي وصياح طال كي يجدا حقيهما الذي ضاع.. بعد ساعات من محاولتهما العوم في من الغل.. بحر من "بي بي طافح"! زياد فؤاد للمتابعة على تويتر @zeyad_fouad