عندما كنت صغيرا كنت أشاهد روائع الفن المصري آنذاك، مهمة في تل أبيب، و48 ساعة في إسرائيل وامرأة هزت عرش مصر، والإرهاب، وملف سامية شعراوي، وغيرها من الأفلام والمسلسلات.. وكنت أسأل نفسي أسئلة اعتقدتها ساذجا.. وأن إجابتها منطقية.. لذا لم أوجهها لأحد.. فقط احتفظت بها بداخلي.. الوطن أم الشرف؟ هل يجوز ممارسة الجنس والدعارة من أجل الوطن؟ كانت تلك أسئلتي الساذجة.. طبعا الوطن.. هكذا اعتقدت الإجابة المنطقية وفقا للأفلام، ولم أكن أعرف أن كل منهما يباع ويشترى عادي، لم أدرك أن كلمة الوطن هي كلمة مطاطة اخترعها الحكام وأعلو شأنها كي يستطيعوا بيع شرف شعوبهم في مزاد علني لمن يدفع أكثر.. لم أدرك أن الوطن هو "البطانية" التي يمكن أن يُفعل أسفلها كل ما يجرح الشرف.. لم أعلم أن الأستاذة نادية الجندي كانت تبيع شرفها في الأفلام.. لأن المخرج عاوز كدة.. سبوبة الثورة مستمرة، متى تنتهي يا ترى؟ نعم هي سبوبة ابتدعها الثوار وبلعها الشعب، هذه هي الحقيقة التي توصلت لها بعد تفكير وبعد نزول الميدان كثيرا.. لست مرتدا ولا من آسفين يا ريس، كما إنني لست إخوانيا ولا متعاطف مع أفكارهم.. تعالوا أفضي لكم بما لدي.. في البداية.. يوم 25 يناير حشد الشباب لمظاهرة للمطالبة بتعديلات ديموقراطية، وإصلاحات اقتصادية، وسياسية، وتم الترويج للأمر عبر الفيسبوك، خشي القائمون على المظاهرة من نقص العدد، فتعاقدوا مع مقاولين أنفار، ممن يمارسون أي شيء من أجل الأموال.. وبالفعل حشد مقاولو الأنفار عدد لا بأس به من الهتيفة، وأغلبهم كانوا بلطجية تم إلباسهم والصرف عليهم للانخراط وسط الشباب الحقيقين الثائرين.. نعم كان هناك كنتاكي ووجبات طعام توزع عليهم، نعم كانوا يتقاضون أموالا، نعم هم كانوا بلطجية وصياع وعيال زبالة.. اندسوا وسط الشباب فرفعوا العدد وكبروه، حتى صارت ثورة حقيقية، وهنا توقف الإخوان وممدوح حمزة وبعض رجال الأعمال "المقهورين من عز وجمال"، عن دعم هؤلاء البلطجية، الذين اضطروا لتعويض ذلك ببيع المخدرات في الميدان، ولا يضر الأمر "جلب نسوان" أي شيء المهم الفلوس فهذا هو شغلهم.. هذه هي الأزمة الحقيقية الآن الإخوان لن يصدقوا أن ميدان التحرير أو أي من ميادين مصر سيكون فيه ثوار، وأي ثائر سيكذبونه لأنهم "دافنينه سوا".. الطرف الآخر.. الثوار.. أغلبهم التفت لمصالحه ومشاغله، وظل مجموعة كبيرة من المراهقين، والبلطجية الذين توقفت سبوبتهم، هم مستعدون لإشعال الوضع في أي وقت من أجل بيع أقنعة الغاز، أو من أجل بيع أي شيء في زحمة المظاهرات.. والكل يخرج في الإعلام، يتحدث عن حب مصر، يحرقونها ويقولون بنحب مصر، يقتلونها ويقولون بنحب مصر، يخرج مقاولي الأنفار على الشاشات وتسألهم لماذا فعلتم أو سويتم يقولون لأننا بنحب مصر، تبا لأفلام نادية الجندي التي أرست مبدأ الجنس في حب الوطن!
زياد فؤاد لمتابعة الكاتب على تويتر https://twitter.com/zeyad_fouad