لاشك في أن بطولة الأمم الأوروبية "يورو 2012" هذا الصيف ستكون وقتا للحماس الشديد وتكوين الصداقات الحميمة بين الآلاف من جماهير كرة القدم. ولكنها في الوقت نفسه ستكون كابوسا بالنسبة لسكان المدن المضيفة لمباريات البطولة والذين يأملون الآن في الهروب من الضوضاء والتكدس المروري والجماهير المزعجة عن طريق القيام بعطلاتهم الصيفية في نفس توقيت البطولة الأوروبية. وفي بولندا، التي تشترك مع أوكرانيا في استضافة مباريات يورو 2012 ، أكدت شركات السياحة أنها باعت رحلات خلال شهر يونيو المقبل بزيادة 30% عما باعت في التوقيت نفسه بالعام الماضي. فالآلاف من البولنديين غير المهتمين بكرة القدم يفضلون التجول على رمال الشواطيء الإسبانية أو ممارسة رياضة الغطس في مدن البحر الأحمر بمصر. ونشرت صحيفة "رزيتشبوسبوليتا" اليومية دراسة أجرتها شركة "إسكاي. بل" للسياحة هذا الشهر تفيد أن غالبية البولنديين الذين فضلوا الذهاب في عطلاتهم الصيفية خلال بطولة يورو 2012 المقررة إقامتها في الفترة ما بين الثامن من يونيو وأول يوليو المقبلين، اختاروا الرحلات الممتدة لأسبوعين بدلا من رحلات الأسبوع الواحد التقليدية. وقال بيوتر فوس مسئول الشركة السياحية للصحيفة: "لم نشهد من قبل إقبالا مماثلا على الرحلات الخارجية خلال شهر يونيو كالذي نشهده الآن.. فخلال الشهر نفسه بالعام الماضي كانت الناس تقوم برحلات لمدة أسبوع واحد كحد أقصى.. ولكن الآن يريد الجميع رحلات أطول للهروب من اضطرابات يورو". ومع تبقي أيام معدودة على انطلاق منافسات يورو 2012 ، بدأت حمى مباريات البطولة تجتاح المدن البولندية الأربع المضيفة للحدث. حيث أحاطت اللوحات الإعلانية المروجة للمشروبات والسيارات والشوايات وغيرها من الاحتياجات الخاصة بمباريات يورو 2012 بالعاصمة وارسو ، بينما لا يوجد على أجندات السياسيين البولنديين الكثير بخلاف يورو. وربما يشعر عشاق كرة القدم في بولندا بالإثارة مع اقتراب موعد البطولة الأوروبية ولكن بالنسبة لكثيرين آخرين فإن هذه البطولة ستعني الضوضاء والتكدس المروري والفوضى العارمة مع انتظار وصول من 500 ألف إلى 800 ألف زائر إلى بولندا خلال فترة البطولة. وصرح يانيك درايسيل، أحد سكان وارسو الذين سيغادرون المدينة خلال فترة البطولة ، لقناة "تي في إن 24" قائلا: "سيكون هناك أعداد هائلة من الناس، وستكون الضوضاء بالغة الصخب. ولاشك في أنني لا أريد أن أكون جزءا من كل هذا". وأشارت الصحيفة نفسها إلى أن غالبية عمليات الهروب تأتي من وارسو حيث قفزت مبيعات الرحلات الخاصة بشهر يونيو إلى الزيادة بنسبة 40% عن مثيلتها بالعام الماضي. ويتوقع أن تشهد العاصمة البولندية العديد من انسدادات الطرق بسبب الزحام الشديد خلال يورو 2012 خاصة بعدما أدت عمليات البناء في خط المترو الثاني بالمدينة إلى غلق بعض مناطق وسط وارسو. وتقدم العديد من شركات السياحية عروضا خاصة وتخفيضات على رحلات شهر يونيو على أمل الاستفادة قدر المستطاع من الذين يريدون قضاء صيفهم بعيدا عن الجماهير المزعجة والاستادات الصاخبة. وكانت البلاد الأكثر جذبا للسائحين البولنديين خلال تلك الفترة هي إسبانيا واليونان ومصر. وقالت أجنييسكا درال من شركة "سكاي كلاب" السياحية لصحيفة "رزيتشبوسبوليتا": "تلقينا استفسارات عديدة حول الرحلات التي تتزامن مع فترة يورو خاصة من قبل سيدات قررن السفر مع أطفالهن". بينما أكد فوس أن الاقبال كان كبيرا لدرجة أن الذين حاولوا حجز رحلات في اللحظات الأخيرة ربما لا تتاح لهم فرصة الاختيار بين العديد من رحلات المعروضة. وصرح يان كورساك رئيس الغرفة السياحية ببولندا للصحيفة نفسها قائلا: "بالنسبة للناس الذين لا يحبون كرة القدم ويعيشون في المدن المضيفة ليورو 2012 ستسبب البطولة إزعاجا كبيرا لهم. سترتفع الأسعار بشدة وسيكون الزحام في كل مكان وخاصة في القطارات ووسائل المواصلات داخل المدينة". وأضاف كورساك: "كل من يحبون السفر أو يريدون الاسترخاء والهدوء سيهربون من كل هذا إلى أبعد مكان ممكن".