يزعجني مشهد الإتحاد الإفريقي لكرة القدم " الكاف " العابث وهو يهرول هنا وهناك للبحث عن دولة تقبل أن تقوم بدور المنقذ لتنظيم كأس امم افريقيا التي كان مقرراً إقامتها في يناير المقبل بالمغرب بعد أن إعتذرت المغرب عن التنظيم لأسباب صحية وهي المخاوف المشروعة والمؤكدة من عدوى مرض الأيبولا الخطير المنتشر في العديد من بلدان القارة الإفريقية والذي تسبب في موت الآلآف في القارة ، بل أنه يثير الرعب في العديد من دول العالم ومنها الولاياتالمتحدة. وقد كان إعتذار المغرب قراراً سيادياً وحاسماً لم يقبل محاولات الكاف لتمييع القضية أو تأجيل القرار، إنتظاراً لمفاوضات مع الكاف الذي يصر ويتشبث بإقامة البطولة مهما كانت درجة الخطورة على أسرة البطولة من منظمين ولاعبين وإداريين ومدربين وآلاف الجماهير المنتظر أن تزحف وراء منتخباتها، وكان قرار المغرب مشرفاً ، لم تشوبه علامات ضعف أو إستكانة أو تردد، بل أن المغاربة رفضوا تأجيل قرارهم إنتظاراً لمشاورات مع الكاف ، وكان موقفهم مدوياً ، البطولة لن تقام في موعدها بسبب الظروف الصحية الخطيرة المنتظرة مع وباء الايبولا والتي لا يمكن السيطرة عليها حسب توجيهات وزارة الصحة المغربية المستندة لأراء منظمة الصحة العالمية ودراسة الأجواء الطبية المحيطة بالبطولة في ظل توقع زحف عشرات وربما مئات الالاف من الجماهير الأفريقية لحضور البطولة .. وكان القرار المغربي إلغاء البطولة أو تأجيلها لموعد مناسب حسب إنتهاء وباء الإيبولا أو إنحسار خطورته، ولما رفض الكاف القرار المغربي وتحفظ عليه ، لم يزحزح ذلك المغاربة عن موقفهم سنتيمتر واحد. وما يحزنني أن الإتحاد الأفريقي لم يحترم موضوعية الإعتذار المغربي ولم يستوعب خطورة المغامرة بإقامة بطولة كبيرة في ظل أجواء الوباء ، بل ذهب الكاف للتحدي وأعلن من جانبه أن البطولة ستقام في موعدها وهرع يبحث عن دولة بديلة ، ولما فشلت الإتصالات الشخصية مع بعض الدول العربية ، أرسل الكاف ترشيحات رسمية لسبعة دول افريقية تمتلك القدرة على إنقاذ الموقف ، وبدأت هذه الدول تعلن تباعاً عن رفضها التنظيم، وجاء الرفض سريعاً وحاسماً من الدول العربية وخاصة الجزائر والسودان ، كما أسعدني أن مصر أعلنت أيضا عن إعتذارها ورفضت عدة إغراءات وتسهيلات من الكاف، مما يؤكد توحد الصوت العربي وإحترام قيمة الإعتذار لدولة عربية كبيرة بحجم مملكة المغربية. وأنا أتفهم موقف الإتحاد الأفريقي وإصراره على تنظيم البطولة سعياً لتحقيق الإيرادات المالية التي تقاضها مقدماً من الرعاة والمعلنيين ومشتري حقوق البث التليفزيوني، والتي ربما لا تكون متوافرة كلها في خزائنه الأن، وأتفهم أن هذه الأموال هي التي ينفقها الكاف في تمويل أنشطته وإلتزاماته ورواتب موظفيه ومكافأت أعضاء لجنته التنفيذية وباقي اللجان ، ولكن هل يمكن التضحية بأرواح الالاف ونشر رعب تفشي الوباء من أجل حفنة ملايين من الدولارات في خزائن الكاف وجيوب بعض أباطرة التسويق والعمولات؟ أعتقد أن الفيفا الذي يحرص على عدم التدخل في قرارات الإتحادات القارية يرصد الموقف عن كثب وينتظر اللحظة المناسبة ، لقرار سيادي كبير في معاقبة إتحاد قارة قد يكون الأول من نوعه في تاريخ الكرة العالمية .