انتهي الشاب من صلاة الفجر واتجه يراجع عدساته ويفحص الكاميرات التي يشعر أنها ترتبط معه روحيا ولا تفارقه, وعاد يفحص الكادرات السابقة وتسلل الابتسام الي شفتيه وشعر بالفخر وهو يتأمل أحد اللقطات التي بدت كلوحة فنية في زاوية الإضاءة والتفاصيل الكاملة بها, وأحس بالرضا وشكر الله في نفسه علي ما وهبه من نعم, ثم تذكر أنه لم يقم بإعداد الكاميرا الخاصة بتصوير الفيديوهات لتوثيق الأحداث المشتعلة بالشارع بين المؤيدين والمعارضين للرئيس المعزول مرسي, فقام بإجراء التجارب بالكاميرا, حتي حانت لحظة انطلاقه الي ميدان النهضة لتغطية الأحداث لجريدة وموقع البديل, التي تزين لقطاته مع زملائه المصورين صفحتها الالكترونية, واتجه محمد الي الشارع ناحية ميدان النهضة بالجيزة لتغطية اعتصام المتظاهرين والمعتصمين وفاعليات الحدث الذي مر عليه أكثر من20 يوما. وبعد دقائق وصل الي الميدان وكالعادة أخرج كارنيه موقع البديل, وهنا لاحظ محمد تغيرا في ملامح مستقبليه من المعتصمين الذين تكدرت ملامحهم وعبست وجوههم بمجرد ذكر كلمة البديل, بالرغم من معرفتهم السابقة به ولكنه لم ينزعج وابتلع الاعتراضات بكياسة تعود عليها بأقدمية في مهنته الصحفية, ومرت الساعات علي محمد بطيئة حتي حانب لحظة مغادرته لمقر الاعتصام, وبدأت قدماه تتجه الي كوبري الجامعة الذي كان شاغرا تماما, فبعد دقائق معدودة سيرتفع آذان المغرب للإفطار, وكان محمد يسير وحيدا بعد أن فارق وحدة أفراد القوات المسلحة المتمركزة أول كوبري الجامعة, ووضع محمد حزام الكاميراتين حول رقبته ومشي متجها لعودته الي مقر جريدته, وفجأة مرق أعلي الكوبري دراجتين ناريتين يعتلي كل منهما شخصان ولكن محمد لم يلتفت اليهما وظن أنهم متجهون الي أسرهم للحاق بالإفطار, ولكن الدهشة علت وجه محمد بعد أن رأي الدراجتين الناريتين تعودان براكبيها في الاتجاه المعاكس, وأشار أحد الراكبين لأقرانه, وتوقف الأربعة أمامه وشعر محمد أنه يحيا دوامة غير طبيعية وقام أحدهم برفع يمناه بسنجة ويهوي بها علي رأسه التي أحس أنها قد تمزقت من شدة الضربة, وتلفت محمد حوله وبدأ يدرك أنه هالك لا محالة وصرخ فيهم وحاول الدفاع عن نفسه ولكن هدف المجموعة كان محددا منذ البداية, وأمسكوا به وكان أحدهم بيده فرد خرطوش, ماتت يد اثنين من المعتدين علي الكامرتين في تشبث غريب فزاد محمد من نهرهم ولكنهم اعتدوا عليه بألفاظ قاسية اختلطت بصوت المؤذن المرتفع من مسجد صلاح الدين القريب من الواقعة, وانهال عليه الضرب من كل اتجاه ولم يتوقف إلا بعد سلب الكاميرتين وسقوط محمد مغشيا عليه, ومرت دقائق لا يعلمها ولكنه شعر بماء بارد فوق وجهه وهو علي الأرض كان يصبه عليه أحد المارة محاولا افاقته وانقاذه ودمائه تنهمر من رأسه بغزارة. واقترب منه أفراد الأمن بقوة الجيش المرابضة بالقرب من المكان وبدأوا يقدموا إليه زجاجات المياه ويسألوه أين اتجه المعتدون وفي أي مسار وعرضوا عليه مساعدته بالجلوس بينهم لعلهم يعودون طالما أنهم من معتصمي النهضة, ولكن محمد حمد الله أن هاتفه لايزال بحوزته فاتصل بمديره عبدالناصر النوري وصديقه آدم اللذان اتجها إليه ونقلوه مع باقي زملائه إلي مستشفي المنيرة, وأمام العقيد حسن دكروري نائب مأمور قسم الجيزة والمقدم حسام أنور رئيس مباحث القسم, أدلي محمد سعد المصور الصحفي بجريدة وموقع البديل بأقواله وسرد كيف عادت له الحياة من جديد وعاد من الموت ومعه اتهامه لأفراد جماعة الاخوان المسلمين وأنصارهم المعتصمين بميدان النهضة, وأنهم وراء الاعتداء عليه حسب التقرير الطبي الذي أثبت أن الفتح في رأسه عمقه5 سم و4سم غائرين بإجمالي الجرحين نحو12 غرزة, بالإضافة الي العديد من الرضوض والكدمات في الكتفين والرأس, تحرر المحضر11953 وباخطار اللواء حسين القاضي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة أمر بإحالته للنيابة التي تولت التحقيق.