في الأول من يونيو المقبل يتوجه الناخبون لاختيار نصف أعضاء مجلس الشوري المنتخبين لدورة جديدة مدتها ست سنوات, فاز منهم13 مرشحا بالتزكية بعد انسحاب المرشحين المنافسين, وهو أمر ينبغي التوقف عنده, كما يجب التوقف عند مجلس الشوري باعتباره أحد المجلسين النيابيين في مصر, وهو الغرفة العليا للبرلمان. وخلال ثلاثين عاما منذ تأسيس مجلس الشوري لعب دورا مهما في الحياة السياسية والتشريعية والنيابية, لكن هذا الدور زادت أهميته عقب التعديل الدستوري الذي جري عام2006 وزاد من صلاحيات هذا المجلس. وحسب الدستور تتحدد مدة دورة مجلس الشوري بست سنوات ويتشكل من264 عضوا ينتخب ثلثاهم بالاقتراع المباشر السري العام علي أن يكون نصفهم علي الأقل من العمال والفلاحين ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي. وخلال أكثر من عملية انتخابية في عمر هذا المجلس ظهرت العديد من السلبيات التي تحتاج إلي إعادة نظر, منها علي سبيل المثال اتساع النطاق الجغرافي لدوائر الشوري الانتخابية, وهو أمر لا يستطعيه الكثير من المواطنين الراغبين في الترشيح لعضوية المجلس, وحتي الأحزاب السياسية تجد صعوبة في توفير مرشحين قادرين علي المنافسة الشرسة والمكلفة جدا في هذه الدوائر الكبيرة. ولعل فوز13 مرشحا حتي الآن بعضوية مجلس الشوري دون انتخابات يعود في جزء كبير منه إلي هذه الدوائر الواسعة التي تحتاج إلي قدرة مالية كبيرة جدا, أو إلي حزب ينتشر في كل ربوع مصر, وهو أمر لا يكاد يتوافر إلا للحزب الوطني فقط. ومن يتابع كلمات الرئيس مبارك وخطبه العامة سيجد دعوته الدائمة إلي تنشيط الحياة الحزبية, وتشجيع الأحزاب علي العمل السياسي, لكن الملاحظة المهمة في هذا السياق أن مجلس الشوري لا يزال عصيا علي أحزاب المعارضة, وطوال ثلاثين عاما لم يدخله بالانتخاب سوي نائبين من حزب التجمع فقط, أحدهما هو عبد الرحمن خير انسحب من الترشيح هذه المرة بسب اتساع دائرته بعد تعديل حدود المحافظات. وإذا كان رأس الدولة, رئيس الحزب الأكبر في مصر يدعو إلي تنشيط الأحزاب, فإنه من الضروري أن تتحول هذه الدعوات إلي واقع ملموس علي الأرض, يتيح تنافسا حقيقيا بين الأحزاب السياسية علي مقاعد مجلس الشوري كما يحدث في انتخابات مجلس الشعب, وهو أمر يتناقض بالضرورة مع فوز المرشحين بالتزكية, التي قد تسعد بعض قيادات الحزب الوطني لكنها لا تصب في إطار تدعيم الديمقراطية والحياة الحزبية الضعيفة جدا. وأعتقد أننا بحاجة ماسة لتغيير النظام الانتخابي لمجلس الشوري علي الأقل, فإذا كانت هناك صعوبة في العودة إلي الانتخاب بنظام القائمة النسبية غير المشروطة في انتخابات مجلس الشعب, فعلي الأقل علينا التفكير في أن تجري انتخابات الشوري المقرر إجراؤها بعد ثلاث سنوات بنظام القوائم سواء كانت قائمة واحدة كبيرة علي مستوي الجمهورية, أو حتي بنظام القوائم الصغيرة علي مستوي المحافظات, وهو أمر من شأنه زيادة حصيلة المعارضة في مقاعد الشوري.. مما يعني حياة ديمقراطية سليمة تقوم علي التنوع السياسي, والتعدد الحزبي, لأن اللون الواحد في الحياة السياسية هو أشد اعداء التقدم, ويفتح الباب للتغيير غير المحسوب. من مصلحة هذا الوطن النظر إلي السلبيات بتجرد, بعيدا عن وجهات النظر الحزبية الضيقة, وإذا كان الحزب الوطني يتمتع بأغلبية عريضة بحكم أنه وريث نظام سياسي ممتد منذ ثورة يوليو1952 حتي الآن, فإنه أن الآوان لرؤية أحزاب أخري تشكل حيزا كبيرا من الصورة العامة.. ولم يعد مقبولا أو مستساغا أن تكتفي تلك الأحزاب بدور إطار أو برواز يجمل صورة الحزب الواحد. [email protected]