لا أظن ان أحدا في مصر مسئولين\ وناشطين وسياسين و بسطاء يمكن ان يقنع نفسه انه.يتفهم خبايا المشهد السياسي الراهن, فمن مليونية الي مليونية و من ميدان الي ميدان و من شرعية شعبية بكل ميدان ومن دستور الي إعلان دستوري يجري تعديله في اليوم التالي, و من رئيس بالاتحادية و رئيس مختف, و من حرب الفضائيات و وسائل الاعلام يطرح كل منها صورة مغايرة تماما للآخرين, و من مواطنين بسطاء يعانون من تلوث اعلامي و سياسي, و من جبهة الي جبهة و اتحادات لقوي سياسية تتعارض بشكل واضح و محير للمواطن العادي, و من الإشادة بتدخل الجيش الي من يعارضه و يرفضه. وممن يرحب بانتشار الجيش في كل محافظات مصر ليؤمن البلاد و يردع المعارضين الي من يري ان الأخطار الشديدة التي تواجهها مصر من الجنوب و الشمال و الشرق تحتم علي الجيش الا يزج بنفسه في متاهة الصراع السياسي و ان يستمر في استعادة لياقته و قوته استعداد لمواجهة أخطارا من خارج الحدود. كيف تعيش مصر و تنعم بحكم رشيد يقودها الي الرفاهية و العزة و الكرامة في ظل هذا الغموض و الصراع المحموم المحتدم بين قوي ثورية جديدة و قوي الدولة العميقة يسود الساحة السياسية, يجانبه صراع عبثي اخر بين ثوار25 يناير2011, في الوقت الذي ينكر البعض وجودها و استمرارها و يعلي عليها ثورة30 يونيو2012 هذا الغموض و الالتباس لا يسود في الداخل فقط, بل فرض نفسه خارج الحدود بين الحكومات و المسئولين و وسائل الاعلام و المحللين السياسيين, فتتوارد علينا يوميا التحليلات و التنبؤات و التصريحات التي تنبئ كلها عن ارتباك و غموض في الأوساط الرسمية و الاعلامية و الشعبية لم تسلم منها أوساط اسرائيل و امريكا و الاتحاد الأوربي. بل تعذر علي البيت الأبيض ان يعلن عما توصل اليه من طبيعة التغيير الاخير وهل هو شرعي ام انقلابي مدني ام عسكري. وفي تصرف أصابنا في كرامتنا و عزتنا و قضي علي وجودنا في افريقيا قرر الاتحاد الأفريقي وقف عضوية مصر حتي تشكل سلطة ديموقراطية علي ان العالم العربي لم يسلم من هذا الارتب اكفشاهدنا و سمعنا أصواتا ترفض الاجراءات الأخيرة بينما اندفعت بعض الدول الخليجية لتأييد هذا التغيير سياسيا و راحت تصب ملياراتها في خزانة مصر. و لم يسلم تشكيل الوزارة من صعوبات و خطوات مرتجلة و تغيير المرشحين لرئاسة الوزراء و إنشاء مناصب رئاسية مستحدثة دوافع شخصي. الحياة في مصر أصابها الشلل و سادها الصراع و لم يقدم أي طرف او فصيل حلولا ناجعة حتي الان و لا يتوقع ان يتم ذلك في وقت قريب حيث تجري محاولات اقصائية لا ضمان لنجاحها و لا ينتظر منها الا مزيد من الصراع و الفوضي, و تقف السلطة الجديدة حائرة في مفترق الطرق. و في هذا الجو جرت محاولات من الحكماء للبحث عن حلول مقبولة من الجميع و نادي البعض بحركة لم الشمل و المصالحة وهي مطالب لا يتضح ان لها فرصة للنجاح. الي متي نعيش في هذا الالتباس و هل نستمر في طريق الإفلاس و الاقتتال و ترك بلادنا نهبا لإسرائيل و امريكا و اثيوبيا. يا أبناء مصر في السلطة و خارجها و كل الأحزاب و الفصائل تعالوا الي كلمة سواء و أنقذوا مصرنا الغالية و لا تسفكوا الدماء و تحرقوا الحرث و النسل.