سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نقاش مع الوزير أحمد أبو الغيط
الشاذلي والجمسي طالبا باستثمار النجاح ومواصلة الهجوم ضد إسرائيل في1973
رئيس هيئة العمليات: الحذر والبطء في اتخاذ القرار حرم مصر من الانطلاق باتجاه المضايق
بقلم: عبده مباشر
اضافت مقالات أحمد أبو الغيط وزير الخارجية عن معركة أكتوبر1973 فيضا من المعلومات أمام المؤرخين وكل من يهمهم أمر الحرب, خاصة عن دور هذه المجموعة المتميزة من الدبلوماسيين الذين عملوا تحت رئاسة حافظ إسماعيل مستشار الرئيس السادات للأمن القومي. ولقد اشدنا في مقال لنا بالكاتب بعدد لأهرام الصادر يوم2 ديسمبر الماضي , وطالبناه بكتابة المزيد وإزاحة الستار عما يعلم من اسرار وحقائق. وكان عظيما أن يجد الرجل الوقت بالرغم من مسئولياته لكي يواصل الكتابة مستندا الي المذكرات التي كتبها والتاريخ الذي كان شاهدا عليه. ومن خلال قراءتنا لمقالاته المفيدة تبينا أن هناك معلومات تتطلب التوقف أمامها لتعميقها ووضعها في إطارها وكما جرت في مسرح العمليات. وفي مقاله المنشور بالاهرام يوم5 مارس وروز اليوسف يوم6 مارس الماضي, اشار الكاتب الي ان احمد اسماعيل وزير الحربية امسك بتلابيب قواته ومنع أيا من وحداته الرئيسية التابعة للجيشين الثاني والثالث من الانجراف المتسرع للخروج من رءوس الكباري, بل وصمم علي مقاومة كل تفكير بضرورة التحرك الفوري لاستغلال النجاح الابتدائي والافتتاحي للمعركة. مثل هذه الصياغة اللغوية البديعة, يمكن ان يفهم منها أن الأحدات الرئيسية يمكنها ان تعمل خارج الخطة الموضوعة وأن تتحرك لتحقيق أهداف محددة دون أوامر من قيادتها سواء لاستغلال النجاح الذي تحقق او سعيا وراء انتصار عسكري يمكن تحقيقه تبدو في الافق ملامحه او بشائره. من المؤكد أن وزير الحربية ليس في حاجة ابدا لكي يمسك بتلابيب قواته, ولا يوجد اي احتمال لخروج الوحدات من رءوس الكباري بشكل متسرع أو حتي بطيء. نعود لنوضح انه من المباديء الرئيسية في علوم الحرب, استثمار النجاح الذي يتحقق فوق ارض المعارك وعلي مسارح العمليات الحربية وهنا يمكن مقارنة القادة في ضوء القدرة علي استثمار النجاح لتعظيم الانجازات والبراعة في المناورة واغتنام الفرص المتاحة. نعم هناك خطط محددة وهناك التزام اساسي بالعمل علي تنفيذها, ولكن يظل هذا الالتزام طالما تواصل العمل في اطار الحسابات المتوقعة. وخلال مراحل الاستعداد لمعركة اكتوبر, كانت القيادة العامة تضع في حساباتها تحمل خسائر كبيرة في البشر والمعدات والاسلحة والذخائر وقد راعت الخطط الموضوعة هذا الحجم من الخسائر, وفقا لما جري في معركة يونيو1967, ولما كان متوافرا من معلومات عن قوات العدو في سيناء والامكانات التي تتوافر لها وخطط الدفاع بما في ذلك ما يمكن ان تقوم به القوات الجوية الإسرائيلية لصد وعرقلة القوات المهاجمة, كانت اجهزة القيادة العامة تميل الي توقع هذا القدر الكبير من الخسائر. كما أن لجوء القيادة العامة الي الهجوم علي امتداد خطط المواجهة واشراك5 فرق مشاة في الهجوم لاقتحام القناة في موجات متالية في ظل وجود خط بارليف الحصين اسهم في رفع ارقام الخسائر سواء في البشر او المعدات. وتبدأ الحرب التي استعدت لها مصر طويلا وبرعت ا لقيادة العامة في التخطيط لها, وتمكنت قوات الجيشين الثاني والثالث من انشاء خمسة رءوس كباري شرق القناة, وتواجه هجمات العدو المضادة بكفاءة و اقتدار وتعمل علي تعميق وتثبيت هذه الجسور كما ان القوات الجوية التي هاجمت بأكثر من220 طائرة مقاتلة وقاذفة لم تخسر سوي عدد محدود جدا من الطائرات لم يتجاوز ست طائرات. وقد بدا واضحا خلال ساعات المعركة الأولي مدي ارتباك القيادة العامة الإسرائيلية ومدي هشاشة خططها وقواتها الموجودة شرق القناة. هذا النجاح الكبير بهذا الرقم من الخسائر فتح الباب امام قيادات مسئولة علي القمة المطالبة باستثمار النجاح وتطوير الهجوم للوصول الي خط المضايق, كانت الروح المعنوية للقادة والقوات في القمة, وكانت الثقة العالية بالنفس تملأ خط المواجهة شرق وغرب القناة. ومن المعروف لدي الجميع ان المضايق بسيناء هي خط الدفاع الرئيسي عن مصر, وان الوصول اليها يعني امتلاك القدرة علي مواجهة أي هجوم إسرائيلي في الحاضر والمستقبل فالتحصن في خط المضايق يوفر للقوات المسلحة ولمصر افضل الامكانات والظروف للعمل بحرية في مواجهة قوات العدو البرية والجوية حيث سيتيح لها نقل بطاريات الصواريخ الموجهة الثقيلة من طراز سام2 الي شرق القناة والأهم امتلاك القدرة علي حمايتها وهذا سيوسع من مجال الدفاع الجوي المصري شرقا ويحرم العدو الجوي من الاقتراب لا من شرق القناة فقط ورءوس الكباري بل ومن عشرات الكيلو مترات شرق خط المضايق. وقد طالب سعد الشاذلي رئيس الاركان باستثمار النجاح وتطوير الهجوم, وانضم له محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات وساندهما عدد كبير من كبار القادة بمركر10 وهنا تجدر الاشارة الي اختلاف وجهات النظر داخل القيادة العامة حول اهداف الحرب والخط الذي يجب ان تقف عنده القوات المهاجمة شرق القناة الذي بدأ مع بدء التخطيط لمعركة هجومية في ذلك الوقت وعلي ضوء الامكانات المتاحة والمتوقعة رأي الفريق اول محمد صادق وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة, ألا يتوقف إلا بعد الوصول الي خط المضايق باعتباره خط الدفاع الطبيعي والمنيع الذي يوفر الحماية لمصر وقواتها المسلحة, وأمام عدم توافر الامكانات الكافية نادي بالضغط علي السوفييت لتنفيذ العقود الموقعة أولا, ثم عقد صفقات جديدة بالاحتياجات المطلوبة. وعلي الجانب الآخر رأي الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان الاكتفاء بانشاء رءوس كباري بعمق يتراوح بين10 و15 كيلو مترا شرق القناة, والتحول للدفاع لصد الهجمات المضادة الإسرائيلية المتوقعة وقد وضع الشاذلي وجهة نظره في مذكرة سلمها للرئيس السادات, موضحا ان انتظار توافر الامكانات للوصول الي خط المضايق يعني تأجيل الهجوم الي أجل غير مسمي, في حين ان الهجوم بالامكانات المتوافرة للقوات المسلحة سيحقق لمصر كسر نظرية الأمن الاسرائيلية, وتكبيد اسرائيل حجما من الخسائر البشرية والمادية يفوق قدرتها علي الاحتمال. وبدا واضحا ان الرئيس السادات بدأ ينحاز لرأي رئيس الاركان, ولم يكن هذا كافيا لانهاء الخلاف بين القادة و لذا تم الاتفاق علي إعداد خطتين للهجوم الأولي تأخذ بمنهج رئيس الاركان والثانية لمواصلة الهجوم حتي خط المضايق, إذا ما توافرت الامكانات او سمحت الظروف بذلك وعقب اجتماع24 اكتوبر1972, الشهير الذي شهد اعتراض عدد من القادة علي بدء الحرب قبل توافر الامكانات المطلوبة قرر السادات إقالة الفريق أول صادق وإحالة عدد من كبار القادة للتقاعد وتعيين أحمد إسماعيل مديرا للمخابرات العامة ووزيرا للحربية وترقيته الي رتبة الفريق أول وبالتالي كان الرجل قد تسلم مسئولياته بعد ان اكتمل وضع الخطة الهجومية والخطة البديلة وتحديد اهدافهما وكان قد شارك في وضعهما ولم يكن الوقت من نهاية اكتوبر1972 حتي بداية أكتوبر1973 يسمح بإجراء تعديلات جوهرية علي أي منهما أي ان كلا من رئيس الاركان ورئيس هيئة العمليات ومن انضم لهما من كبار القادة عندما طالبوا باستثمار النجاح الذي تحقق والوصول الي خط المضايق, كانوا يستندون الي وجود خطة سبق إعدادها, والي ان الظروف والامكانات تسمح بذلك, ولكن أحمد إسماعيل رفض الأمر رفضا كاملا. وقد وصف المشير الجمسي الرجل في حديث صحفي نشرته مجلة المصور يوم2 أكتوبر1998 بالحذر الشديد والبطء, ولم يكن سريع البت. وكان هذا يحسب ضده. اما سعد الشاذلي فقد اتهم أحمد اسماعيل وشن عليه حملة قاسية في مذكراته التي نشرت تحت عنوانحرب أكتوبر عام.1988 ويؤكد المؤرخ العسكري اللواء جمال حماد في كتابه المعارك الحربية علي الجبهة المصرية الصادر عن دار الشروق أن استثمار النجاح والوصول الي المضايق خط الدفاع الطبيعي كان سيحول دون اسرائيل والوصول الي غرب القناة وان حذر القائد العام اضاع علي مصر هذا النصر. وإذا كانت القوات المحاربة قد حاربت وتوقفت وفق الخطة التي أقرتها القيادة العامة, ولم تحاول علي الاطلاق الانطلاق باتجاه المضايق خاصة مضيقي متلا والجدي, لأن الأوامر لم تصدر بذلك, فالقوات المسلحة لا تتحرك أو تعمل أو تحارب أو تتوقف أو تنسحب إلا وفقا لما يصدر لها من أوامر, ولم يكن الموقف يستدعي أن يمسك أحمد إسماعيل بتلابيبها لمنعها من التحرك. لقد وقفت مع عدد من قادة الفرقة19 المشاة خلال الأيام الأولي للحرب, وكان ممر متلا علي مرمي حجر من مواقع الحد الأمامي لهذه الفرقة, ولم يكن هناك خلال هذه الساعات ما يحول بينهم وبين الوصول إلي الممر خاصة بعد نجاح عناصر الفرقة في الاستيلاء علي موقع المدفعية الحصين في عيون موسي واكتمال عبور كل وحداتها إلا أنهم لم يخرجوا من رأس الكوبري حتي ولو كان الاستيلاء علي الممر سيقود مصر إلي نصر تاريخي وأوسع نطاقا وأكثر تأثيرا من نتائج معركة أكتوبر العظيمة بكل المقاييس. ومن المهم هنا الإشارة إلي أن حذر أحمد إسماعيل وتردده لا علاقة له بموقف السوفييت من الحرب, ولا بالخشية من النتائج التي جعلته لا يخضع لمغريات تطوير الهجوم, وايضا لا علاقة له بالامكانات فما كان في حوزة القوات المسلحة خلال الأيام الأولي للحرب, بالاضافة إلي ارتباك القيادة الإسرائيلية وهشاشة وضع القوات الإسرائيلية في سيناء بجانب عامل الروح المعنوية هنا وهناك علي الجانب الآخر كان يوفر أفضل الفرص للنجاح. وعلينا ألا ننسي أن في مقدمة من طالبوا بتطوير الهجوم رئيس الأركان ورئيس هيئة العمليات, وهما القيادتان التاليتان لأحمد إسماعيل, وهذا يعني أنهما علي علم بموقف السوفييت مثلهما في ذلك مثل أحمد إسماعيل, كما أنهما علي علم كامل بامكانات القوات المسلحة, وأنه لا يمكن التشكيك في نواياهما, ولا وطنيتهما, والقضية الثانية التي تستحق أن نتوقف أمامها تتعلق باسباب تطوير الهجوم شرقا بعد الوقفة التعبوية, وفي هذا المجال يردد الرجل ما سبق أن أعلنته القيادة المصرية حول نجدة الشقيق, حيث قررت مصر اللجوء إلي مواصلة الهجوم علي المواقع والأهداف الإسرائيلية انطلاقا من رءوس الكباري شرق القناة للتخفيف من الضغط الذي تتعرض له سوريا. ومما قاله الوزير أحمد أبوالغيط: إن تدهور الوضع علي الجبهة السورية فرض علي مصر أهمية التحرك لتخفيف الضغط علي الجيش السوري, وقال ايضا إن العدو بدأ معركة مصر برغم أنه لم ينته من معركة سوريا ولن يتمكن من انهائها ثم قال: إن سوريا سوف تنجح في صد الاختراق. والآن أكتب وأمامي البرقيات المتبادلة بين القاهرةودمشق طوال فترة الحرب التي توضح أن إسرائيل انهت معركتها مع سوريا تماما, بعد أن وصلت إلي قرية سعسع علي مسافة33 كيلومترا من دمشق, وبعد أن استولت علي325 ميلا مربعا كمساحة اضافية للارض التي سبق أن استولت عليها في يونيو1967 وبعد أن وضعت العاصمة السورية في مرمي نيران مدافعها. ويمكن رصد المراحل التي أدت إلي هذه النتيجة كالتالي: * بعد أن انطلق الهجوم السوري بنجاح يوم6 أكتوبر وتحقيقه لانتصارات مبهرة في المعارك التي خاضها طوال يومي6 و7 أكتوبر بدأ المد الهجومي يفقد قوة الاندفاع إلي أن توقف واعتبارا من يوم8 أكتوبر بدأت القوات الإسرائيلية تدفع بالقوات السورية إلي الخلف إلي أن تمكنت من الوصول إلي خط وقف اطلاق النيران الخط الأرجواني خط المواجهة بين سوريا وإسرائيل بعد معركة يونيو1967. واعتبارا من يوم10 أكتوبر بدأت القوات في اجتياز هذا الخط والتقدم شرقا إلي أن وصلت إلي مزرعة بيت جن في القطاع الشمالي. * أما المرحلة الثالثة فكانت الوصول إلي قرية سعسع القريبة من دمشق, وهناك أقامت خطا دفاعيا جديدا بدءا من يوم12 أكتوبر, ويوم13 أكتوبر كانت المعركة قد انتهت خاصة بعد ان عبر السوفييت عن غضبهم كما قرروا العمل علي حماية سوريا. وامام هذه الحقائق, فإن أي هجوم مصري علي القوات الإسرائيلية بسيناء لم يكن سيساعد بأي صورة من الصور علي تغيير مسار المواجهة السورية الإسرائيلية. وفي هذا الإطار علي الجميع إعادة النظر في الاسباب الحقيقية لتطوير الهجوم ونتائجه الكارثية والاخطاء التي قادت إلي هذه النتائج. وهنا يمكن القول ان تطوير الهجوم سواء كان لاسباب مصرية أو سورية عمل صائب جدا بشرط أن يتم في التوقيت المناسب, لكن توقيت بدء تطوير الهجوم جاء متأخرا كثيرا, فلا هو جري في توقيت يساعد السوريين فعلا, ولا تم في إطار استثمار النجاح الكبير الذي تحقق خلال أيام6 و7 و8 أكتوبر. * وفي مقدمة هذه الاخطاء: إشراك قوات الفرقتين المدرعتين4 و21 في تطوير الهجوم, والفرقتان تمثلان العمود الفقري للاحتياطي الاستراتيجي, ومن المعروف أن القيادة التي تلجأ لاستخدام هذه القوات أولا يمكن أن تخسر معركتها. وقد زجت القيادة العامة بهذه القوات في المعركة قبل أن تقدم القيادة العامة الإسرائيلية علي استخدام قواتها المماثلة. * وقبل أن تقدم القيادة العامة علي هذه الخطوة أقدمت علي استخدام وحدات من الفرقة السادسة مشاة ميكانيكي شرق القناة بالرغم من أنها الفرقة التي تدربت علي مواجهة أي اختراق إسرائيلي من منطقة الدفرسوار, واثناء التخطيط للمعركة الهجومية كانت القيادة العامة تتوقع أن يحاول العدو الوصول إلي غرب القناة, وكان التقدير أن تكون المحاولة من منطقة البلاح شمالا أو من منطقة الدفرسوار, لذا خصصت قوات لمواجهة مثل هذا الاحتمال. وكان تفكيك قوات الفرقة السادسة مشاة ميكانيكي يعني حرمان القيادة من قوة معدة ومدربة لمواجهة قوات العدو في الثغرة. ولم تكن القيادة الإسرائيلية لتتمكن من شن هجومها المضاد المتوقع للوصول لغرب القناة إذا كانت القوات المصرية قد واصلت تقدمها إلي خط المضايق, وايضا فإن هذه القيادة لم تكن لتخاطر باقتحام القناة, والقتال غرب القناة في ظل وجود قوات الفرقتين المدرعتين4 و21. ومن المؤكد أن القيادة العامة لم تعلم بمدي ابتهاج القيادة العامة الإسرائيلية بعد علمها ببدء تدفق قوات الفرقتين المدرعتين شرقا, وبعد عملية الاستطلاع الجوي الذي نفذته طائرة أمريكية من طراز(SR71) يوم13 أكتوبر وأكدت الصور والمعلومات التي توافرت من قبل للقيادة الإسرائيلية. وفي ظل هذا الوضع المناسب, والظروف التي تساعد علي النجاح استجابت القيادة الإسرائيلية للضغوط التي كان يمارسها شارون اعتبارا من11 أكتوبر وأقرت خطة اختراق الخطوط الدفاعية المصرية واقتحام القناة وانشاء رأس كوبري غرب القناة, ومحاولة تطويق الجيشين الثاني والثالث. وهذا يعني أن نتائج خطة تطوير الهجوم المصري شرقا يوم14 أكتوبر لم تكن هي التي دفعت القيادة الإسرائيلية للاندفاع غربا, كما قال الوزير أحمد أبوالغيط, لكن الصحيح أنها وفرت ظروفا واوضاعا عسكرية أكثر ملاءمة للهجوم المضاد الإسرائيلي. * من القضايا المحيرة عدم مراعاة من خططوا لتطوير الهجوم شرقا للعوامل التي اسهمت في نجاح الهجوم ظهر السادس من أكتوبر. وإذا كان المخططون للهجوم هم المخططون للتطوير فإن الفهم يصبح اصعب إن لم يكن عسيرا, فقد راعي المخططون للهجوم أن تقوم قوات المشاة بالهجوم علي المواقع الحصينة لخط بارليف لأنهم الأكثر قدرة علي تحقيق النجاح, وقد نجحوا في حين اسند المخططون للتطوير اسناد مهمة الهجوم علي النسق الثاني لخط بارليف إلي رجال المدرعات, برغم علمهم أن ذلك مخالف لمبدأ عدم استخدام المدرعات في الهجوم علي النقاط الحصينة وعلمهم ايضا أن احتمالات النجاح محدودة, وإدراكهم أن الأرض الصحراوية المكشوفة هي الساحة المفضلة لرجال المدرعات التي تمكنهم من المناورة بكفاءة وتتيح لهم استثمار امكانات المدرعات والدبابات بشكل أفضل, فلم يحصدوا سوي الفشل ووصول حجم الخسائر في نهاية اليوم الأول للقتال إلي ما يقرب من280 دبابة أي أكثر من ربع الدبابات التي كانت لدي القوات المسلحة. وفي حين بدأ هجوم السادس من أكتوبر ظهرا أي والشمس في عيون القوات الإسرائيلية وبما يعني حرمانها من الرؤية بشكل جيد كانت في ظهر القوات المهاجمة, وبما يساعدها علي الرؤية بشكل أفضل, وهكذا تمكنت من العمل والقتال بشكل أفضل, فإن الذين خططوا للتطوير اختاروا ساعات الصباح الأولي لانطلاق الهجوم أي والشمس في عيون المهاجمين وبما يحرمهم من الرؤية الجيدة في حين كانت الشمس في ظهر القوات الإسرائيلية, وبما أتاح لها القدرة علي الرؤية بشكل أفضل من القوات المهاجمة فهل كان هذا المخطط للتطوير هو نفس من خطط للهجوم؟ أم كان شخصا أو فريقا آخر؟ * عندما قررت القيادة العامة الزج بقوات من الفرقتين المدرعتين الرابعة والحادية والعشرين في تطوير الهجوم فقد رأت أن تعمل هذه القوات من داخل رءوس الكباري شرق القناة, ولم تكن مساحة رأس كوبري الفرقة تتسع لانتشار هذه القوة المدرعة هذا من جانب ومن جانب آخر لم تكن تساعدها علي الفتح للقتال. وهناك قضية أخري برزت خلال هذه الفترة, لمن القيادة؟ لقائد الفرقة المشاة؟ أم لقائد الفرقة المدرعة؟ وقد نشبت خلافات حادة, وكثيرا ما تدخلت قيادة الجيشين الثاني والثالث, والقيادة العامة في هذه الخلافات للحد من تفاقمها. * إذا كانت خطة الهجوم قد راعت تحقيق عاملي المفاجأة والمبادأة, فإن خطة التطوير لم تراع أيا من العاملين, ومن المعروف أن النجاح في الحروب والمعارك ابن شرعي لكل من المفاجأة والمبادأة. * هناك بديهية تقول إن المهاجم يحتاج إلي ثلاثة أمثال حجم القوة المدافعة لتكون امامه فرصة في ادراك النجاح, وفي معركة التطوير كانت القوات المهاجمة أقل حجما من القوات المدافعة, فقد تم التخطيط لدفع4 ألوية مدرعة ولواءي مشاة ميكانيكيين علي مواجهة طولها نحو150 كيلومترا علي أربعة محاور منفصلة, ليس بينها أي ترابط أو معونة متبادلة. وهذا الأمر بهذه الصورة يصعب فهمه. تمكن العدو من تحقيق مفاجأة تكتيكية في مواجهة معركة التطوير, باستخدامه سلاحا جديدا في القتال, وهذا السلاح هو الصاروخ تو المضاد للدبابات. ولجأ العدو إلي استخدام ستائر مضادة للدبابات والصواريخ المضادة للدبابات من طراز س.س10, س.س.11 بالاضافة إلي الهليكوبتر المزودة بالصواريخ المضادة للدبابات. * أبدي عدد كبير من القادة اعتراضهم علي قرار تطوير الهجوم وامام إصرار أحمد إسماعيل القائد العام علي تنفيذ ما أمر به الرئيس السادات القائد الأعلي للقوات المسلحة تمسك البعض منهم بضرورة عرض الأمر مرة أخري علي الرئيس وتوضيح الاسباب التي دفعتهم للاعتراض وكلها اسباب عسكرية صرفة, وتقع في نطاق مسئولياتهم وخبراتهم ولانهم قادة فقد أكدوا أنهم سيلتزمون في النهاية بتنفيذ الأوامر التي تصدر لهم. وعندما اصدار القائد العام الأمر بالتطوير لم يكن أمام سعد مأمون قائد الجيش الثاني سوي المرض للابتعاد, لذا طلب نقله للعلاج في مستشفي المعادي للقوات المسلحة بالقاهرة. * في ضوء النتائج المبهرة للهجوم ظهر السادس من أكتوبر تبينت القيادة العامة وباقي المستويات القيادية حقيقة الأخطاء التكتيكية التي وقعت فيها القيادة الإسرائيلية, وكانت من أسباب هذا الحجم الكبير من النجاح. والسؤال لماذا وقعت القيادة في هذا الأخطاء عند تطوير الهجوم؟ لقد كان من الممكن حشد قوات مدرعة ضخمة للعمل عي مواجهة ضيقة حتي تتمكن من تحقيق الاختراق المطلوب لمواقع العدو الدفاعية لكن ما جري كان عكس ذلك تماما. * كان كل القادة بل كل القوات علي اقتناع كامل بخطة الهجوم في حين لم يسد مثل هذه الاقتناع عند تنفيذ خطة التطوير, وقد أثر ذلك علي أداء القوات المهاجمة, ولم يكن الأمر أكثر من أداء واجب. من أهم النتائج لخطة التطوير انتزاع إسرائيل لعامل المبادأة وارتفاع الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية بالرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بها. وكان علي القوات المصرية المسلحة أن تواصل القتال ببسالة وبطولة للدفاع عن نصرها العزيز في مواجهة اندفاع إسرائيلي, ودعم أمريكي قوي وتقاعس سوفييتي. وخلال الأيام التي امتدت من14 أكتوبر حتي وقف اطلاق النار يوم27 أكتوبر تمكنت القيادة وقوات الجيشين الثاني والثالث من الصمود ومواصلة الاشتباك مع قوات العدو شرق وغرب القناة. هذا الصمود هو الذي حمي الانتصار الكبير وفتح الباب امام مسيرة السلام.